هل تنجح مصر في إنهاء الحرب في السودان
وصل رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان إلى مطار العلمين الدولي (شمال غربي) وكان في استقباله الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وكان بيان لمجلس السيادة الانتقالي في السودان أفاد بأن البرهان توجه
وهذه المرة الأولى التي يغادر فيها البرهان السودان منذ بدء الصراع مع قوات “الدعم السريع” في 15 أبريل (نيسان). وكان في وداعه بمطار بورتسودان الدولي نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار، والفريق الركن محمد الغالي علي يوسف الأمين العام لمجلس السيادة وعدد من الوزراء، ويرافق رئيس المجلس خلال الزيارة وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق ومدير جهاز الاستخبارات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل والفريق أول ميرغني إدريس سليمان، والمدير العام لمنظومة الصناعات الدفاعية.
صفقة؟
ورفض البرهان عقد صفقة مع قوات “الدعم السريع”، مؤكداً خلال زيارته مدينة بورتسودان في ثاني زيارة له خارج العاصمة الخرطوم، استمرار الجيش في “القتال حتى الانتصار”، ومستبعداً أي فرصة للمفاوضات. وقال قائد الجيش للجنود والصحافيين في قاعدة “فلامنغو” البحرية “المجال ليس مجال الكلام الآن، نحن نكرس كل وقتنا وجهدنا للحرب لإنهاء هذا التمرد”. وتابع “سنقاتل حتى نصل إلى بر الأمان والانتهاء من هذه المحنة أقوياء مرفوعي الرأس”.
وأتت تصريحات البرهان بعدما أعلنت قوات “الدعم السريع” عبر حسابها على منصة “إكس” عن خطة تحمل رؤيتها لحل الأزمة الحالية تحت عنوان “رؤية للحل الشامل وتأسيس الدولة السودانية الجديدة”، وتتضمن الخطة 10 مبادئ عامة بينها “الإقرار بضرورة تأسيس وبناء جيش سوداني جديد من الجيوش المتعددة الحالية، بغرض بناء مؤسسة عسكرية قومية مهنية واحدة تنأى عن السياسة”، الأمر الذي كان يرفضه دقلو باستمرار وكان سبباً جوهرياً لاندلاع الحرب الجارية.
معارك عنيفة
ميدانياً، دارت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، طوال أمس الإثنين، في منطقة أم درمان القديمة، وسلاح المدرعات الواقع جنوب الخرطوم، باستخدام الأسلحة الثقيلة. وبحسب شهود، فإن قصفاً مدفعياً عنيفاً متواصلاً شمل مناطق عدة في العاصمة، في ظل قيام الطيران الحربي التابع للجيش بالتحليق فوق سماء الخرطوم وإطلاق المضادات الأرضية لقوات “الدعم السريع” النار باتجاهات مختلفة وسط وشرق العاصمة.
وتسببت هذه المعارك في حركة نزوح وتهجير قسرية لسكان هذه المناطق، فضلاً عن أزمة شح وندرة في المواد الغذائية والتموينية، وكذلك انقطاع خدمات الكهرباء والمياه لأكثر من ثلاثة أشهر.
ودان محامو الطوارئ في السودان الناشطون في مجال حقوق الإنسان الحصار والانتهاكات التي تستهدف المدنيين بمنطقة الشجرة الحامداب المتاخمة لسلاح المدرعات التي تشهد قتالاً ضارياً، منذ أكثر من أسبوع متواصل، بين الجيش و”الدعم السريع”.
ودعا الى فتح ممرات آمنة لخروج المدنيين والسماح بنقل المصابين للمستشفيات لتلقي العلاج وبدخول الفرق الطبية والمتطوعين لإسعاف المرضى ودفن الجثث وإيصال المساعدات الإنسانية. ونوه البيان إلى أن المعارك المتواصلة بين الجانبين أدت إلى سقوط قتلى وجرحى وسط المدنيين في تلك المناطق، فضلاً عن تعرضهم للقصف العشوائي والاستهداف وعمليات السلب والنهب والاعتقالات والاحتجاز. ولفت أيضاً إلى المعاناة والمخاطر الشديدة التي تواجه المواطنين في تلك المناطق، بخاصة من ناحية نقص الغذاء الحاد والخدمات الطبية والعلاجية.
حماية مقار الجيش السوداني
وقال الباحث في مركز “الخرطوم للحوار” اللواء الرشيد معتصم مدني إن “الجيش السوداني من حيث التكتيكات ظل يعمل في خانة الدفاع طيلة الشهر الأول للحرب، من أجل حماية مقاره وقواته والحفاظ بقدر الإمكان على عتاده الحربي، وفي المقابل، “كانت قوات (الدعم السريع) تتحرك باندفاع كبير نحو أهدافها”، مضيفاً أن “من الواضح أن قوات (الدعم السريع) في حال تراجع من حيث القدرات القتالية سواء من ناحية العتاد الحربى أو القوات البشرية، لا سيما بعد أن أغلق الجيش طريق الصادرات (الخرطوم – بارا) وتنشيط وتفعيل دور قوات الشرطة والأجهزة الأمنية شرق ووسط البلاد”. ونوه بأن “قوات (الدعم السريع) تعمل في بيئة غير صديقة بسبب الأذى الكبير الذي تعرض له سكان ولاية الخرطوم من هذه القوات التي قامت بسلب ونهب أمواله وممتلكاته وقتل كثير من الأرواح، وهي جرائم وثقتها عيون الكاميرا ولا سبيل لمحوها أو إنكارها”.
مركز “الخرطوم للحوار”
وبين الباحث في مركز “الخرطوم للحوار” أن “الرقعة التي تدور فيها المعارك في السودان ليست كبيرة على رغم أهمية الخرطوم كعاصمة، وكموقعها أيضاً بالنسبة لاقتصاد البلاد، لكن مؤكد أن الجيش سينتصر في نهاية المطاف، وإن كان من الصعب التنبؤ بتوقيت الحسم نظراً إلى كثرة المتغيرات”. وشدد على أن “المفاوضات هي الحل النهائي لإنهاء هذا الصراع وتحقيق الاستقرار، فـ(الدعم السريع) فقدت معسكراتها ومواقع عتادها ومؤنها منذ اليوم الثاني للحرب، إلا أن هذه القوات اعتمدت على الأموال والممتلكات العامة والخاصة في منازل ومصانع ومزارع المواطنين”. ولفت مدني إلى أن معظم السودانيين لا يرغبون بوجود قوات مسلحة موازية للجيش الوطني.
وأسفرت الحرب الدائرة بين الطرفين عن مقتل نحو خمسة آلاف شخص، وفق منظمة “أكليد” غير الحكومية، لكن الحصيلة الفعلية مرشحة لأن تكون أكبر لأن هناك عدداً من المناطق معزول تماماً، كما يتعذر دفن كثير من الجثث في الشوارع، كما يرفض الجانبان الإبلاغ عن خسائرهما.