الأخبار

خبراء : استمرار القتال سيجعل البند السابع الخيار المطروح أمام مجلس الأمن

أثار قرار مجلس الأمن الدولي، الجمعة، القاضي بإنهاء بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في الانتقال الديمقراطي “يونيتامس”، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية الحقوقية ، حول مفهوم القرار وآلياته خاصة في أعقاب صدور قرار بتفويض مبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان وزير الخارجية الأسبق بالجزائر رمطان العمامرة بديلًا عن البعثة.
القرار الذي تم تمريره بأغلبية أعضاء المجلس الـ15 باستثناء روسيا التي امتنعت عن التصويت وجد ترحيبًا من المناصرين الجيش السوداني، “مجموعة الفلول”، الذين احتفوا بالقرار باعتباره نصرًا للجيش السوداني في حربه على قوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي، في ذات الوقت اعتبر بعض المعارضون لنظام الرئيس عبدالفتاح البرهان أن يكون للقرار تبعات أخرى مثل الانتقال للفصل السابع مع الأوضاع المتصاعدة جراء الحرب الدائرة الآن، واستنادًا على سابقة تفويض البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي بالتدخل في دارفور “يوناميس” إبان اندلاع الحرب 2003.
موقف الجيش والدعم السريع:

تأثير القرار على طرفي الصراع كانت نتائجه واضحة في الاختلاف فالحكومة أصلا لم تكن على وفاق مع البعثة منذ بداية عملها وبعد أن ساد التوتر بينهما طالبت مجلس الأمن بإنهاء عمل البعثة في نوفبر الماضي، وسارعت بالترحيب بالقرار بعد أن تخلصت من البعثة، كما رحبت بتعيين المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، بحسب بيانها، منشور في المواقع، والذي أكدت فيه “إن اعتماد قرار إنهاء ولاية البعثة، جاء استجابة لطلب السودان الذي قدمه لمجلس الأمن”، وأكدت حرص الحكومة على استمرار الارتباط البناء مع الأمم المتحدة عبر تعزيز دور الفريق القُطري والتعاون مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان العمامرة.

قوات الدعم السريع جاء موقفها على عكس موقف الجيش حيث ثمنت دور البعثة، وففًا لبيان مبذول في الوسائط،  فى أداء مهامها و شكرت مجهوداتها “المتعاظمة” طوال فترتها، والتى حققت نجاحات ملمومسة فى مجال تفويضها، خاصة دعمها وتسهيلها للعملية السياسية من أجل تحقيق الدولة المدنية والتحول الديمقراطي المنشود، والسلام الاستقرار السياسي عبر المبادرات السياسية وبناء القدرات لتعزيز السلام المستدام في السودان.

اليونيتامس مابين الإنقلاب والحرب:

أما رأي الخبراء الحقوقيون والقانونيين الذين استطلعهم “راديو دبنقا” كان من أجل تسليط الضوء على تفسير أبعاد القرار وتبعاته، وما إذا كان بديلا للفصل السابع أم لا، وهذا ما تحدث عنه الخبير الإعلامي والمتحدث الرسمي السابق لبعثة الأمم التحدة في العراق د. خالد دهب لـ “راديو دبنقا” قائلًا: إنَّ الانقلاب العسكري في 21 أكتوبر 2021 بقيادة البرهان ونشوب الحرب الدائرة الآن بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قد تسببا في عرقلة وتقويض عمل البعثة، وقال إنَّ مجلس الأمن الدولي  بقراره “الموحد” بإنهاء عمل البعثة رأي أنه لم يعد هنالك داعٍ لوجود البعثة في السودان وعملها أصبح مستحيلًا، لذلك جاء القرار بتصويت الغالبية باستثناء روسيا ولم يوضع عليه حق النقض “فيتو”، ويشير إلى أن البعثة في الأساس عملها تقديم العون والمشورة في الانتقال المدني الديمقراطي،  ولكن نسبة للأسباب التي ذكرتها أصبح من المستحيل أن تقوم بدورها، وتسائل كيف تساعد في الانتقال الديمقراطي “وهو غير موجود أصلًا ولامعمول به، وهنالك انقلاب عسكري أنهى الحكومة الانتقالية  تلته حرب ضروس  بين شريكي السلطة العسكريين، وأصبحت غير قادرة على عملها في تسهيل عملية الانتقال وتقديم المشورة والمساعدة لبلوغ الهدف النهائي، والمتعلق بإجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة لاختيار حكومة مدنية منتخبة تحكم البلاد.
البعثة في وضع غير آمن:
ويؤكد على ذلك بأن البعثة عقب الإنقلاب بدأت تلعب دور الوساطة بين الأطراف المختلفة وفي الآخر اندلعت الحرب والتي أصبحت العائق والمشكلة الرئيسية الآن، ويقول بعد تفاقم الأمر وأصبحت البعثة  تحاول البحث عن حل سلمي لهذه الحرب، وهذه كلها ليست من مهامها ولا اختصاصاتها، لهذا السبب رأت الدول الموجودة في مجلس الأمن إنهاء مهمة البعثة التي أصبحت هي غير آمنة والموظفين غادروا البلاد.

وحول احتمالات استعانة مجلس الأمن  بالفصل السابع والسماح باستخدام  التدخل العسكري لحماية المدنيين يقول الخبير الإعلامي الد كتور خالد دهب: إنَّ البعض يرى قرار إنهاء بعثة “يونيتامس” بداية لإرجاع السودان تحت الفصل السابع بيد أنه يرى أن الأمر ليس صحيحًا، وأن صدور قرار باستخدام الفصل السابع يعني الدخول في إجراءات طويلة تتعلق بوقف إطلاق نار ووقف عدائيات، حتى بعد ذلك يتم التدخل وفقًا للفصل السابع ونشر قوات دولية لحفظ السلام في السودان، والفصل بين القوات بإبقاء الاطراف المتحاربة متباعدة، واعتبر أن الاستعانة بالفصل السابع أمر سابق لآوانه الآن ويضيف: لا اعتقد أنه سيحصل في القريب العاجل ولكنه توقع أن يكون أحد الخيارات المتاحة، حال حدوث وقف إطلاق نار ووقف عدائيات.
مبعوث بديل للبعثة:
واعتبر دهب إنَّ قرار تعيين ممثل خاص لمبعوث الأمين العام للامم المتحدة رمطان العمامرة، قد أعاد السودان إلى الوضع الطبيعي قبل الحروب والانقلابات،  كما كان معمول به في كل دول العالم وخاصة الدول النامية، مشيرًا إلى  أن المنظمات والوكالات المتخصصة التابعة للآمم المتحدة هي التي تتولى العمل  ونبه دهب إلى أن الامم المتحدة ستواصل عملها في السودان في الجوانب المتخصصة مثل الانمائية والانسانية أما الجوانب السياسية فستكون من اختصاص العمامرة.
ويرى الخبير الإعلامي د. خالد دهب أن البديل الذي قدمه مجلس الأمن  بتفويض المبعوث الخاص رمطان العمامرة يختلف تمامًا عن التفويض الذي كان ممنوحًا لبعثة اليونيتامس، ويشير إلى أن العمامرة سيعمل على حث الاطراف المتحاربة في الوصول إلى حل سلمي ووقف إطلاق نار وصولًا إلى  سلام شامل، والعمل والتنسيق مع الاتحاد الافريقي  ودول الايقاد هم اللاعبين الأساسيين في منبر جدة، بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية وأمريكا ويقول إنَّ رمطان العمامرة سيكون  دوره متصل في تقديم الدعم والمساعدة لهذه المفاوضات للوصول إلى حل سلمي ووقف اطلاق نار دائم ووقف العدائيات والعودة إلى الدخول في عملية سياسية شاملة.
التدرج في الدخول في الفصل السابع:
وفي  ذات السياق لم يختلف الخبير في القانون الدولي د. نبيل أديب المحامي عن ما ذهب إليه د. خالد دهب في الاستعانة بالفصل السابع في السودان وقال لـ”راديو دبنقا” في الوضع الحالي من المستبعد خيار استعانة مجل الأمن بالفصل السابع، لكنه استدرك بقوله إنَّ ما تقوم به قوات الدعم السريع في دارفور والخرطوم من جرائم قد تصل إلى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وهنالك مايدعو للاعتقاد بتدخل أجانب في السودان، في إشارة إلى وجود مقاتلين في صفوف الدعم السريع، كل ذلك قد يقود للاستعانة بالفصل السابع ، ويرى أن ذلك يتطلب التدرج قبل استخدام الفصل السابع وإدخال القوة العسكرية، ونبه إلى أن حال تم الاستعانة بالفصل السابع فهذا لاصلة له بقرار إنهاء بعثة الأمم المتحدة في السودان “يونتامس”، ويشير إلى أن قرارالانهاء تم بطلب من الحكومة السودانية وأصلا البعثة تم انشاؤها وفقًا لاتفاق مع حكومة السودان.

ويشير الخبير القانوني  إلى أن القرار لايوجد فيه سلطة الارغام والإجبار وبالتالي هذه السلطة محتفظ  بها في الفصل السابع ووفق إجراءات محددة ومعروفة سلفًا لكن قرار مجلس الأمن صدر وفق الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، لأنه ينص على مساعدة الأطراف في التوصل لحلول للنزاعات الداخلية.
ووصف أديب قرار تعيين مبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة  بالموفق وعزا ذلك إلى أن السودان يمر في الوقت الحالي بحالة حرب، قد بلغت من الخطورة درجات واضحة لكل العالم وأن وجود مبعوث خاص للأمين العام لأهمية التواصل مع المنظمة الدولية، وعبر عن أمله في أن يتخذ المبعوث رمطان العمامرة موقف يساعد على التوصل إلى حلول للنزاع في السودان.
.

:الاستهانة بالقرار

من ناحيته حذر الناشط الحقوقي عبدالباقي جبريل مدير مركز دارفور للعون والتوثيق في جنيف،الجيش السوداني والدعم السريع  من الاستهانة بقرار مجلس الأمن بإنهاء عمل البعثة، ودعا الطرفين في حديثه لـ” راديو دبنقا” إلى النظر للأمور بأكثر جدية وإيجاد طريقة للاتفاق السياسي والتحول إلى الحكم المدني الديمقراطي، محذرًا من أن عدم التوصل لاتفاق عليهم مواجهة الحقيقة بتزايد الدعوات باعتبار أن ما يجري في السودان يمثل تهديدًا للأمن والسلم الدوليين وهذا الأمر تترب عليه آثارمن ضمنها سكون اتخاذ  قرارت إضافية

تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة بالتدخل العسكري بغرض حماية المدنيين في السودان وضمان ألا يتمدد الصراع لدول الجوار.  ويعتقد أن قرار المجلس بإلزام البعثة لنقل مهامها بصورة فورية للآمم المتحدة ووكالاتها وبرامجها في السودان أمر إيجابي، مشيرًا إلى أن البعثة  وجهت المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رمطان العمامرة بالإشراف على نقل مهام البعثة، ويرى ن هذا الأمر سيوفر له مرجعية معلوماتية كافية ودقيقة من مصادر أممية متعددة وموثوقة حول الشأن السوداني، واعتبر أن ذلك سيمكنه من إعداد تقارير أكثر شمولية حول حقيقة ما يجري في السودان مؤكدًا على أهمية نقل مهام البعثة للمبعوث الخاص خاصة وأن القرار طلب من العمامرة استخدام مساعيه  الحميدة مع الأطراف المعنية داخل السودان أوخارجه مثل  الاتحاد الإفريقي ودول الإيقاد في إيجاد حل سلمي للنزاع في السودان.

وبدا  جبريل مستغربًا من موقف الحكومة من قرار إنهاء عمل البعثة ويرى  إنَّ اعتماد القرار بإنهاء تفويض بعثة يونامتس لايدعو للاحتفاء وإدعاء البطولات ولايشكل نصرًا للسلطة العسكرية، وأرجع  صدور القرار بأغلبية أعضاء المجلس إلى أن السبب الحقيقي لهذا القرار هو المتغيرات الأمنية والسياسية على الأرض، وما وصفه بالنظرة الواقعية والصحيحة للمجتمع الدولي لما يجري في السودان من حروبات يستحيل معها عمل بعثة لديها مهام تتعلق بالمساعدة في الانتقال الديمقراطي.

وأصدر مجلس الأمن الدولي الجمعة، قرارًا، أنهى بموجبه مهمة البعثة  بتصويت غالبية أعضائه الـ 14 باستثناء روسيا التي امتنعت عن عن التصويت.
وفي يونيو 2020 أصدؤ مجلس الأمن الدولي قرارًا بالرقم  2524 قضى بتشكيل بعثة للآمم المتحدة في السودان يونيتامس برئاسة الألماني فولكر بيرتس، للمساعدة في عملية الانتقال السلمي والتحول المدني الديمقراطي.

وكانت “يونيتامس” بدأت عملها في مطلع العام 2021، لكنها وجدت معارضة كبيرة من فلول النظام البائد وقادة الجيش.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى