هل تنصب هجمات الحلو على كردفان في مصلحة الدعم السريع ؟
يرى بعض المراقبين أن الهجوم الذي نفذه الحلو أخيراً يقدم دعماً لحميدتي، لأنه يستغل ظروف الحرب بإشغال القوات المسلحة بمعركة جانبية وتشتيت جهودها، بدلاً من التركيز على المعركة الرئيسة، لكن في الواقع فإن ما يفرق بين الحلو وحميدتي، أكبر مما يجمع بينهما. ولذلك محددات عدة، الأول محدد إثني، إذ تعود جذور الحلو إلى قبيلة المساليت التي تنحدر من مجموعة قبائل وسط أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ووقعت بينها وبين القبائل العربية في مقدمتها الرزيقات التي ينتمي إليها حميدتي، نزاعات تاريخية نتجت منها مجازر، آخرها الأحداث الأخيرة في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، تبع الأحداث تفاقم الوضع الإنساني والأمني والصحي، وتعرضت الأسواق ومدخرات المواطنين إلى النهب والسلب مع تدمير الممتلكات العامة والخاصة، ووصفت منظمات الأمم المتحدة الأحداث المتكررة في المنطقة بأنها “عملية إبادة جماعية”.
والثاني محدد عسكري، فقد حارب حميدتي في دارفور الحركات المسلحة، منذ أن كانت قوات “الدعم السريع” ذراع الجيش ويد البشير الباطشة في دارفور، بعد أن حل حميدتي محل ابن عمه موسى هلال زعيم الجنجويد. ومنذ ذلك الوقت كانت “الحركة الشعبية لتحرير السودان” بقادتها المختلفين العدو التقليدي للجيش و”الدعم السريع” معاً.
والثالث، محدد سياسي، يتمثل في سيطرة “الحركة الشعبية- جناح الحلو” على منطقة كاودا الحصينة في إقليم جنوب كردفان، ورفضت توقيع اتفاقية السلام تحت رعاية المجلس العسكري بقيادة البرهان، ونائبه حميدتي، وعندما اشترطت إعلان دولة علمانية وحكم فيدرالي كامل للدخول في أي مفاوضات مع الحكومة، ووافق المجلس العسكري على ذلك ووقع اتفاق مبادئ، نقضت الحركة الاتفاق، وعادت إلى الهجوم على المجلس، أما الهجوم الأخير على قوات الجيش، فلا يعني أن هناك تقارباً بينها وبين “الدعم السريع”، وإنما تجسيداً للمبدأ المعروف “عدو عدوي صديقي”، وعندما ينزاح العدو الأول بالنسبة إليها، فإن المواجهة ستكون بين الرجلين بقوتيهما وعدتهما وعتادهما