تقارير

دمار ممنهج للبنية التحتية الصحية في الخرطوم

خلال الأسبوعين الماضيين، أصدرت عدد من المنظمات الدولية العاملة في مجال الصحة والعون الإنساني، من بينها مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر واليونسيف ومنظمة الصحة العالمية، تقارير تحذر من أن النظام الصحي في السودان في طريقه للانهيار بشكل كامل وأن هناك حاجة لتدخل سريع من أجل توفير الحد الأدنى من الخدمات الصحية للسودانيين وخصوصا الأطفال.

تدمير ممنهج للبنيات الصحية

وفي حديثه لبرنامج ملفات سودانية، الذي يذاع حلقته يوم السبت 30 ديسمبر، شدد الدكتور عمر النجيب، وزير الصحة السابق واستشاري الصحة المهنية، الوضع الصحي الحالي بأنه وضع كارثي كما وصفته منظمة الصحة العالمية وأن وليس في ذلك مبالغة. وأضاف أن هناك كمية من المصائب حاليا يعاني منها النظام الصحي وفي مقدمتها أن الحرب الدائرة في السودان هي أول حرب يكون القطاع الصحي مستهدف فيها. وأشار الدكتور عمر النجيب إلى أننا شاهدنا ذلك أخيرا في الحرب في غزة، والجميع شاهد وسمع كيف استهدفت إسرائيل المؤسسات الصحية والمستشفيات في غزة. نفس المسلك حدث في بداية الحرب في الخرطوم، ويتذكر الجميع كيف كانت المستشفيات من أوائل المواقع التي قصد تدميرها وهذا أمر مستغرب. الإسرائيليون يقولون إن كوادر حماس موجودة في المستشفيات، المليشيات المتحاربة في السودان سواء أن كانت مليشيات الجبهة أو مليشيات الدعم السريع كلاهما يستهدف المستشفيات ويضربها عمدا مثل ما حدث في مستشفى شرق النيل ومثل ما حدث في مستشفيات أخرى والفظائع التي حدثت في الجنينة وتحديدا في مستشفى الجنينة خير شاهد.
واعتبر وزير الصحة السابق أن البنى التحتية للصحة تدمر عمدا مثل ما حدث في الخرطوم بعد خروج المواطنين، وضرب مثال بهجوم مجموعة من قوات الدعم السريع على منزل آمن يستخدم من قبل أطباء وشباب لعلاج الناس وتم تدمير كل شيء موجود في داخل هذا المنزل، بالرغم من أن أغلب من كانوا يتعالجون في هذا المكان هم عناصر الدعم السريع نفسه، وهو أمر مستغرب.

تضحيات كبيرة وصمود مجيد

وذكر الدكتور عمر النجيب بأن هناك قضيتين مهمتين، في هذه الحرب فقدنا مئات من الكوادر العاملة في المجال الصحي في الخرطوم وفي دارفور وأخيرا في المناقل في الأيام الفائتة. الرحمة لهم وحقيقة الموت فظيع، الموت لكل الناس فظيع، لكن للكوادر العاملة في الحقل الصحي أثاره غير الأثار على الأسر، أثاره المجتمعية ضخمة جدا، لأنك تفقد شخص صرفت أموال ضخمة وسنين طويلة لتأهيله وفقده ما ساهل وتعويضه ما ساهل. الرحمة والمغفرة لهم. المسألة الثانية والمهمة جدا وفي ظل الفظائع التي تشهدها هذه الحرب، ظل المئات وربما الألاف من الكوادر الصحية يتعرضوا للموت اليومي ولكنهم بقوا داخل السودان ليقدموا المساعدة لأهلهم وبلدهم في مجالات الصحة وفي المجالات الإنسانية الأخرى.

لا فرق بين الجيش والدعم السريع

واتهم الدكتور عمر النجيب الطرفين باستهداف المؤسسات الصحية وأن ليس هناك فرق بينهما. لحد كبير قبل هجوم الدعم السريع، تحملت مدينة ود مدني والزملاء من الكوادر الصحية في مدينة ود مدني تحملوا عبء السودان ككل. النظام الصحي في السودان كان نظام مختل بالكامل، كل من لديه مشكلة من الجنينة أو من حلفا كان ينتقل للعلاج في الخرطوم. عندما ضربت الخرطوم وتدمرت، قام الأطباء في ود مدني وزملائهم النازحين من الخرطوم تحملوا عبء السودان ككل. الأن كل مستشفيات ود مدني لا تعمل. وكذلك كل مستشفيات ولاية الجزيرة.

مسارات آمنة ومناطق مؤمنة للعلاج

وحدد وزير الصحة السابق في حديثه لبرنامج ملفات سودانية أن الإشكال الرئيسي حاليا هو تأمين وصول المساعدات الصحية لكل مناطق السودان. الخرطوم لم تدخلها شحنة دواء واحدة خلال الستة أشهر الماضية وهذا بشهادة الأطباء الموجودين داخل الخرطوم. كل ما يصل هي بعض الشحنات الصغيرة الموجهة لأفراد. وهناك عمل يجري حاليا مع نقابة الأطباء ولجان الطوارئ لتحديد الاحتياجات على أساس أن يوجه السودانيين الذين اعتادوا على دعم القطاع الصحي مساعداتهم بشكل مركز. لكن ذلك يواجه معضلة أخرى تتعلق بوصول المساعدات إلى وجهتها حتى في حال توفره. الحل الأساسي دون شك يكمن في إيقاف الحرب، في الانتظار يكون الحل فرض مسارات آمنة لإيصال المعينات الطبية والدواء للمحتاجين وكذلك تأمين مناطق وتوفير الحماية لها ليتلقى فيها السودانيين العلاج.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى