الأعمدة

خاص بملمح عام .. إمرأة شجاعة

صحوت صبيحة السبت 15 أبريل وانا أشعر بالرهق كنت خارجا قبل يومين من عملية استغرقت ساعات طويلة وعلى
أن اتعاطي أدوية في اغلبها مهدئات .. تناولت هاتفي كعادتي منذ زمن طويل
فتحت الواتساب الذي تشير اشعاراته لرسائل اكثر من المعتاد بكثير .. كانت الساعة تشير الي السابعة صباحا .. شعرت بدوار فبرغم اني خرجت من السودان وانا على يقين انه مقبل على حرب ولكن لم اتوقع ان تكون بهذه السرعة كان يحدوني الأمل بأن الأمر ستتم السيطرة عليه .. فتحت التلفزيون وبدأت اتابع أجريت بعض الاتصالات كانت الهواتف اما مغلقة او لاترد .. عندما وصلت الساعة الي العاشرة والمعارك مستمرة وانتقلت الي أماكن أخرى مروي القيادة القصر وغيرها عندها قلت لنفسي اندلعت الحرب ..
اتصلت بأولادي لأطمئن عليهم لقرب سكنهم من منطقة المعارك في ذلكم اليوم .. طلبت من ذكرى محي الدين أن تغادر المنزل لكنها رفضت مبررة ذلك بأن مكاننا اكثر آمانا وسنغلق ابوابنا علينا ، خاصة وأنهم لايعلمون ماذا يجري في الشارع .. اقتنعت بوجهة نظرها مرت الساعات ثقيلة جدا كنت اتصل عليهم كل فترة والثانية بالليل بدأت الحرب تقترب منهم اكثر واكثر ؛ كنت اتصل عليهم فاسمع صوت الرصاصة، صغيرتي مايا مرعوبة؛ لكنها تحاول أن طمأنتي؛ بأن لاشئ ..
تنقل الهاتف الي امها لتقول لي ذات الحديث بانهم الان انتقلوا قرب باب الشقة كانت أصوات الرصاص والدانات تأتيني عبر الهاتف .. الساعات تكاد أن تتوقف احساس بالضعف والهوان لاشئ يمكنني فعله لا استطيع ان اقدم مشورة أن قلت لهم اخرجوا لا اعرف ماذا يجري في الطرقات و لا اضمن ماذا سيجري لهم بعد دقيقة أن قلت لهم ابقوا.. اي امر انا فيه واي وضع اعيش وعليا أن لا أنقل قلقي عليهم إليهم .. هل سأراهم مرة أخرى هل سأضمهم الي صدري ساعة .. كنت اختلى بنفسي باكيا لم أخطر اشقائي بما يجري حول مسكن أولادي.. انقطعت الكهرباء وماتت الهواتف ..
يومين واطفالي وامهم لوحدهم تحت وابل الرصاص اخترقت طلقة دو شكا الشباك وباب الغرفة لتضرب لمبة الإضاءة في الهول ويتساقط زجاجها على مايا محدثات لها بعض الجروح الطفيفة .. محمد آه يا محمد قد انضجتك هذه الحرب قبل يومك وسأفرد لك مساحة خاصة .
الكهرباء مقطوعة قاومت الهواتف لفترة ومن ثم استسلمت للموت انقطع الاتصال بهم ..
استعنت بهاتف جاري في العمارة تلك الليلة لأطمئن عليهم .. وفي اليوم الثاني استسلم هاتف الجار الي مصيره .. اي قدر هذا واي مقادير هذه .. بدأت الأسئلة تتناسل وذي مابقولوا أهلنا(البشوفه القلب العين ماتشوفه) ..
في فترة الانقطاع هذه تزايد القتال حول مقرهم أشاهد بعضه في القنوات والآخر يأتيني من بعض البوستات المبتورة التي تتحدث عن شراشة المعارك في شارع المطار .
استعنت بصديقي عاصم كونكا مع علمي انه لن يقول لي الحقيقة فقال لي ما اتمناه (ياعثمان حتتكم مافيها حاجة المعارك بي هناك على شارع عبيد ختم) صدقته لاني اريد ذلك وكذبت عيوني تلكم اللقطات تشير بوضوح الي دار المحامين والطلمبتين والساحة الخضراء..
انتصف النهار وانا لا أعلم عنهم شيئا ..

ظهرا اتتني رسالة ( ابوي نحن طلعنا مشينا ناس وعد) ..

لك الحمد يا موجب الحمد دائما.
والرواية من هنا للأستاذة الشجاعة ذكرى محي الدين ..
عندما حل الليل اشتد القتال بشكلةجنوني كانت ذخات الذخيرة وأصوات الدانات تأتينا من كل الجوانب وقعت قذائف في العمارة المجاورة فاحترقت شقتين تجمعنا كل سكان العمارة والعمارة التي طالها القصف في شقة عم عابدين في الطابق الأرضي كنا قرابة الاربعين شخصا.. مضى الليل لم تتوقف المعارك لحظة شرقت الشمس اشتد اكثر ،، قليلا قليلا بدأت المعارك تخفت خرجنا لنستطلع مايجري . كل شئ يفوح برائحة الموت .. قررت عندها أن اصحب أطفالي وأخرج؛ بعد أن وجدت فتاتين يرغبن في الذهاب الي الديم فضلت ان اسلك الطرق الداخلية .. اخترت شارع ٥٣ عندما اقتربت من محمد نجيب أتت ركشة من الجهة المقابلة فنصحني سائقها أن لا اكمل بهذا الشارع واذهب بشارع ٤١ عدت وأصوات الرصاص والدانات تأتينا من كل مكان فعلا عدت ودخلت شارع ٤١ عند تقاطع واحد وأربعين مع محمد نجيب وجدناهم لم نتوقف مضينا في طريقنا مسرعين حاول الجندي أن يوجه لنا سلاحه فصرخنا نحن نساء ومعانا أطفال أرخي بندقيته او لم يرخها لاندري المهم وصلنا بيت عمي محمد في الديم ولم نصدق اننا نجونا
_ انتهت رواية ذكرى لرحلتها القصيرة الطويلة _
شكرا ذكرى
لاتخاذ القرار بمفردك وشكرا ذكرى لتنفيذك القرار بمفردك
وشكرا ذكرى لحملك هذا الحمل لوحدك في هذه الأيام
الكالحات.
قد تكون هذه الرواية بسيطة
والمخاطر فيها قليلة مقارنة باخريات عاشوها آخرين ولكنها بعض يوميات الحرب ..
الحرب دي لازم تقيف اليوم قبل الغد ..
#قبي_على_وطني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى