الأخبار

هل تلتقط الدوحة القفاز وتدخل وسيط لحل الأزمة السودانية

محمد أبو رزق – الخليج أونلاين
يمكن لقطر الدخول على خط الوساطة إلى جانب الجهود السعودية والأمريكية.
تعد قطر واحدة من الدول حول العالم التي لها تاريخ طويل في مجال الوساطة والتسوية الدبلوماسية في المنطقة، وهو ما يؤهلها للتدخل لإنهاء الحرب الدائرة في السودان.

وتحظى قطر بتقدير دولي وإقليمي؛ بسبب جهودها الدائمة في التدخل لحل النزاعات وتحقيق السلام، وهي معروفة بدورها البارز في المساعدة بإنهاء الأزمات والحروب في عدة مناطق من العالم، وبينها السودان التي رعت فيها اتفاقات للسلام في دارفور أعوام 2011 و2013 و2017، كما ساهمت في اتفاق تنمية الحدود بين السودان وإريتريا عام 2007 لمنع النزاع بينهما بعد عام من عودة العلاقات.

وفي السودان الذي يشهد حرباً داخلية بين الجيش وقوات الدعم السريع، منذ أبريل الماضي، برز دور دبلوماسي جديد لقطر من خلال مشاورات جرت في الدوحة من أعلى رأس الهرم السياسي في البلدين، إضافة إلى الدعم الإنساني الكبير لها.

كما تمتلك قطر علاقات وثيقة مع مختلف الأطراف في النزاع السوداني؛ ما يمكنها من تيسير التفاوض والتواصل بين الأطراف المتحاربة.

ويمكن لقطر الدخول على خط الوساطة إلى جانب الجهود السعودية والأمريكية التي بدأت منذ بداية الحرب السودانية، وتوجت بالإعلان عن عدد من الهدن الإنسانية التي لم تستمر طويلاً وشهدت خروقات، حيث أشارت الخارجية القطرية إلى استعدادها لذلك بوضوح.

مباحثات عالية المستوى
ظهر الدور القطري في السودان، من خلال جلسة مباحثات رسمية عقدت بين أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الخميس 7 سبتمبر الجاري، في الدوحة.

وخلال الجلسة أطلع البرهان، في أول زيارة له إلى دولة خليجية بعد الحرب، أمير قطر على مستجدات الأوضاع والتحديات التي يواجهها السودان.

كما تناولت الجلسة بحث “سبل دعم وتنمية العلاقات الأخوية القائمة بين البلدين، إضافة إلى مستجدات الأحداث إقليمياً ودولياً”، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء القطرية “قنا”.

وجدد الشيخ تميم تأكيد “موقف قطر الداعي إلى وقف القتال في السودان، وانتهاج الحوار والطرق السلمية لتجاوز الخلافات، وتطلعها إلى انخراط كل القوى السياسية السودانية في مفاوضات واسعة بعد الوقف الدائم للنزاع العسكري، وصولاً إلى اتفاق شامل وسلام مستدام يحقق تطلعات الشعب السوداني الشقيق في الاستقرار والتنمية والازدهار”.

وعقب انتهاء المحادثات، كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أبرز ما تضمنته زيارة البرهان لقطر والمباحثات التي جرت مع أمير البلاد.

وفي تصريح لقناة “الجزيرة” القطرية بيّن الأنصاري أن البرهان قدم في مباحثاته مع المسؤولين القطريين رؤيته للأوضاع في السودان.

وأوضح الأنصاري أن موقف بلاده منذ بدء الأزمة السودانية “كان وقف القتال والتمسك بالحوار”، مضيفاً: “لا حل عسكرياً للنزاع في السودان، والمواجهات الحالية ليست في صالح أي طرف”.

وأكد وجود حاجة لإنهاء القتال في السودان، “ثم المرور إلى حوار وبحث فرص حل سياسي، وقطر تبدي استعدادها للمساهمة بأي شكل إيجابي في هذا الإطار”، في إشارة إلى إمكانية قيام بلاده بالتوسط لحل الأزمة.

تأثير سياسي
الإعلامي والمحلل السياسي السوداني، أمير سيد خليفة، يؤكد أن قطر دولة لها تأثير سياسي ودبلوماسي كبير بالمنطقة، وهو ما يعطيها القوة للتأثير في الأحداث بالسودان وإمكانية قيادة وساطة جديدة.

ويقول خليفة، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “تتمتع دولة قطر بعلاقات جيدة ومتوازنة مع السودان”.

ويرى أن “فرص فرض واقع سياسي في السودان يكون الدعم السريع طرفاً فيه، سيكون ضئيلاً جداً”.

وحول الوضع الميداني، يوضح خليفة أن فرص الدعم السريع في تحقيق أي مكاسب سياسية ستكون ضعيفة، خاصة مع حسم الجيش عدداً من المعارك ميدانياً.

وإلى جانب خليفة، يؤكد الكاتب والباحث السوداني، بابكر عيسى، أن الدوحة تمثل علامة فارقة جداً فيما يتعلق بالعلاقات السودانية القطرية.

وكانت قطر، حسب عيسى، دوماً في قلب الأحداث في السودان، منذ حكم الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي قاد مصالحة بين إريتريا والسودان، كما رعى محادثات سلام دارفور في الدوحة، حيث تم التوصل إلى “إعلان الدوحة لسلام دارفور”.

وفي حديثه لتلفزيون “العربي”، يوضح عيسى أن لدى قطر مساهمات كبيرة جداً للسودان لمواجهة العديد من الأزمات كالسيول والفيضانات ومواجهة جائحة “كوفيد-19”.

ويشير إلى أن العلاقات القطرية السودانية تتميز بالخصوصية، وهي علاقات فريدة من نوعها، لافتاً إلى أن الدوحة تجد قبولاً كبيراً جداً من جميع السودانيين على مختلف توجهاتهم.

وحول زيارة البرهان للدوحة يلفت إلى أنها خطوة في الاتجاه الصحيح؛ لأن قطر ليس لديها أجندة سرية في السودان، وليس لها مطامع، وتسعى إلى وقف الحرب وإيجاد مخرج من خلال الحوار السياسي بين مختلف الفرقاء.

ويخلص عيسى إلى أن جهداً كهذا يساهم بقدر كبير جداً في إيجاد مخرج للأزمة التي يعاني منها الشعب السوداني بصورة غير مسبوقة على الإطلاق.

دعم وحشد
وحول موقف قطر من الأزمة السودانية، أكدت صحيفة “الشرق” القطرية أن موقف الدوحة أميراً وحكومة وشعباً، يقف إلى جانب السودان لتجاوز الأزمة الحالية.

وتوضح الصحيفة، في افتتاحيتها الجمعة 8 سبتمبر الجاري، أن الدور القطري يأتي انطلاقاً من حرص دائم على الحفاظ على وحدة السودان وأمنه واستقراره.

ولا تدخر الدوحة، وفق الصحيفة، جهداً في حشد كل الدعم لمواجهة تداعيات الصراع في السودان سواء على الصعيد الإنساني، من خلال دورها الريادي وعطائها السخي، أو على الصعيد السياسي بالتحرك مع كل الدول الشقيقة والصديقة، لدعم وقف الحرب وحث الأطراف السودانية على الاحتكام لصوت العقل وتغليب المصلحة العامة، واللجوء لنهج الحوار والطرق السلمية لتجاوز الخلافات وحل الأزمة.

قوى الحرية والتغيير
وسبق مباحثات أمير قطر مع البرهان إجراء رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مباحثات مع قوى الحرية والتغيير السودانية، خلال زيارة وفد لها للعاصمة القطرية الدوحة في 31 أغسطس الماضي.

وبحثت قوى “الحرية والتغيير”، وهي الائتلاف الحاكم السابق بالسودان، مع رئيس مجلس الوزراء القطري، سبل إيقاف الحرب واستعادة السلام في البلاد.

واستعرض الجانبان، وفق بيان القوى السودانية، آخر تطورات الأوضاع المتعلقة بسبل إيقاف الحرب واستعادة السلام في السودان”.

وتعكس مباحثات قوى الحرية والتغيير مع كبار المسؤولين القطريين والكويتيين إدراكها بأهمية الدور القطري والكويتي، وقوة البلدين السياسية والدبلوماسية في التفاوض والوصول إلى حل للصراع في السودان.

وتطمح قوى الحرية والتغيير السودانية من خلال المباحثات التي تجريها في قطر والكويت إلى تحقيق توافق شامل بين مختلف الأطراف المتنازعة، بهدف إيقاف الأعمال العدائية، وبناء مناخ من التعاون والتنمية.

الدور الإنساني القطري
خلال الحرب المستمرة في السودان، كان لقطر دور إنساني مهم من خلال تقديم المساعدات للسودانيين وإيصالها لأماكن الصراع.

وآخر تلك المساعدات كان إعلان الهلال الأحمر القطري، الأربعاء 30 أغسطس، عن تقديم مساعدات إنسانية بولاية نهر النيل شمالي السودان، تضمنت مساعدات صحية خاصة بالنساء والأطفال وحقائب إسعافات أولية، بالإضافة لمساعدات أخرى لذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال وكبار السن.

وزود الهلال الأحمر القطري الأطفال والطوارئ في مدينة بورتسودان، حاضرة ولاية البحر الأحمر، بكمية من الأدوية والمستهلكات الطبية الخاصة بالعمليات الصغيرة، إلى جانب تزويد إدارة الصحة الإنجابية بمواد لرعاية المواليد والأمهات.

واستطاع الهلال الأحمر القطري الذي نقل مقره من الخرطوم إلى مدينة بورتسودان بسبب الظروف الأمنية في الخرطوم، توصيل 250 طناً من المساعدات إلى 12 ولاية سودانية.

أيضاً أتمت قطر، الجمعة 18 أغسطس الماضي، الجسر الجوي الطبي الذي نفذته لمصلحة مرضى السرطان وغسل الكلى في السودان، بوصول آخر الطائرات التي تحمل المواد الطبية إلى مطار بورتسودان.

المصدر\ الخليج أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى