الأخبار

لماذا تراخى المجتمع الدولي في التعاطى مع الأزمة السودانية ؟

منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في السودان منتصف إبريل المنصرم ظل المجتمع الدولي  متحفظا وفي انتظار تقييم طبيعة الصراع بين المتنازعين وتردد كثيرا في اعتبار ماحدث تمرد عسكري وبات يكرر مايحدث شأن داخلي واصل النداءات لايقاف القتال وعمل ممرات انسانية والخطوة الاكثر جدية جاءت عبر الهدن في جدة لكنها فشلت ولم تفضي إلى تحقق وقف اطلاق نار قصير الاجل ناهيك طويل الامد ويبدو ان المجتمع الدولي  توقف عند النقطة المركزية التي غض الطرف عنها خلال الفترة الانتقالية وهي عسكرة الدولة، ويركز خلال هذه الحرب على ضرورة الانتقال السريع إلى فترة ديمقراطية، ومع أن ذلك لم يكن هدفاً سهل التحقق قبل الحرب، فإنه في خضمها يكون أقرب إلى التمسك ببدائل مستحيلة عوضاً عن بذل جهود لإيقاف المعارك.

وبسبب تراخي الجهود الدولية لحسم الحرب أو تقديم المساعدة الإنسانية والأمنية، انتهز أعضاء النظام السابق والتيارات الإسلامية التي كانت في حالة خصومة معه على أثر المفاصلة الشهيرة بين عمر البشير وحسن الترابي عام 1999 هذا التقاعس لتفعيل وسائلهم للوصول إلى سطح الأحداث. فالتخويف الشديد من ظهور الإسلاميين، جنباً إلى جنب مع الانتهاكات التي تنفذها “قوات الدعم السريع” على المواطنين واحتلال منازلهم وارتكاب حالات اغتصاب موثقة، أقنع المجتمع الدولي وبعض المنحازين السابقين للقوى المدنية الحليفة حالياً لقوات الدعم السريع باتخاذ موقف مناوئ لهم، مما أفرز هذه الحال التي ظهر فيها معظم السودانيين غير مؤيدين لموقف الجيش الذي لم يستطع حمايتهم.

في مواجهة التهديد الذي يلوح في الأفق باستمرار بأن الحرب الحالية ستتحول إلى حرب أهلية، الأمر الذي قد تكون له عواقب وخيمة إنسانية وسياسية وكلف اقتصادية محلية ودولية، تتبنى الأحزاب مواقف سياسية غامضة.

الألماني الحائز جائزة نوبل في الأدب عام 1972 هاينريش بول، وصف الآثار الطويلة المدى للحروب بالقول “لن تنتهي الحرب أبداً طالما أن الجرح الذي أحدثته في مكان ما لا يزال ينزف”. وعلى المدى الطويل، سيؤدي مزيج من عدم الإحساس بالمسؤولية، والرغبة في التفوق في هذه الحرب بأي ثمن، وهو ما تصر عليه قيادة الجيش و”قوات الدعم السريع”، إلى تقليل إحساس المجتمع الدولي بها. وبالفعل فقد بدأت تتلاشى الدبلوماسية الدولية لمعالجة الأزمات، وأصبح النفوذ الدولي أقل وضوحاً.

ورغم محاولات دول الجوار لرأب الصدع لكنها متعثرة لان الجيش واعضاء النظام السابق المؤيدين لاستمرار الحرب لديهم تحفظات على كينيا ، اثيوبيا ، تشاد وعليه تبقى المعضلة صعبة التعقيد  بعد ان تلاشت فرصة تحقيق الانتصار ميدانيا في المعركة الدائرة بين الجيش والدعم السريع بعدما توسعت في الخرطوم ونيالا مع حدوث خروقات لحركة الحلو في كردفان

والمشهد يقول أن الوضع الانساني بات حرجا في ظل غياب الارادة الوطنية لايقاف نزيف الدماء ودمار البلاد وهذا مؤشر قلل من حماس  المجتمع الدولي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى