بدأت الهجرة العكسية للخرطوم بسبب صعوبة المعيشة
تقرير : اشرف عبدالعزيز
حزمت الحاجة حواء عبدالله حقائب أسرتها عازمة العودة إلى منزلها بأمدرمان، ولم تجد المحاولات المستمرة من قبل شقيقاتها بالقضارف من إثنائها للعدول عن رأيها وتقاسم (النبقة) معهم وزاد عنادها زوجها عبدالرحمن الذي أقسم بأنه يريد العودة والموت في منزله الذي كدح سنوات عدة لبنائه.
أسرة عبدالرحمن ليست وحدها هي التي قررت العودة إلى الخرطوم مهما كلفها ذلك من تكاليف جسام أو تضحيات قد تصل إلى محوها من الوجود، فكل حركة (الباصات) السفرية بالولاية تشير إلى ذلك.
وأرجع مراقبون الهجرات العكسية من الولايات إلى الخرطوم لعدم توفر العمل في الولايات وعدم التزام الحكومة بصرف رواتب العاملين في القطاع العام أما القطاع الخاص دمر تماماً وما عادت لديه إيرادات ليصرفها على العاملين فضلاً عن ارتفاع تكاليف المعيشة وغلاء الإيجارات والغياب التام للمنظمات العاملة في حقل الرعاية.
الإيجارات غالية:
قالت الحاجة حواء عبدالله لـ(راديو دبنقا) إنها كلفت أقاربها أكثر من طاقتهم، ولن تعيش عالة عليهم أبد الدهر، وأضافت تسولنا ما فيه الكفاية وليس هناك أي فرص للعمل والإيجارات نار، وأردفت إيجار (القطية) في القضارف بـ(150 ألف) جنيها والغرفة (نص طوبة) بـ(250 ألف) جنيها أما الفندق اليوم الواحد بـ(15 ألف) جنيها أما الشقق الفندقية (700 ألف) جنيهاً للشهر الواحد.
محمد عبد الرحيم النازح إلى حاضرة ولاية البحر الأحمر بورتسودان قال لـ(راديو دبنقا) إن ” الإيجارات في بورتسودان مبالغ فيها والبيت المكتمل يصل سعر إيجاره في الشهر إلى مليون جنيه مليار بالقديم” واوفقه كل من عزالدين في ربك وعلي عوض الله المقيم في مدني والذي أشار في حديثه لـ(دبنقا) انه لولا الخوف على الأنفس لعاد إلى الخرطوم بأعجل ما تيسر.
كل المدن:
وقال مواطنون من مدينة الأبيض وهم يهمون لامتطاء (باص سياحي) للتوجه نحو العاصمة الخرطوم إنهم توكلوا على الله ولا يهمهم الخطر الذي سيحدث لهم في طريق بحكم المواجهات المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع ، وكشفوا عن أن الطريق السالك الآن هو طريق (القديم) (الأبيض – كوستي) وأضافوا بأنهم من كوستي سيتجهون نحو مدني ومن يريد العودة منهم إلى الحاج يوسف او بحري سيذهب من مدني مباشرة إلى الخرطوم أما اللذين يسكنون في أمدرمان سيذهبون من مدني إلى شندي ومنها إلى كرري.
وأشارت مصادر لـ(راديو دبنقا) عن تزايد في عدد النازحين العائدين للخرطوم من الولايات خاصة في مناطق كرري والحاج يوسف وبعض أحياء جنوب الخرطوم.
دعوات العودة والتسابق المحموم:
وبث والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة تطمينات للمواطنين وقال: إن “الشرطة ينتظرها عمل كبير لتأمين الاحياء الخالية من التمرد والقبض على عتاة المجرمين الهاربين من السجون وأصبحوا اعوانا للمتمردين في سرقة ونهب الاسواق والمحال التجارية والعربات وترويع المواطنين”.
من جهتها تحاول قوات الدعم السريع تحسين صورتها بتقديم خدمات للمواطنين عبر لجنة الظواهر السالبة لحسم المتفلتين على حسب زعمها كما قامت باستقطاب ضباط إداريين وأفراد من الشرطة للقيام بمهام السلطات المحلية التنفيذية في منطقة سيطرتها وبالفعل شرعت اللجان الشعبية التي كونتها في حملات للنظافة في بعض الأحياء.
الحياة في الخرطوم:
وبالرغم من توفر المواد الاستهلاكية في الخرطوم ورخص ثمنها خصوصاً في أسواق (المنهوبات) المشهورة بين المواطنين بـ(أسواق دقلو) بدأت تحديات تطل بوجهها أمام الأهالي في الذهاب إلى هذه الأسواق التي أصبحت محل استهداف طيران الجيش فيها لتواجد أفراد قوات الدعم السريع فيها بكثافة فضلاً عن أن هناك أحياء ما زالت تعاني من عدم وجود خدمات الكهرباء والمياه ، وجأرت غرفة طوارئ شمبات بالشكوى أول أمس محذرة من نفاد المواد الغذائية بالمنطقة ووفاة 5 مواطنين بسبب انعدام الغذاء (الجوع) أما أهالي الشجرة والحماداب في الخرطوم والمواطنون في الفتيحاب أمدرمان محاصرون ويناشدون المنظمات الحقوقية بحث الأطراف المتحاربة لفتح ممرات آمنة لهم وإخلائهم.
مراكز الإيواء:
وكشف مصدر بأن مراكز الإيواء في ولاية الجزيرة تعاني من أبسط مقومات الحياة وأن الأوضاع الصحية فيها سيئة للغاية. وتذمر نازحون بولاية القضارف من الاجراءات التي تتبعها السلطات بنقلهم من مدارس أو داخليات إلى أخرى أكثر سوءً وقذارة فيما قرر كثير من المتواجدين في مركز الإيواء بحلفا العودة إلى الخرطوم وتفضيل الموت على المعاناة.
وفي المقابل إنعكس تعثر المفاوضات بمنبر جدة وتصاعدت حدة القتال بين الجيش والدعم السريع في الخرطوم وأثر ذلك على حياة المدنيين اللذين فقدوا أرواح كثيرين منهم في (قندهار بأمدرمان – الفتيحاب 34 – جنوب الحزام الخرطوم) .