المنوعات

بريد فيينا” أنموذج جديد للصحافة الورقية في النمسا : عبد الكريم البليخ

مشروع مجلة “بريد فيينا” أنموذج جديد للصحيفة العربية الورقية في النمسا في حلتها القشيبة في صفحاتها السادسة عشر. هذا المنجز الثقافي الإبداعي، وإن كان يحبو في مراحله الأولى، إلّا أنّه يُعدُّ كبيراً وغنياً بمحتواه، والمستقبل كفيل بأن يُحقق رغبات وأمنيات المثقفين والمهتمين المقيمين في النمسا عرب وغيرهم.
مشروع “بريد فيينا”، صحيح أنّه صغير في حجمه، إلّا أنّه كبيراً في ما يتضمّنه من زوايا وتحقيقات وأفكار مختلفة، ومواد لها مشاربها الخاصة، ومحتوى يُلامس هموم وقضايا الأخوة العرب المقيمون على أرض النمسا بصورة عامة، كما أنه يُلامس قضاياهم في كافة الدول الأوروبية التي سبق لها أن احتضنت أعداد كبيرة منهم، وما زالت وإلى اليوم.
الخطوة التي قطعتها المجلة في أعدادها الأربعة الأولى، وبالرغم من الإمكانات المادية المتواضعة، إلّا أنّها حققت مكانتها ونجاحاتها وحضورها من بين بقية المطبوعات الأخرى، وأقبل عليها القارئ بشهية مفتوحة، وبكل تواضع، وهذه بداية، وبداية الألف ميل تبدأ بخطوة.
“بريد فيينا”، نشاط فردي للزميل طارق نايف شوشاري، الإعلامي والصحافي اللامع الذي سبق أن ترك بصمة في الإعلام العربي، وهو علامة مضيئة وشمعة لا يمكن لها أن تذوب أو تنطفئ لأنه يحمل في جعبته الكثير من التصور حيال الوصول بهذا المشروع الصحافي الجميل إلى برّ الأمان.
وفي لقائي مع الصحافي طارق شوشاري الذي استمر ساعات، في الواقع لم أشعر به، لأني كنت أصغي إلى إعلامي مخضرم. صحافي من طراز مختلف. إمكانات كبيرة، وجه تلفزيوني من طراز آخر. طاقة متجددة، وثقافة واسعة، ومنطق سليم، ونظرة ثاقبة من حقنا أن نفاخر ونعتزّ به، وهو الخبير في هذا المجال، المتمكن والمطلع على كل صغيرة وكبيرة، هنا في النمسا، المحطة التي يعيش على أراضيها منذ ما يقارب من ثلاثين عاماً. إنه علامة بارزة، وسبق له أن عمل في جهات إعلامية معروفة، ومحطات تلفزيونية لها شأنها.
ما سبقنا إليه الزميل شوشاري، الصحافي العارف بقضايا الإعلام والصحافة، فضلاً عن كثير من الأحلام التي يعوّل عليها، كبيرة، والرغبة الكامنة في داخله تتجدد وتكبر بصورة دائمة.
كما توقف الصحافي شوشاري عند مسألة الإعلام الحالي الذي أصبح، وللأسف، يمارسه كل من هبَّ ودبَّ يتسلقه يراقب ويكتب ويصوّر وينقل الحدث جزافاً دون مراعاة لأصول المهنة التي عشقناها.
إنَّ مهنة الصحافة فقدت كثيراً من مهنيتها بسبب التعديات التي واجهتها من قبل الكثيرينمن المتطفلين عليها، في الوقت الذي ندرك فيه أنّ الصحافة الورقية تظل لها اسمها ومكانتها ووجودها، وهي تحافظ على أصول المهنة الحقيقية والتي ابتعد عنها الكثيرون، وتوقف صحف كثيرة عن الصدور وللأسف لأسباب مالية.
ويؤكد زميلنا أنّ الصحافة الورقية تخضع فيها المواد قبل النشر إلى أشكال من التدقيق والمراجعة، وهذا ما تفتقده صحافة “النت”، أو السوشيال ميديا التي لا تخضع لأي رقابة أو تدقيق لما يكتب وينشر فيها، وإنما تُسلق سلقاً، ولهذا ظهرت وجوه غريبة من الشباب أساءت للصحافة وأفرغتها من مضمونها، وبتنا نشاهد كثيراً منهم من يحمل الكاميرا وينشر ويدّعي أنّه موظفاً في صحيفة ما، وكثيراً ما نشاهد ونفاجئ بأمثال هذه المسميات التي لا أساس لها من الصحة!.
إنَّ الصحافة الورقية تواجه كثيراً من الصعاب، وتسعى إلى إرضاء الناس أياً كانت مشاربهم.. فهي تحاول لفت نظرهم، وتتلقفهم وتهتم بهم لأنها تحترم عقل القارئ.
“بريد فيينا”، مشروع ثقافي سيستمر في الصدور كل شهر أو شهرين في الوقت الحالي حتى تسنح الفرصة المناسبة لأن يُقلع ويُحقق النجاح المنشود الذي يرسم طريقه بدقّة.
ما أباح به الزميل طارق كثير، فهو لا يهمه الكسب المالي بقدر ما يهمه النجاح والتألق والوصول إلى قلوب الناس. وكل ما يهم أن تحقق المجلة مكانتها، وتلقى إقبالاً من قبل القارئ الكريم طواعية وبدون إلزام أو إكراه توجيه من أحد. ما يأمله هو أن تكون المجلة في كل مكتبة وبيت، وبين يدي كل مغترب عربي مقيم في النمسا أولاً، وفي الدول الأوروبية البقية مستقبلاً.
في “بريد فيينا” سنقرأ المستقبل، وسيتحقق الحلم الوردي الذي رسمه زميلنا المجتهد الذي يبحث عن هدف واحد فقط وهو أن تحقق المجلة دورها ومكانتها وتكون زاداً غنياً لكل إنسان ينطق بلغة الضاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى