معالم واماكن تاريخية في شارع البلدية بحري الحلقة ( 2 ) : حلواني بحري أشهر حلواني فى السودان بقلم: أمير شاهين
في الحلقة السابقة تحدثنا عن اهم المعالم التاريخية البارزة في شارع البلدية العريق في بحري، وفى هذه الحلقة سوف نتحدث بأذن الله عن معلم هام في بحري وهو حلواني بحري الذي صار واحدا من المعالم والاماكن العتيقة التي يعتز بها اهل بحري ويفاخرون بها الاخرين
اذكر في العام 2012 كان لدى صديق ام درماني اصيل من ابناء حي ودنوباوى العريق من عائلة المرحوم شاخور القطب المريخابى التاريخي وكان مشهورا بحبه الكبير وولعه بتناول الباسطة وكنت اقول له بانه سوف يصيبه السكرى في يوما ما , ولكن لان ارادة الله سبحانه و تعالى فوق كل شيء فان صديقي و بحمد الله يتمتع بصحة جيدة بدون امراض العصر السكرى و الضغط حتى الان , وكان على الدوام وعلى عادة الامدرمانيين الاصليين يداعبني بعقد المقارنات بين امدرمان و بحرى , وفى مرة من المرات جلب لي باسطة من واحد من اشهر محلات الحلويات ليس في ام رمان فقط بل وفى جميع انحاء السودان وذكر لي متفاخرا بانها الاولى في السودان واحنا ناس بحرى ما عندنا محل باسطة مثلهم وعند تذوقها قلت له انها فعلا وبدون مجاملة باسطة ممتازة جدا وما فيها كلام , ولأنني بحراوي ياباني ( اصلى) كما يقولون فقلت له اننا ايضا لدينا باسطة حلواني بحرى وهى منافس خطير لباسطة محلكم الشهير وما فيش حد احسن من حد كما يقول المصريين ! ويبدو ان صديقي اراد ان يتأكد من كلامي هل هو صحيح ام مبالغة وفشخره في الفاضي منى! فاشترى 2 كيلو من باسطة حلواني بحري ولأنه متذوق من الدرجة الأولى وصادق لا يعرف اللف والدوران فقد ذكر لي بانها فعلا باسطة متميزة ولا تقل جودة عن تلك الموجودة في محلهم المشهور! وزى ما يقولوا من ديك وعيك فقد أصبح بعدها زبونا دائما لحلواني بحري بل وكنت اراه في بعض المرات يأتي بصحبة عدد من أصدقائه أولاد ام درمان وكنت عندما ما اراه في المحل أقول له مداعبا لقد صدق فيك المثل الذي يقول ” علمناهم الشحاتة فسبقونا على الابواب ”
قال أحد الحكماء قديماعندما تصل إلى عمق معنى كلمة النجاح، تجد أنّها ببساطة تعني الإصرار وقصة نجاح حلواني بحري وشهرته الكبيرة في السودان كواحد من أفضل صانعي الحلويات في السودان، قصة فيها الكثير من العبر والدروس فالنجاح لا يأتي من فراغ او من اللاجئ بل هو نتاج طبيعي للكد والجد والمثابرة والعمل الدؤوب وقبلهم التوفيق من الله سبحانه وتعالى. ومحل حلواني بحري ليس استثناء! فوراء هذا النجاح رجل عصامي مجتهد ومثابر هو المرحوم ابوزيد احمد الزبير المشهور بلقب ” الدليل” والذي انتقل الى رحمة الله في سبتمبر 2022 , والمرحوم الدليل كما ذكر لي الدكتور ابراهيم عبد الحليم ابن اخ المرحوم وكان لصيقا به يقول بان
العم أبوزيد احمد الزبير الملقب بالدليل ورث الصنعة من جدنا ووالده احمد الزبير التاجر الخرطومى المعروف فجدنا احمد الزبير منذ الأربعينات هذا القرن كان يمتلك جزارة لحمة بسوق الخضار بالخرطوم مول الواحة حاليا بالإضافة للحلواني الشهير الذي اسماه العم الدليل لاحقا بحلويات اولاد احمد الزبير قبل ان يستقل لوحده في حلواني بحري بجوار اجز خانة الوطنية بحري المعروفة حيث انفصل بنفسه عن محلات اولاد احمد الزبير ليشكل لنفسه اولا حلواني بحري ومن ثم لسلسلة حلواني بحري بمختلف أنحاء العاصمة المثلثة. وجدي احمد الزبير هو من مهد الطريق لابنه ابوزيد السير في هذا الطريق الشاق فوفر له سبل التدريب والممارسة فلقد تلقى أبوزيد الصنعة بعد التحاقه بمخبز وحلويات بوستى الشهيرة آنذاك حيث تلقى تعليمه وتدريبه على صنعة الحلواني. يضاف لا بوزيد تطلعه للأمام دوما وحرصه الدائم على مواكبة كل ما هو جديد في عالم صناعة وتجارة الحلويات فكانت له رحلات المتكررة لمصر وسوريا وتركيا حتى يحسن ويطور اعماله فكما يقولون بان البقاء في القمة أصعب من الوصول اليها ويضيف دكتور إبراهيم بان عمه الدليل كان يزوره في المانيا للاطلاع على أحدث ما انتجته التقنية الألمانية من ماكينات صناعة الحلويات لديهم.
وقد ذكر لى أحد المختصين في مجال صناعة وتسويق الحلويات والمعجنات بان الدليل يعتبر من أوائل من ادخلوا وصنعوا الأنواع الجديدة من الباسطة مثل ورق القلاش وكعب الغزال وذكر أيضا أن أولاد الزبير ومعهم ا ابنه الدليل هم أول من أدخل ماكينة آيس كريم، وهم أول من علق لافتة مضيئة في سماء الخرطوم حملت اسم أولاد الزبير.
واما بالنسبة الى شخصي الضعيف فأنني وحتى الان كلما اتذوق باسطة في اية مكان في العالم فأنني أتذكر حلواني بحري والأيام الجميلة في بحري فأقول في نفسي لا توجد في كل الدنيا حلويات مثل حلواني بحري وانه لابد من بحري مهما طال السفر والترحال
نسأل الله الرحمة والمغفرة لآخونا الكبير الدليل وان يتقبله القبول الحسن ويرفع درجته فى جنات النعيم ويلهم اهله الصبر والسلوان