الأخبار

قرارات جبريل تكشف عودته لمعسكر الأخوان والمقالين يقتربوا من الانضمام للدعم السريع

تُفاقم الإقالات داخل حركة العدل والمساواة تصدع الحركة التي بدأت تفقد تدريجيا ثقلها وتأثيرها على الساحة السودانية. ويرى مراقبون أن حسابات التموقع ستزيد من تأزيم الأوضاع داخل الحركة وتفتح أبواب الانشقاقات على مصراعيها.

الخرطوم – رفع جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة، وزير المالية في السودان، القناع عن موقفه السياسي وكشف عن انحيازه لجماعة الإخوان المسلمين عقب قيامه بإبعاد أربعة قياديين بارزين في الحركة على خلفية موقفهم الرافض لتقديم الدعم المباشر وغير المباشر للحركة الإسلامية التي تسعى إلى إطالة أمد الحرب الحالية.

وأطاح إبراهيم بكل من الأمين السياسي للحركة سليمان صندل، المسؤول عن ملف الترتيبات الأمنية الذي تمخض عن اتفاق جوبا الموقع بين الخرطوم وعدد من الحركات المسلحة، ومسؤول ملف التفاوض أحمد تقد، وأمين إقليم كردفان آدم عيسى حسبو، ونائب أمين التنظيم والإدارة محمد حسين شرف.

ولم يفصح قائد الحركة عن الأسباب الحقيقية التي دفعته إلى اتخاذ القرار، لكنه غير بعيد عن اجتماعهم الشهر الماضي مع القائد الثاني في قوات الدعم السريع عبدالرحيم دقلو في العاصمة التشادية أنجمينا، وأن جبريل لم يكن على علم بهذا الاجتماع.

نصرالدين يوسف: الإقالة ستكون مؤثرة مع الدور الذي تلعبه القيادات المقالة
وجاءت الإقالة بعد أيام مما كتبه سليمان صندل على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وأشار فيه إلى وجود طرف ثالث يسعى لإطالة أمد الحرب، في إشارة إلى الحركة الإسلامية، وطالب بالدخول في حوار لوقف ما أسماه “المحرقة”.

وحاولت حركة العدل والمساواة منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع أن تظهر كطرف غير منحاز، غير أن قائدها بعث بإشارات تفيد بأنه يعمل على تحييد مواقف حركته بما يخدم مآرب “الكيزان”، والمقصود بهم الإخوان في السودان.

ونفى جبريل إبراهيم، في رد سريع، صحة تقارير أشارت إلى لقاء عقده مع عبدالرحيم دقلو في تشاد وتأكيد أن حركته لن تتخلى عن دعم تنظيم الإخوان الذي يحتمي بالجيش.

وساند الرجل الانقلاب العسكري لقائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان الذي أطاح بحكومة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021، ولم يجر مراجعة سياسية على موقفه من هذا الانقلاب كما فعل قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي).

وقال مصدر مطلع بحركة العدل والمساواة لـ”العرب” إن “خليل إبراهيم فقد سيطرته على الحركة، وجاء قراره بعزل عدد من قياداتها ليوحي بأنه ممسك بزمام الأمور”.

وأوضح المصدر نفسه أن موقف قائد الحركة جاء بعد أن انشقت القيادات فعلا وانفصلت بالعتاد والقوات العسكرية التي تقودها، ومن المتوقع إعلان تأسيس حركة بديلة خاصة أن جبريل إبراهيم تتضاءل فرصه السياسية داخل الحركة في ظل التصدعات الكبيرة التي تمر بها منذ فترة.

وذكر لـ”العرب” أن “الحركة الإسلامية تعلم أن رجالاتها داخل العدل والمساواة غير قادرين على ضبطها، وحال جرى تشكيل حركة أخرى مع الإبقاء على ما تبقى فذلك سيشكل حفاظًا على صورتها العامة مع يقين بأنها فقدت بالفعل السيطرة على الجزء الأكبر من جيش الحركة”.

التحولات التي تمر بها الحركة التي كانت ظهيراً مهمًا للإخوان المسلمين في دارفور، تعبر عن هزيمة جديدة لها

وتعبر التحولات التي تمر بها حركة العدل والمساواة، والتي كانت ظهيراً مهمًا للإخوان في دارفور، عن هزيمة جديدة لها، وأن حاضنتها التي ترتكز عليها في الإقليم تتلاشى، ما يضع عراقيل في طريق توجيه الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع لصالحها.

ومن غير المستبعد أن تتوالى الانشقاقات في حركات أخرى، ما يوجه ضربة قوية للحركة الإسلامية التي تعمدت أن تخترق بعض الحركات المسلحة في أوقات سابقة والتحكم في بعض مواقفها السياسية قبل أن تندلع الحرب.

وأشار عضو هيئة محامي دارفور نصرالدين يوسف إلى أن “قرارات الإقالة، وما سيتبعها من انشقاقات في صفوف حركة العدل والمساواة، لا تعبر عن مفاجأة لأن التفاهمات السابقة منذ تأسيسها قامت على مناهضة نظام عمر البشير، لكن عقب الإطاحة به طفت تباينات عبرت عن تمكن الجناح الإسلامي بقيادة جبريل إبراهيم من اختطاف قرارها السياسي وتوظيفه لصالح الحركة الإسلامية السودانية”.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن “مواقف قائد حركة العدل والمساواة لم تكن على هوى جنرالات كبار فيها، خاصة عقب التوقيع على اتفاقيات تبقي الحركة داعمة لثورة ديسمبر التي أسقطت البشير. كما أن دعم الانقلاب العسكري على السلطة المدنية لم يحظ بتوافق كبير داخلها، وهو ما يجعل قرارات الإقالة مؤثرة في الحركة مع الدور الذي تلعبه القيادات المقالة”.

وتعمل الحركة الإسلامية منذ اندلاع الحرب على تأجيج الصراعات داخل تيارات مختلفة لديها أذرع قوية، بما يقوض مساعي التحول الديمقراطي الذي تدعمه قوات الدعم السريع، وتروج لشعارات تستهدف ضرب الحركات المسلحة في دارفور ودفعها نحو القتال إلى جانبها.

عبدالواحد إبراهيم: الكثير لديهم انتماءات تدفعهم إلى التقارب مع الدعم السريع
وقد يقود الاحتقان الذي تسببت فيه تصرفات الحركة الإسلامية داخل العدل والمساواة إلى تفكيكها بشكل يؤدي إلى انحياز القادة المقالين إلى الدعم السريع مرحليا، وإن لم يتم ذلك بشكل علني، والأقرب إلى التحقق هو الوصول إلى تفاهمات لاستعادة العملية السياسية وضبط المسار الديمقراطي من خلال تسليم الجيش السلطة إلى حكومة مدنية.

وحملت تدوينات كتبها سليمان صندل الكثير من المعاني في هذا السياق، حيث دعا الشعب السوداني إلى التحرك والتوحد لهزْم “الطرف الثالث”، في إشارة إلى الإسلاميين ومن يمثلونهم لأنهم سببوا للبلاد هذه الكارثة، وأصرّوا على تغذية واستمرار الحرب بهذا السلوك الانتقامي الذي يؤكد أنهم لا يعيشون إلا في أجواء الحرب.

وأكد المحلل السياسي السوداني عبدالواحد إبراهيم أن “انشقاقات العدل والمساواة متنوعة وتاريخية، والقرارات الأخيرة سوف تكون لها تأثيرات على مستقبل الحركة مع كثرة التصدعات التي تعاني منها جراء حالة الانفصام بين مجموعة من القياديين المحسوبين على الحركة الإسلامية وبين جنرالات جيش الحركة الذين يرون أن ذلك يضر بها، ويخشون تبعات معاداة قوات الدعم السريع بشكل علني”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “الكثير من قادة الجيش وصغار الضباط لديهم انتماءات قبلية وجهوية تدفعهم نحو التقارب مع قوات الدعم السريع ولا يميلون إلى الحركة الإسلامية. وجبريل يحاول إثبات التزامه بدعم خط الإخوان والحفاظ على التزامات دفعته نحو اتخاذ القرار الأخير حتى ولو كانت الحصيلة تفتيت الحركة”.

وتولى جبريل إبراهيم رئاسة الفصيل المسلح في حركة العدل والمساواة خلفاً لشقيقه خليل الذي لقي مصرعه على أيدي نظام الرئيس السابق عمر البشير بعد محاولة فاشلة للهجوم على الخرطوم عام 2008.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى