الأعمدة

ليله مامنظور مثيله ما بين اعتذار..المتنبى .. لسيف الدولة.. ومرامى مدارك ..كابلى

ملكة موهبة ذوق الاختيار عند مبدع الأجيال..كابلى فريدة..وعميقة.. شفافة..دقيقة ولها شعيرات ذلك الاحساس المترف فى تصنيف اختياراتها.بتلك الحساسية المرهفة المفرطة و ملمح الصياغة الشعرية ومعايير اللغة..وحلاوتها..ثم عبقرية اللحن المرافق لكرنفال تلك البهرجة..وكابلى مفتون ومهوس بشعر المتنبىء الذى شغل الدنيا وحير الناس
مثله مثل اديبنا الراحل الطيب صالح الذى كان يعشق المتنبى كثيرا ويتبع..مقاطع مجده ونظمه وخطاه..واعتذار المتنبى لسيف الدولة..له دوى ورنين..ونغم وايقاع..فقد اقتطع المتنبى بشعره.. وحلاوة نظمه حيزا..تباهى .به..واطربه..وهو يزجر مهره فى الخيل سرارا…ولعل الكابلى بصوته المزمار قد اعتلى صهوات كلمات المتنبى…مثلما عبرت تلك القوافى الجبال وخضنا البحارا..فالأمر فى منتهاه قد بلغ الرسالة وفض بكارة مضمونها وافاض فيها..
[ ] اول مرة استمع لاعتذار المتنبى فى جلسة سمر فى أواخر القرن الماضى فى مدينة أبوظبي العامره باهلها الطيبين..وكنا موعودون مع كابلى فحضر فى الميعاد ترافقه كوكبة من العازفين وبعض مرافقين له من أصدقائه المقيمين باابوظبي
كما تضمن الحضور نجوم من المجتمع السوداني … ولفيف من نجوم الوطن العربي علي راسهم الصوت الجبلي الفخيم وديع الصافي… الذي اجلسه الكابلي بجواره كانت من اجمل واروع ما رأت عيني جلسه مانظور مثيله ..وصدح باعتذار المتنبى .. والكل صامت يستمع ومزمار صوت كابلى يشق صمت الليل البهيم ويخترق حشا الايام وهو ويسافر الى ذلك الزمن حيث النجيمات البعيدة..وينقلنا ونحس باننا نجلس فى مجلس سيف الدولة الحمدانى..وعندما ردد الكابلى مقولة المتنبى..وما انا قد همت به ولا اضرمت فى القلب نارا….صرخ عملاق الطرب الاصيل وديع الصافي ..الله الله وبدا وكانه فى غفوة غيبوبة الطرب وكان يحمل مسبحة صغيرة فى يده فضغطها فانفرط عقدها وتناثرت على الارض..وصل إلى منتهى أقصى حالات الطرب. وسرى فى نخاع عصبه صوت كابلى…ليلها غنى كابلى كما لم يغن من قبل غني للعباسي وأنشد خمريات خليل فرح….والموشحات … وهنا صاح الديك الفصيح … وودع بعضنا البعض بحلم لقاء آخر…حقيقي لو كان حلم ماكنت سئمت.

اخر السطر
قد سمعنا ما قلت في الأحلام …
وانلناك بدر في المنام …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى