الأعمدة

همس القوارير ناهد اوشي : خالتي فاطمه بدري ..الرحيل المر

Nahedushi77@hotmail.com
خالتي فاطمه بدري ..الرحيل المر
15ابريل(السبت المؤلم) يعتبر اصعب تاريخ مر علي الشعب السوداني( لا أقول اسواء لان امر ابن آدم كله خير )ف رب الخير لا يأتي الا بالخير وان كان علي هيئة ابتلاء وامتحان عصيب .
فتيل قنبلة الحرب التي تدور رحاها الان منذ الثلاثة أشهر انتزع فتيل القنبله في افئدة الشعب السوداني واحرقت نيرانها حشاء الجميع فالكل مكتو بلهيبها. وتوشحت الامكنة اثواب الحداد حزنا وقهرا علي المصاب الجلل
ذاك المصاب اصاب الجميع في مقتل فمن لم يطاله قصف الدانات و الهاونات تتاوشته نيران البعد عن الديار فمن لم يمت برصاصة الغدر مات حسرة وقهرا وصدمة لما يحدث .فأكثر المتشائمين لم يرسم تلك الصورة القاتمه للوضع الحالي.
اكثر الذين قهروا وتالموا ونالوا من الوجع اضعافا مضافه هم كبارنا وتاج راسنا والخير والبركه من كبار السن الذين آمنوا زهره اعمارهم في اعمار المساكن وبناءها بالموده و السكينه والرحمه وغرسوا فيها القيم النبيله .وسهروا الليالي لأجل الاعمار واقتطعوا من اللقمه والراحه لتوفير مواد البناء والتشييد .فالبيت ليست طينا ورملا واسمنت وطوب ودهانات اسست علي أحدث طراز بل هي روح ودم وعرق وانفاس وذكريات وانتماء بمجرد ان ترحل الاقدام بعيدا عنها تزهق الروح وان كانت بالجسد .
هذا ما حدث تماما ل (شبيهه امي ) وتوأم روحها خالتي فاطمه بدري هي ليست اما ل(احمد. الهادي .عاصم .عصمت .عصام .سناء.سوسن.سهاد.ايناس ) بل امنا جميعا واشهد الله علي محبتها لنا ومودتها واقتباطها حين نزورها تفرح لمجينا وتسعد لاجلنا جميعا. خالتي فاطمه كانت أجمل ذكري من امي وابي رحمه الله عليهم جميعا فهي شبيهه امي بالجمال والطيبه والمحنه كنت اعزي نفسي بوجودها بيننا ودوام سؤالها عن احوالنا .كانت تخصني بالحب وتطييب الخاطر فهي اكثر من يشعر بي . لكن ياللللللله قد تيتمنا للمره الثانيه .لم يتحمل قلبها الحنون البعد عن دارها بامتداد ناصر والذي شيدته(طوبه .طوبه ) مناصفه مع الخال عوض احمد واختلط عرقها ودمعها ودمها مع (مونه ) البناء وتراصت المحبه والطيبه والكرم جنبا الي جنب مع (طوب )البلك ونقشت فنون التعامل واكرام الضيف والترحاب مع الوان الدهانات المتناسقه. منزلها بامتداد ناصر لم يكن مجرد حيطان متراصه ولا اثاث أنيق بل كان كتله من الحب والذكريات الجميله ومرتع تنشاءه الأبناء ونحن معهم عند كل زياره تقوم بنات خالتي فاطمه (الحبيبات الي قلبي ) بتخبئه احدي مقتنيات(ملابس .احذيه )حتي لانعود ادراجنا ونمكث أياما ننهل حبا واخا مع بعضنا البعض.
كل تلك الذكريات والتعب والشقاء يصبح فجاءه. وبدون مقدمات او ارهاصات يصبح عدم .وتندلع نيران الحرب لتجبر الجميع علي الرحيل قسرا وترك الممتلكات والديار للدمار والخراب في لحظه واحده . بالله عليكم كيف لكبارنا ان يحتملوا تلك الصدمه و اني لقلوبهم المتعلقه بالديار آن تستمر في الخفقان. هي مقهوره ومبعده قسرا عن محبوبتها (الديار) .لم يحتمل فواد خالتي فاطمه كغيرها من الكثيرين الذين فقداهم أثر الحرب فاثرت روحها الرحيل الي بارئها وانتقلت الي جوار ربها راضية مرضيه ترنو الي جنه عرضها السموات والأرض فهي مثواها وملاذها ومصيرها بما قدمت من خير في الدنيا ستجده بإذن الله في جنه النعيم .خالتي فاطمه رحلت وفي القلب غصة ووريت ثري غير جوار رفيق دربها الذي سبقها الي الدار الاخره علي وعد اللقاء في الجنه .انتقلت وكلنا قد تفرقت بنا السبل ولم نستطع ان نقالد بعضنا البعض لنعزي أنفسنا. وليست خالتي فاطمه فقط من انتقل بعيدا عن دياره كثر مثلها عانوا ما عانوا من قسوة التهجير القسري وما زالت في الحلق غصة بسبب ما فعلته بنا الحرب اللعينه .حسابنا يوم يختصم الجميع عند مليك مقتدر فالكل سينال جزاوه وما يحدث للشعب السوداني الان ذنب كبير معلق في الاعناق
همسه اخيره
كت دايراك مقنع حوبه
وكتين المضاري يبين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى