الأعمدة

العودة في القريب يا أستاذ صلاح لبيب انشا۽ الله / الوافي والكافي بقلم أمير شاهين

 

من افرازات الحرب الملعونة التي تدور رحاها في بلادنا منذ ابريل الماضي انها جعلت معرفة اخبار الناس لبعضهم البعض من اكبر الصعوبات و لا نقول المستحيلات وذلك بسبب صعوبة و رداءة و سائل الاتصال من جهة وخطورة الأماكن التي يحتلها الدعم السريع ويتخذها قاعدة لانطلاق معاركه ضد الجيش السوداني وكمثال فلا احد يعرف ما الذى يدور في كثير من احياء بحرى القديمة حتى الان مثل الدناقلة و حلة حمد وخوجلى و الختمية و الديوم حيث تنقطع الاخبار عن تلك المناطق لمدة طويلة من الزمن , وهذا الامر يسبب الكثير من القلق و الارق لمصير سكان تلك المناطق , والقلق يزداد بشكل كبير عندما يتعلق الامر ببعض الرموز و الشخصيات التي تصنف في خانة الثروات القومية , والذين قدموا لبلادهم و شعبهم جليل الاعمال و عظيم الخدمات في شتى المجالات , وبالأمس القريب وبعد عدة اتصالات كبيرة استطعنا الاطمئنان على الفنان القامة محمد ميرغني والذى رفد المكتبة السودانية ببديع الاعمال الغنائية الراقية والتي سوف تظل خالدة في وجدان السودانيين بما تحويه من رقة وجمال الكلمات و الالحان , وكذلك الحال فقد كنا في حالة تواصل منذ بداية الحرب مع اسرة الأستاذ صلاح لبيب شيخ الموثقين البحروايين و رائد الكتابة عن بحرى وتاريخها من خلال شقيقه وصديقنا النبيل الأخ سيف لبيب , وكان مصدر قلقنا هو ان الأستاذ صلاح لبيب و برغم حاجته المتواصلة للعلاج و الدواء كان رافضا رفضا باتا مغادرة بحرى وكان يقول اذ كان لابد من الموت فدعوني اموت هنا , فانا لن اغادر بحرى التي هي حياتي و معنى وجودي في هذه الحياة وبدونها لا معنى للحياة ! ويقول الأخ سيف لبيب ان الأستاذ صلاح طيلة الأيام السابقة كان ينتقل من مكان الى اخر داخل بحري ولا يفكر في المغادرة وفقا لتطورات سير المعارك، ومع استحالة البقاء في حلة حمد مسقط راسه وبيت العائلة فتارة يذهب الى المزاد وتارة الى الدروشاب وتارة أخرى الى الشعبية وفقط قبل عدة أيام بشرني الأخ سيف بان الأستاذ وافق على مضض وتحت الحاح جميع من حوله في مغادرة بحري والانتقال الى ولاية نهر النيل. وقد علمت بان مصدر حزن الأستاذ صلاح لبيب بالإضافة لمفارقة بحري هو انه كان يجهز لكتاب يحوي توثيقا كاملا لمدينة بحري ولديه الكثير من الأوراق والمسودات والمستندات والوثائق القيمةوالتى لا تقدر بثمن والتي تركها خلفه ويخشى عليها من الضياع او التلف او تقع في أيدي من لا يعرفون قيمتها!! وكنت قبل أيام قليلة من اشتعال الحرب قد اتصلت به طالبا منه ضرورة العمل على اصدار الكتاب عن تاريخ مدينة بحرى وحتى انه طلب منى ارسال بعض الصور لضمها الى الكتاب و لكن كما يقولون تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن وليس كل ما يتمناه المرء يدركه!
الأستاذ الصحفي الاديب والباحث و الموثق الكبير صلاح محمد لبيب عتيق همت (صلاح لبيب) هو بلا شك العاشق الولهان و الابن البار والمخلص لمدينة بحري مسقط راسه ومصدر فخره وعنوان هويته ووطن ابائه واجداده ونستطيع ان نقول بانه العاشق الولهان و المتيم بمدينة بحرى بناسها و اشخاصها و معالمها وكل ما فيها من شجر الى حجر ! ، وقد قدم الأستاذ لبيب جليل الاعمال وخير الاقوال والأفعال من خلال ريادته في الكتابة والتوثيق الدقيق الوافي لمدينة بحري نشأتها وتطورها وأنشطتها الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية , وبالنسبة لشخصي الضعيف فقد كانت هذه الكتابات وخصوصا سلسلة ” بحرى أيام زمان” التي كانت تنشر في صحيفة الراي العام في التسعينيات من القرن الماضي شكلت لنا حافز و تشجيع للخوض في مجال الكتابة و التوثيق ومحاولة السير في الطريق الذى مهده لنا الأستاذ صلاح لبيب, وكما نقول دائما ” ان شاء الله يوم شكرو ما يجي” فجزاه الله خير الجزاء على اسهاماته في نشر الثقافة و المعرفة و المعلومات المفيدة , ونسال الله ان تنتهى الحرب و تزول الغمة ويعود السلام و الامن و الأمان الى بلادنا مرة أخرى حتى يتمكن الأستاذ صلاح لبيب من العودة مرة أخرى و الارتماء في أحضان محبوبته و كل حياته مدينة بحرى وكما قال من قبل هنا ولدنا وهنا عشنا وهنا سوف نموت وهنا سوف ندفن قال ذلك وهو يشير الى مقابر حلة حمد والتي لا تبعد كثيرا عن منزل العائلة , مع صادق دعواتنا و امنياتنا للأستاذ لبيب بدوام الصحة و العافية و طول العمر .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى