الأعمدة

إخوانياتنا الشاعرية والفنية والادبية .

اروع ما يجمع اهل الادب والشعر والفن بكل صنوفه ..انهم لاينفصلون عن اخائهم الروحي والوجداني ابدا مهما تفرقت بهم الانتماءات العرقية والسياسية وحتى العمرية وغير ذلك من تباين التركيبة الشخصية التي تكون لها بصمتها الخاصة في تميز السلوك الذاتي كطبيعة اختلاف الجنس البشري وكحكمة الهية في خلق المولى سبحانه تعالى المتنوع للأنسانية حيثما كانت .
ولعل ذلك قد تجلى في تكامل شلتنا الفنية والادبية التي تشكلت في زمان غربتنا وقد جمعتنا فضلا عن ابناء جلدتنا بكل اصناف الامم ..فاخذنا من بعضنا واعطينا ما وسعنا العطاء وخرجنا بمساجلات و اعمال فنية تخطى بعضها حدود وطننا مثلما جلب اليناما يضيف الكثير دون شك ..وكان من سلسلة تلك الجلسات الثرة ما يستحق التسجيل كثوثيق مؤطر في قالب الذكريات الاثيرة والآسرة للنفس ساحاول كلما سنحت الفرصة ان اسردها وانشر نماذج من منتوجها ان امد الله في الايام.
ففي جلسة عاصفة بالاعترافات الصادقة مع استاذي وتؤأم الروح الاخ الاستاذ اسحق الحلنقي ..قد قال ضمن ما افاض ان فترة الجفوة التي اكتنفت علاقة الثنائية المتفردة بين العملاقين الشاعر اسماعيل حسن ..والفرعون محمد وردي عليهما الرحمة .. لعلها كانت واحدة من الفرص التاريخية في بداياته التي ربطت بينه وبين وردي في منتصف ستينيات القرن الماضي وكما قال ..ولم اكن اتوقعها ولكن بالطبع لم يكن ذلك اي نوع من أنتهاز تلك الفرصة او..من قبيل ..مصائب قوم عند قوم فوائد معاذ الله ..لانني لم اخطط لها ولكن الاقدار هي التي خدمتتي فجعلت وردي بكل قامته يسأل عني وهذا من حسن طالعي بعد ان اعجبته اغنية
(الابيض ضميرك) ..
التي غناها الفنان الطيب عبد الله ..وكانت من باكورات انتاجي وانا ربما في اوائل العشرينيات من عمري .
ثم فجأة التفت الحلنقي ناحيتي ضاحكا بعد ان اخذ نفسا عميقا من رئة الذكرى قبل ان يسترسل وقال لي بطريقته الساخرة .
وانت بحاستك الصحفية ظللت تستلم مني الاعترافات تباعا ..ولكنك لم تقل لي شيئا عن رحلتك مع الشعر .
فتملكني الخجل وقلت له في ادب التلميذ امام معلمه..ومهما ذكرت لك ماذا يساوي مشواري ذلك القصير مع مسيرتك المفعمة بكل هذا العطاء الذي اثرى مكتبة الوجدان السوداني..فرد بلطفه المعهود..قائلا.. انا لا اقصد حجم انتاجك فهذا يجب ان لا يقاس بالكم طبعا وانما بالكيف..ولكني قصدت قصتك مع الشعر ..فلكل شاعر غالبا قصة تروى بالتاكيد.
قلت له ستأتيك في قصيدة متى ما اختمرت في ذهني ان شاء الله ..
وقد كان ذلك امتحانا لي بل وتحديا لطالما ارقني ودفعني لألخص تلك القصة المتواضعة في ابيات نشىرت عقب يومين من تلك الجلسة في جريدة الخليج الاماراتية ضمن الصفحة الثقافية التي كان يحررها استاذنا الاديب والشاعر والاذاعي المخضرم محمد الطيب عربي .. وكان ذلك في منتصف العام 1991
فكانت قصتي مع الشعر مختزلة في
نص بعنوان ..
(كان همسا في عروقي )
قلت فيها مخاطبا استاذي
واخي حلنقي ..
امد الله في ايامه وزادنا من نبع زلال وجدانه العذب..
يا نديمي انما شعري
خفق في ضاوعي..
انه عندي الحياه..
كان همسا في عروقي..
ونشيدا كالصلاه..
مثل حلم فيه ومض..
ايقظت روحي رؤاه..
وتنامى في خيالي..
كبريق في مداه..
ثم صار الهمس لحنا..
ادمن الحس صداه..
وغدا سحرا جميلا..
يشعل الذهن ضياه..
وتجلى السحر الوانا..
تنادت وتنغت كالشفاه..
ومعان ترسم اللحن..
قريضا في حروف منتقاه..
يا نديمي انما الشعر..
عيون ..وفنون..
من نقاء وجمال مستقاه..
كخميل في شعوري..
يغدق الراح شذاه..
هو للنفس دواء..
هو. للنفس دواء..
هو للنفس دواء..
قد حبانيه الإله ..
كلمة الصلاة.. التي وردت في القصيدة.. المقصود منها المعنى اللغوي وهو الدعاء.
اللقطة مع الاستاذ حلنقي التقطت لنا في شتاء العام 1983 في ضواحي مدينة العين الاماراتية وتحديدا باستراحة منتجع مزيد السياحي قبل انطلاق حفل تاريخي لثنائي العاصمة عليهما الرحمة والمغفرة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى