تقارير

جريدة لندنية : المكون المدني في السودان يتحرك إقليميا دون رهانات على تحقيق اختراق

وفد من تحالف الحرية والتغيير يجري محادثات مع الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني في عنتيبي ركزت على سبل الحل.

الخرطوم – تحاول القوى المدنية في السودان البحث عن مخرج للحرب الدائرة منذ أكثر من شهرين بين الجيش وقوات الدعم السريع، لاسيما مع تراجع الاهتمام الدولي بإعادة الطرفين إلى طاولة الحوار.

وترى هذه القوى الممثلة في تحالف الحرية والتغيير أن البقاء مكتوفة الأيدي لا يمكن أن يستقيم، مع اضمحلال فرص العودة إلى السلام، وأنه بات لزاما التحرك والمحاولة، وإن كانت الرهانات على تحقيق أي اختراق تكاد تكون شبه منعدمة. وبدأ وفد من تحالف الحرية والتغيير زيارة إلى عنتيبي، حيث أجرى الوفد محادثات مع الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني بحثت تطورات الأوضاع في بلادهم.

وضم الوفد كلا من رئيس حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي الهادي إدريس ورئيس تجمع قوى تحرير السودان الطاهر حجر والقيادي في الحرية والتغيير والتجمع الاتحادي محمد الفكي سليمان. كما ضم عضو مجلس السيادة السابق محمد الحسن التعايشي، ووزير العدل السابق نصرالدين عبدالباري، ورئيس الحركة الشعبية – التيار الثوري الديمقراطي ياسر عرمان، وطه عثمان إسحق ممثلا لتجمع المهنيين، والقيادي في الحزب الاتحادي الأصل إبراهيم الميرغني وخالد عمر يوسف أبرز قادة حزب المؤتمر السوداني.

◙ القوى المدنية لا تملك أي تأثير لإعادة دفة الأمور إلى ما قبل الخامس عشر من أبريل وبالتالي فإن تحركاتها لا تعدو كونها تسجيل موقف

وقال الوفد في بيان عقب اجتماعه بالرئيس الأوغندي إنه “قدم شرحا وافيا للأوضاع الإنسانية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية المتردية عقب الحرب وخطورة استمرارها”. وأكد الوفد “أهمية وقف الحرب وإيجاد حل سياسي شامل وعادل يقود إلى جيش واحد قومي ومهني وحكم مدني ديمقراطي وسلام مستدام”، كما شدد على أهمية الدور الأفريقي في الحل.

وبحسب البيان، فإن الرئيس الأوغندي أكد تواصله مع قيادات الجيش والدعم السريع لحثهم على الحل السياسي، وشدد على أن أسس الحل يجب أن تنهض على الوقف الفوري للحرب، والوصول إلى حكم مدني ديمقراطي وجيش واحد والمصالحة بين المكونات السودانية. وأكد موسيفيني استعداده لمواصلة الجهود لمساعدة السودان على الخروج من هذه الأزمة الخطيرة وعودة السلام والاستقرار إلى البلاد.

من جهة ثانية أعلن التجمع الاتحادي أن رئيس المكتب التنفيذي بابكر فيصل غادر البلاد بعد أكثر من شهرين على الحرب، مبتدرا جولة إقليمية في إطار الجهود السياسية والدبلوماسية التي يقوم بها التجمع مع حلفائه من القوى السياسية والمدنية لمناهضة الحرب والعمل على إنهائها بعملية سياسية تفضي إلى الوصول إلى جيش مهني قومي واحد، ينأى عن العمل السياسي واستعادة السلام والاستقرار للبلاد بما يضمن إكمال الاستحقاق المدني الديمقراطي ويحقق مطالب ثورة ديسمبر.

ويستبعد متابعون أن تقود تحركات المكون المدني إلى أي اختراق في جدار الأزمة في ظل إصرار الطرفين المتحاربين على استمرار القتال، بغية تحسين شروط التفاوض في أي محادثات مستقبلية. ويشير المتابعون إلى أن القوى المدنية عمليا لا تملك أي تأثير لإعادة دفة الأمور إلى ما قبل الخامس عشر من أبريل، وبالتالي فإن تحركاتها لا تعدو كونها تسجيل موقف.

ووقعت القوى المدنية في الخامس من ديسمبر الماضي، اتفاقا إطاريا مع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو نص على خروج المؤسسة العسكرية من السلطة وتشكيل حكومة مدنية في فترة انتقالية مدتها عامان، لكن البرهان لم يكن متحمسا للمضي قدما في العملية الانتقالية، خشية تحييده، وقد سعت المنظومة السابقة لاستغلال هذا الأمر لإعادة خلط الأوراق مجددا، فكانت النتيجة اندلاع حرب بين الجيش والدعم السريع في الخامس عشر من أبريل.

ولم تفلح جهود قادتها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لوقف الأعمال القتالية. كما لم تلق خارطة الطريق التي طرحها الاتحاد الأفريقي في نهاية مايو الماضي لإنهاء الأزمة أي تفاعل إيجابي. وتنص الخارطة على ضرورة الوقف الفوري والدائم والشامل للأعمال العدائية، والاستجابة الإنسانية الفعالة لتداعيات النزاع، وضرورة حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، مع الالتزام الكامل بالقانون الدولي الإنساني، واستكمال العملية السياسية الشاملة بمشاركة جميع الأطراف السودانية، تنتهي بتشكيل حكومة مدنية ديمقراطية.

ويقول المتابعون إن من الصعب بمكان التكهن بنهاية قريبة للحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع، مشيرين إلى أن الأمر رهين شعور أحد الطرفين بإمكانية انهزامه ميدانيا. واندلعت معارك ضارية الثلاثاء بأنحاء أم درمان في الجزء الغربي من العاصمة السودانية في الوقت الذي يسعى فيه الجيش لقطع طرق الإمداد، التي تحاول قوات الدعم السريع إدخال تعزيزات من خلالها إلى المدينة.

◙ يصعب التكهن بنهاية قريبة للحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع لأن الأمر رهين شعور أحد الطرفين بإمكانية انهزامه ميدانيا

وقال شهود إن الجيش شن ضربات جوية وقصفا بالمدفعية الثقيلة، فيما وقعت معارك برية في عدة أجزاء من أم درمان. وأعلنت قوات الدعم السريع أنها أسقطت طائرة مقاتلة، ونشر سكان محليون مقاطع مصورة تظهر طيارين يقفزان من طائرة. ولم يصدر تعليق من الجيش حتى الآن.

وذكر سكان محليون أن الاشتباكات الجارية في أم درمان هي الأعنف منذ أسابيع وأن الجيش حاول كسب مساحات من الأرض، كما حاول صد هجوم لقوات الدعم السريع على قاعدة للشرطة. وقالت مناهل عباس (33 عاما) “في حي الثورة ضرب ثقيل جدا منذ ساعات، طيران ومدافع ورصاص.. أول مرة بالنسبة لنا يكون الضرب بهذا المستوى بدون توقف ومن كل الاتجاهات”.

وأعلن تحالف قبائل عربية من جنوب دارفور في مقطع فيديو نشر على الإنترنت الاثنين، ولاءه لقوات الدعم السريع، وحضّ أبناء تلك القبائل المنخرطين في الجيش على الانشقاق والانضمام إلى قوات الدعم السريع. وأدّى النزاع الدائر إلى مقتل أكثر من 2800 شخص ونزوح أكثر من 2.8 مليون شخص.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى