الشرق الأوسط : ظهرت بعد خلافات بين قادة الجــيش والإسلاميين..من يقف وراء الهجمات بـ«المسيّرات المجهولة»
للمرة الثالثة تستهدف «مسيّرات مجهولة» مدينة جديدة في السودان ظلت خارج نطاق الحرب الدائرة منذ أكثر من عام… وما يزيد الشكوك حول هدفها، أنه لم تخرج أي جهة لتعلن مسؤوليتها المباشرة أو غير المباشرة عنها، بما في ذلك «الدعم السريع».
وخلال أقل من شهر تعرضت ثلاث ولايات سودانية، وهي: القضارف، وعطبرة، ونهر النيل، التي لم تدخل في القتال الدائر بين طرفي الحرب، لهجمات بطائرات من دون طيار استهدفت مواقع عسكرية تابعة للجيش ومؤسسات حكومية رسمية.
والهجوم الذي حدث، الثلاثاء، على مقر القاعدة العسكرية بمدينة شندي بولاية نهر النيل (شمال البلاد)، تزامن مع زيارة كان قد بدأها قبل يوم القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان للولاية، ولم يغادرها حتى ساعة وقوع الهجمات.
ووفقاً للبيان الذي صدر عن قيادة «الفرقة الثالثة» التابعة للجيش ليل الثلاثاء – الأربعاء، فإنها تعاملت مع طائرة مسيّرة بالمضادات الأرضية وتم تدمير عبوتها المتفجرة، وسقطت باقي الأجزاء في مباني مطار الفرقة من دون أن تتسبب في أي أضرار أو إصابات بالأرواح والمعدات.
وأعلن بيان الفرقة أيضاً، إسقاط طائرة مسيّرة أخرى مجهولة المصدر بعد ساعة في المكان ذاته، من دون أن يوجه أي اتهامات لأي جهة.
وبعد ساعات من الهجوم على مدينة شندي، نقل إعلام مجلس السيادة السوداني، زيارة قائد الجيش البرهان، إليها وتفقده مستشفى (الجكيكة) في بلدة المتمة التي تبعد نحو 20 كيلومتراً عن المدينة.
ودرج قادة الجيش، عقب خروج البرهان ونائبه الفريق أول شمس الدين الكباشي من مقر القيادة العامة بوسط العاصمة الخرطوم إلى مدينة بورتسودان شرق البلاد، ومعهم القيادات العسكرية الأخرى، على التنقل عبر المروحيات الحربية.
ونفت مصادر رفيعة في قيادة «الدعم السريع» لـ«الشرق الأوسط» أي صلة لها «من قريب أو بعيد بالمسيّرات التي استهدفت الولايات الثلاث»، ما عزز الشكوك في «وجود طرف ثالث خفي وراءها».
وكان البرهان أبدى تذمره، من تصدّر «كتائب الإسلاميين» لمشهد الحرب، وقال إنه السبب «وراء إدارة كثير من الدول ظهرها للسودان».
وذكرت تقارير صحافية محلية، أن كتائب الإسلاميين، بقيادة الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي: «تسعي للسيطرة على الجيش، وبعض الفرق العسكرية في الولايات لقطع الطريق أمام أي محاولة لقادة الجيش للذهاب إلى طاولة المفاوضات مع الدعم السريع في منبر جدة».
ووفقاً لمصادر، فإن الهجوم على مقر الحامية العسكرية في مدينة شندي بالتزامن مع زيارة قائد الجيش للمدينة، هدفه «توجيه رسالة من القادة الإسلاميين فحواها أن بمقدورهم سحب البساط من قادة الجيش إذا قرروا العودة للتفاوض مع الدعم السريع».
وترجح التحليلات فرضية أن «المسيرات صادرة عن كتائب الإسلاميين، وأنهم ورغم قتالهم مع الجيش، فإن كتائبهم وأبرزها (البراء بن مالك)، تعد من أوائل القوات التي تدربت على المسيّرات الدرون، واستخدمتها ضد قوات الدعم السريع منذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب، وهو الأمر الذي أكده قادة عسكريون في الجيش في مقاطع فيديو متداولة في وسائط التواصل».
يذكر أن خلافات حادة برزت إلى العلن بين قادة الجيش بشأن دور «المقاومة الشعبية المسلحة»؛ إذ طالب نائب القائد شمس الدين كباشي، بإخضاعها لإمرة الجيش، في حين رأى مساعد القائد ياسر العطا، أنه «لا سلطة لأي جهة على سلاح المقاومة التي يتقدمها أنصار النظام المعزول من الإسلاميين».
وبعد أيام من تلك الخلافات استهدفت «مسيّرات مجهولة» مناسبة حفل إفطار جماعي في رمضان أقامته «كتيبة البراء» في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات، من بينهم ضابط في الجيش على الأقل… وصمت الجيش عن التعليق على ذلك الهجوم، أو توجيه اتهام لقوات «الدعم السريع»، أو أي قوات أخرى.
ولاحقاً تعرضت مدينة (القضارف) عاصمة ولاية القضارف شرق البلاد لهجوم بمسيّرتين مجهولتين استهدفتها مباني السلطة القضائية، وراجت حينها أنباء تقول إن الهجوم «كان موجهاً لاستهداف عناصر من جماعة الإسلاميين يجتمعون بالمقر».
واستخدم طرفا الحرب المسيّرات من وقت باكر، لكن بحسب تقارير إعلامية «حصل الجيش على مسيّرات من إيران غيرت مسار القتال، ومكنته من استعادة أجزاء من مدينة أم درمان أكبر مدن العاصمة الخرطوم، بما في ذلك مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون».