الأخبار

جولة جدة : محاولات سعودية حثيثة لانعاش المسار السياسي لإنهاء الأزمة السودانية

جولة المفاوضات الجديدة وهي الأولى منذ انهيار الجهود الدبلوماسية لإنهاء القتال في يونيو الماضي وتأتي بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق نار، لكن من السابق لأوانه مناقشة حل سياسي دائم.
الحرب في السودان دفعت الملايين إلى النزوح

الرياض – استأنف طرفا النزاع في السودان مفاوضاتهما في مدينة جدّة السعودية بهدف إنهاء الحرب المستمرة منذ ستة أشهر والتي أودت بحياة أكثر من تسعة آلاف شخص، حسب ما أعلنت وزارة الخارجية السعودية الخميس.

وتسعى السعودية التي ترعى هذه المفاوضات بالشراكة مع الولايات المتحدة إلى تحقيق اختراق جديد في الأزمة السودانية بوضع طرفي الحرب على سكة الحل السياسي بالتوازي مع تحرك أحزاب سياسية لتشكيل جبهة مدنية يشارك فيها رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك الذي عزله قائد مجلس السيادة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في انقلاب عسكري أقصى فيه الشركاء المدنيين من الحكم.

وبعد ما يزيد عن 6 أشهر من القتال بين الشريكين السابقين في الحكم: رئيس مجلس السيادة البرهان ونائبه سابقا الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع، لم يحسم أي منهما المعارك لصالحه، إلا أن الجيش السوداني تكبد في الفترة الأخيرة خسائر فادحة ومواقع إستراتيجية كان يسيطر عليها.

وانحسر نفوذ البرهان الذي غادر الخرطوم إلى بور تسودان قبل أشهر قبل أن يلتحق به نائبه الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي في 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري رغم الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على مقر قيادة الجيش وسط العاصمة.

وأثارت مغادرة الكباشي لمقر قيادة الجيش الذي فرضت عليه قوات الدعم السريع حصارا مشددا، أسئلة حول ما اذا كانت قيادة قوات الدعم هي من سمحت له بذلك ضمن ترتيبات تسبق أي حل سياسي محتمل.

وبعد فترة وجيزة من مغادرته أعلن الجيش السوداني قبوله الدعوة لاستكمال محادثات جدة، ما يشير بالفعل إلى ترتيبات سياسية محتملة مع أنه من المبكر الجزم بذلك.

وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان نقلته الوكالة الرسمية (واس)، إنها “تأمل التوصل إلى اتفاق سياسي يتحقق بموجبه الأمن والاستقرار والازدهار للسودان وشعبه الشقيق”، مضيفة “ترحب المملكة العربية السعودية باستئناف المحادثات بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وممثلي قوات الدعم السريع في مدينة جدة بتيسير من المملكة والولايات المتحدة الأميركية”.

وذكرت أن الرياض “تحث القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على استئناف ما تم الاتفاق عليه بينهما في إعلان جدة مع الالتزام بحماية المدنيين في السودان في 11 مايو وعلى اتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد الموقّع من الطرفين في مدينة جدة في 20 مايو 2023”.

ويشارك في مفاوضات جدة أيضا ممثلون عن منظمة “إيغاد”، التكتل المعني بالتنمية في شرق أفريقيا الذي تقوده كينيا الحليفة الوثيقة للولايات المتحدة.

وقالت الخارجية السعودية إنّ المملكة “تؤكد حرصها على وحدة الصف وأهمية تغليب الحكمة ووقف الصراع لحقن الدماء ورفع المعاناة عن الشعب السوداني”.

وتابعت أن طرف النزاع في السودان استأنفا مفاوضاتهما في مدينة جدّة بهدف إنهاء الحرب المستمرة منذ ستة أشهر والتي أودت بحياة أكثر من تسعة آلاف شخص.

وأكّد طرفا النزاع الأربعاء قبولهما دعوة لاستئناف التفاوض، لكنّ الجيش شدّد على أن “استئناف التفاوض لا يعني توقف معركة الكرامة الوطنية”.

ولم تنجح حتى الآن كل محاولات الوساطة، بما فيها الأميركية-السعودية، في إحراز أي تقدم على طريق وقف الحرب وأقصى ما توصلت إليه هو فترات وقف إطلاق نار قصيرة.

وقبل تعليق الجولة الأولى من مفاوضات جدة، ازداد إحباط الوسطاء من فشل الجهود من أجل التوصل إلى هدنة مستدامة.

وفي مؤشر قد يعزز جهود التوصل لحل سياسي ينهي الأزمة هو بداية تأسيس “الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية” في السودان في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بمشاركة شخصيات وقوى مدنية وسياسية على رأسها رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، مع استبعاد للإسلاميين الذين هاجموا الاجتماع.

وتبحث الاجتماعات وقف الحرب والتأسيس لفترة انتقالية تقوم على إعادة بناء السلام، وحل الأزمة الأمنية عبر توحيد الجيوش والتحضير للانتخابات.

ورأى خبراء أن البرهان ودقلو اختارا بدلا من ذلك حرب الاستنزاف، على أمل انتزاع تنازلات أكبر على طاولة التفاوض في ما بعد.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي ساعد في الوساطة في بداية الأزمة، قد وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل المفاوضات خلال زيارته إلى السعودية مؤخرا لبحث الحرب بين إسرائيل وحماس.

وقال مسؤولون أميركيون معنيون بأزمة السودان إن المفاوضات، وهي الأولى منذ انهيار الجهود الدبلوماسية لإنهاء القتال في يونيو، ستستأنف الخميس بهدف التوصل إلى وقف إطلاق نار، لكن من السابق لأوانه مناقشة حل سياسي دائم.

وأشار مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية طلب عدم كشف هويته الأربعاء إلى أن “الجولة الجديدة ستركز على ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وتحقيق وقف لإطلاق النار وإجراءات أخرى لبناء الثقة”.

ومع استئناف المحادثات الخميس، أفاد شهود عيان بتجدد القتال في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. وأعلنت قوات الدعم السريع أن مقاتليها سيطروا بشكل كامل على مواقع الجيش في نيالا، عاصمة جنوب دارفور وثاني أكبر مدينة في السودان من حيث عدد السكان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى