تقارير

ماهي تكهنات دخول الحركات المسلحة في الحرب ؟

ما احتمال انخراط الحركات المسلحة في حرب السودان؟
تمددت المعارك من الخرطوم إلى ولايات دارفور وجنوب كردفان وأخيراً النيل الأزرق
بعد أن تمددت نيران الحرب إلى دارفور، بات الوضع هناك هشاً ومقلقاً ما ينذر بانفجاره في أي لحظة، وذلك في ظل التململ الذي تعيشه الحركات المسلحة واحتمال دخولها في المعارك الدائرة بين الجيش وقوات “الدعم السريع” لا سيما على أثر اتخاذ العنف منحى عرقياً في بعض المناطق وبخاصة في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.

وأعلن والي ولاية شمال دارفور نمر عبدالرحمن نمر أنهم كحركات لن يقفوا على الحياد لحماية المدنيين، فهل وقت الحياد الذي سبق وأعلنته الحركات المسلحة انتهى؟

تحذير جدي

ونوه والي شمال دارفور إلى أن هذا الموقف لا يعني الدخول في حرب مع أي طرف من الأطراف المتحاربة لأن ما يهمنا الآن هو فقط أمن وسلامة المواطنين وممتلكاتهم، موضحاً أن ذلك سيتم عبر تكوين قوة مشتركة تضم عدداً كبيراً من قوات حركات الكفاح المسلح، “وبالتأكيد سيتم ذلك بالتنسيق التام مع كلا الطرفين (الجيش والدعم السريع) انطلاقاً من أن الهدف حماية المدنيين وممتلكاتهم في حال استمرار الحرب، ولا نسعى لخوض أي حرب ضد أي طرف من الأطراف، لكننا سنحمي المواطن بعيداً من أي حساسيات أو نوايا أخرى”.

هدوء وفجوة غذاء

وذكر عبدالرحمن نمر لـ”اندبندنت عربية” أن “ولاية شمال دارفور تعتبر حتى الآن من أفضل ولايات الإقليم من حيث الوضع الأمني بعد ولاية شرق دارفور وعاصمتها مدينة الضعين”، عازياً السبب إلى التعاون الأهلي الذي تم برعاية حكومة الولاية بين المكونات القبلية والمجتمعية فيها. وأكد أن الاستقرار بالولاية في تحسن دائم نتيجة الجهود الحكومية المشتركة مع لجنة الوساطة والحكماء العشائرية المستمرة في عملها حتى الآن.

وشكا والي شمال دارفور، في المقابل، من الوضع الإنساني الكارثي المتفاقم للنازحين بالولاية، على رغم أن وصول القوافل الطبية إلى الولاية أسهم كثيراً في انفراج الوضع الصحي، وخفف من معاناة المواطنين، لكن الأزمة الغذائية القائمة مقلقة وتشكل تحدياً كبيراً، بخاصة أن عدد النازحين بلغ نحو 51 ألف أسرة، بحسب تقرير مفوضية اللاجئين.

قوة ردع

وكشف عبدالرحمن نمر عن ترتيبات لإرسال قوة كبيرة من قوات حركات الكفاح المسلح خلال الأيام المقبلة لبسط وتعزيز الأمن بكل من محليتي كتم وطويلة بعد تدهور الأوضاع الأمنية بالمحليتين على أثر المعارك التي وقعت بين الجيش وقوات الدعم السريع مطلع هذا الشهر. وشدد، خلال تفقده أحوال النازحين في مدينة الفاشر، على أن حكومته لن تسمح باستهداف المواطنين الآمنين والعبث بممتلكاتهم، مطالباً قوات الدعم السريع بعدم المساس بحياة المدنيين أو بممتلكاتهم، ومؤكداً أن حكومته ستبذل جهودها لعدم السماح بنشوب حروب أهلية جديدة في الولاية أو الإقليم “نحن في حركات الكفاح المسلح لن نقف مكتوفي الأيدي بعد اليوم، ولن نسمح باندلاع مواجهات وحروب اجتماعية جديدة في الإقليم، مثلما حدث في بعض الولايات الأخرى” مناشداً قادة “الدعم السريع” بأن ما يحدث في محليات طويلة وكتم قد يقود إلى حرب ذات طابع اجتماعي، وهو أمر مرفوض تماماً من جانب حكومة الولاية، واتهم الوالي بعض الجهات من دون أن يسميها بالسعي إلى جر إقليم دارفور إلى حروب أهلية لكن حركات الكفاح المسلح لم تسمح بذلك.

تحذيرات

في الأثناء، حذرت اللجنة الإعلامية للقوات المشتركة “الدعم السريع” من مغبة تكرار محاولة الاقتراب والتعدي على الأسواق، مطالبة كل من وصفتهم بالمتفلتين ومستغلي ظروف الحرب بالابتعاد من المواطنين وممتلكاتهم. وشدد بيان اللجنة على ألا مساومة ولا حياد ولا رأفة يخص “الحكات الثلاث”، وهو المصطلح الذي أطلقه حاكم إقليم دارفور والمقصود به التعدي على مثلث (الأسواق والمدنيين والممتلكات)، واتهمت اللجنة “الدعم السريع” بالضلوع في الأحداث الأخيرة التي شهدتها سوق مدينة الفاشر، في الأسبوع الأخير من يونيو (حزيران)، بمحاولتها الهجوم على السوق، لكن القوات المشتركة المعنية بحماية وتأمين السوق تمكنت من التصدي للهجوم الذي تم من ثلاثة اتجاهات، وأسفر الهجوم عن سقوط جريحين من القوات المشتركة.

حماية المواطنين

أضاف بيان اللجنة الإعلامية للقوات المشتركة، الذي يحمل توقيع الرائد أحمد حسين مصطفى رئيس اللجنة “نحن في القوة المشتركة نعتبر أن هذا الهجوم تم غدراً، ونحمل قوات الدعم السريع المسؤولية عن الأضرار التي تعرض لها المواطنون الأبرياء”، مضيفاً “لا حياد في سبيل حماية المواطن وممتلكاته، لسنا دعاة حرب ولكن كل من يحاول مباغتتنا سنتعامل معه بالرد الحاسم”.

وكانت القوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان قد تعرضت قبل نحو أسبوعين لكمين مسلح في الطريق بين مدينتي نيالا والفاشر خلف قتيلاً وجريحين. وكشف الرائد مصطفى عن تمكن القوة المشتركة من إلقاء القبض على أحد المهاجمين بينما هرب الآخرون إلى جهة غير معلومة.

وعلى أثر ذلك، قامت أربع من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام بنشر مقاتلين واتخاذ التدابير اللازمة لتأمين مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور.

توسيع المهام

ولاحقاً جرى توسيع مهام هذه القوات، بحسب الرائد مصطفى، لتشمل تأمين إيصال المساعدات الإنسانية والطبية المرسلة من اللجنة العليا للطوارئ الإنسانية التي تتخذ من مدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر شرق السودان مقراً لها، بعد تسلمها عند المحطة الوسطى في ولاية النيل الأبيض ومرافقتها حتى وصولها إلى الفاشر، كما قامت هذه القوات بتأمين عمليات إجلاء عدد من رعايا الدول الذين علقوا في الفاشر ونيالا.

بعيداً من الحرب

وأكد المتحدث باسم القوة المشتركة التزام القوة المشتركة بموقفها المحايد في ما خص القتال الدار بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، منوهاً إلى أن مهمتها تنحصر في حماية وتأمين المواطنين، ومجدداً، في الوقت نفسه التأكيد أن القوة المشتركة لن تتردد في الدفاع عن نفسها وحماية ممتلكات المواطنين والرد المناسب على أي مجموعات تسعى إلى إعاقة مسيرة عملها ومهامها.

واندلع القتال بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، منتصف أبريل (نيسان) الماضي، لكن المعارك تمددت منذ ذلك الحين من العاصمة الخرطوم إلى ولايات دارفور وجنوب كردفان، وأخيراً النيل الأزرق.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى