رؤى متجددة / أبشر رفاي : على خلفية إنعقاد الدورة ٧٨ للأمم المتحدة إستراحة حول دولة المقر (1)
الولايات المتحدة الأمريكية الدنيا الجديدة الغرب الكبير بلاد العم سام وغيرها من الاسماء التي تطلق على هذا البلد الرائع الجميل الذي ظل وما أنفك حلم يراود الجميع على نطاق البسيطة شيبا وشايبات وشابات وشبابا ، تتعدد طرق الدخول إليها ولكن ستظل النافذة واحدة نافذة سفاراتها المنتشرة بدول العالم ، وحتى الذين يدخلونها عبر اليانصيب سعيد الحظ ( اللوتري ) أيضا يمرون من ذات النافذة ، عدا حالة الطوفان البشري الذي يأتيها من دول أمريكا الجنوبية المجاورة عبر طرق وأساليب في غاية الظرافة والطرافة والدراماتيكية والمجازفة لم يخطر بعضها من قبل على بال كبار الأبالسة وبراعم إبليس .
بالنسبة حاولت الدخول إليها عبر اليانصيب اللوتري عديد المرات كلها باءت بالفشل والسبب بالنسبة لى معروف لا يعزى لنظام اللوتري وإنما لحظي العاثر مع حكاية اليانصيب من زمن ( الكرتلة ) وهنا تحضرني قصة طريفة في المرحلة الإبتدائية في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي لتحدي حظي العاثر مع الكرتلة قمت بحجز ٢٨ نمرة من جملة ٣٠ نمرة من رموز اللعبة لضمان الفوز بعلبة حلاة إشراقة كبيرة ومعها باقة صغيرة عصير روزانا وحينما تم كشطها فاز بها آخر جرب حظه في النمرتين الباقيتن ، ومنذ ذلك الحين قنعت من حكاية النصيب المحلي واللوترى الأمريكي ( قنعة الطريفي من جمله ) كما تقول الرواية الشعبية الطريفة عن حاج الطريفي والذي يقال بأن إلبله الذي يمتطى قد ضيفه وأكرمه به الهمباتي الذي نزل عنده لحوم وشواءات وشواشو وكبد وسنكيت ، وحينما علم عمنا الطريفي في الصباح الباكر بالقصة حمل سرج جمله على ظهره وتوكل على الله لأن اي كلام مع همباتة ذلك الزمان سيضاعف الخسارة وكما يقولون ( الجاتك في مالك سامحتك ) .
أول مرة أقابل فيها شخصية أمريكية وجه لوجه كان ذلك في العام ١٩٩٧ بمناسبة زيارة وفد امريكي كبير للسودان في زمن المقرر الخاص كاسبر بيرو وكان من أبرز قياداته على ما أظن الرئيس الأمريكي الحالي جوبايدن ورئيس كتلة البلاك كوكس بالمجلس التشريعي لولاية بنسلفينيا الأمريكية الكائنة غرب ولاية نيويورك ، وقتها جوبايدن شاب فارع الطول شديد الأناقة يرتدي زي طبيعي أوف وايت ببلو فاتح حيث كنت ضمن وفد الأستقبال والمرافقة ، وهنا أذكر جيدا بأن الموضوع المركزي للوفد السؤال عن مدى حقيقة ممارسة تجارة الرق في السودان ، والموضوع يعتبر من أشهر كروت الضغط ومعزوفة الوتر الحساس التي ظل يطرق عليها بإستدامة نشطاء وساسة ذلك الزمان ببلاد العم سام ضد النظام ، وللإجابة على هذا السؤال المحرج للغاية فكرنا في ختام الزيارة وفي حفل الوداع مع الراحل المقيم السوداني الأصيل اللواء مهندس بابكر على التوم فكرنا في الرد والإجابة عليه بتوظيف قدرات الدبلوماسية الشعبية الطريفة وذلك بالذهاب إلى سوق ام درمان وشراء كمية من الهدايا الشعبية التي من بينها ألة الرق كتبنا في إطارها الخارجي بالغة الإنجليزية بما يفيد بأننا في السودان ماعندنا أي ممارسة للرق بالمعنى الذي تقصدون ، فالرق الوحيد الذي نعرفه هي هذه الألة الشعبية التراثية فقام بكشكشتها اللواء مهندس بابكر على التوم كمايفعل بالضبط الأعمام سرور وكروما وميرغني المأمون واحمد حسن جمعة وبادي أحمد الطيب ورائعته ( برير ود حمد ) وخلف الله حمد ورائعته في جدنا الكبير الشيخ ود بدر أبوقدحا بجر ( الكانداكا سيدي سيدي الأراكا ) فضج الحضور بالضحك حتى القهقهة ، فسألني بصورة خاصة المستر هرالد جميس الذي كنت أجلس بجواره قائلا بصراحة هل هذه هي الحقيقة قلت له بالضبط هي الحقيقة ولايصح إلا الصحيح ، وبعدها مباشرة قمنا بإلتقاط الصورة التذكارية وتبادل بعض المواد الثقافية اليوم تجدونها موثقة في مجلة الزيارة وعلى لوحات المجلس التشريعي لولاية بنسلفينيا الأمريكية الذي كان الرئيس جو بايدن عضوا فيه في ذلك الزمان عن منطقة بلاوير .
في العام ٢٠٠٩ تلقيت دعوة من أطر الأمم المتحدة للمشاركة في برنامج التنمية المستدامة ، بعد إستلام الدعوة توجهت لوزارة الخاجية للبحث عن موضوع التأشيرة على طريقة ( المودر بفتح خشم البقرة ) وقتها لاتوجد اي تأشيرة لأمريكا بالسودان ، في مكتب وكيل الخارجية في ذلك الوقت د مطرف صديق قابلت السفير الخلوق المحترم إدريس أستفسرته عن الموضوع فقال لي بالحرف الواحد للأسف لاتوجد تأشيرة لأمريكا في السودان ولكن لحسن حظك بعد قليل سيصل القائم بالأعمال وقتها المستر البيرتو فيردنانز ونائبه جونثان فولتر والقنصل شاش لمقابلة الوكيل ، بالنسبة لا أستطيع التوسط إليك ولكن أتركك انت وفلاحتك ، وبالفعل وصلوا ثلاثتهم وقبل دخولهم للسيد الوكيل قمت بعرض مشكلتي للسيد القائم بالأعمال فكانت المفاجأة بأن قال لي بالغة الإنجليزية رفاي I will do it here فكان ردي جاهزا thank you so much ، بعد استلام التأشيرة في زمن قياسي توجهت إلى إستانبول ومنها إلى نيويورك التي وصلتها في تمام الساعة الخامسة مساء بمطار جون كندي الدولي الرهيب المهيب ، وهنا ظهرت طرفة وحكاية جديدة ، فبينما نحن وقوفا في خطوط إجراءات الدخول على كثرتها لا حظت والذين معي كمية من النظرات المركزة مصوبة تجاهنا من قبل الجهات المختصة لدرجة أنتابنا الشك ياربي الحال شنو بالضبط خاصة في ذلك الوقت كثر الحديث والإتهامات ضد السودان والسودانيين ،
فلم تمض تلك الحالة من الريبة والخوف طويلا ، حتى وقف أمامي أحد أفراد أجهزة التأمين بالمطار قائلا لي من أين أنت قلت له من أفريقيا وفي أفريقيا من السودان ، فكانت المفاجأة الثانية السارة بأن قال بالإنجليزية عندك شبه شديد مع الرئيس باراك حسين اوباما ، وعندها تنفس الكل الصعداء فقال لي الراحل المقيم الشهيد عيسى الرشيد الذي إستشهد في طائرة وزارة الزراعة الشهيرة بالقضارف قال لي ( عاد بعد ده ) يأ أخوي رفاي نقدل قدل في أمريكا لمن جابت ليها رئيس عديل فرديت له بذات الظرفة بالمثل الشعبي ( أم ضنبا مقطوع ربها بحاحي ليها ) فضحكنا على الطريقة السودانية فضحك معنا من هم حولنا بما في ذلك الأمريكي كأنه فهم المثل السوداني الحكيم ، فلم تفارقنا هذه الملاحظة والتشبيه طوال فترة تواجدنا بالولايات المتحدة الأمريكية من داخل مقر الأمم بنيويورك والذي لم يكن بعيدا عن مقر البعثة السودانية الدائمة وصولا إلي العاصمة واشنطون D . c ، وفي مقر السفارة السودانية بواشنطون إلتقت بأحد الأعمام من جبال النوبة منطقة كيقات وهو من أقدم العاملين بالسفارة أمريكي من أصل سوداني قضى بأمريكا مايقارب الستة عقود حضر إليها في زمن الرئيس الراحل المقيم الفريق ابراهيم عبود ، سألت عمي عن قصة المجتمع الأمريكي الذي يصر بأن ثمة شبه بيننا والرئيس باراك حسين اوباك فالكل صار مقتنع بالشبه ما عدا شخصي ، ضحك عمي فقال لي بصراحة شديدة أنا شخصيا سجلت هذه الملاحظة من الوهلة الأولى من مقابلتك ولكنني إختلف شوية وبدرجة ما مع الذين يشبهونك بباراك أوباما لكن لو هم عايزين الشبه الجد جد مع والده حسين الذي عاصرناه هنا في واشنطون وهو آت جاي جديد كرت من كينيا والشبه أكد لي بما لايدع أبدا مجالا للشك حقيقة بأن باراك أوباما سوداني مئة بالمئة ومن جبال النوبة تحديدا لطالما من أنت من تلودي العاصمة التاريخية للجبال وكردفان الكبرى ، اما قصته ومواطنته الكينية هذه مصدرها القوات السودانية التابعة للأمبراطورية البريطانية التي آثرت التسريح والبقاء وإستدامة العيش في كينيا وهذه حقيقة إجتماعية يعلمها اي سوداني زار كينيا وعاش فيها ، التحية الخالصة عبر سفيرنا الرقم البارز بواشنطون محمد عبد الله إدريس التحية عبر للقائم بالأعمال ٢٠٠٩ الأمريكي البيرتو فردنانز ونائبه جونثان فولتر والقنصل شاس وإدارة البعثة في ذلك الوقت فهؤلاء رجال ونساء لن ننساهم ابد مادمنا في الحياة ولا ندري كيف يرد لهم الجميل بما قدموه لنا من خدمة خاصة وأن رد الجميل صعب ودين على العاتق والحسنة في ثقافتنا بعشر إمثالها ويبقى الشكر عبر عبير الكلمات قمة رد الجميل . وللقصة بقية كما تقول الإعلامية البارزة فيروز زياني في برنامجها الشهير بقناة الجزيرة وللقصة بقية بالرقم ( 2 )