الأخبار

العرب اللندنية : تقدم تمنح البرهان السلم للنزول من فوق الشجرة

ناشدت القوى الممثلة في تنسيقية “تقدم” قائد الجيش السوداني العدول عن المواقف الخطيرة التي أعلن عنها، ومن بينها سد باب المصالحة مع قوات الدعم السريع، وإعلان استعداد الجيش لتسليح المدنيين لصد تقدم الأخيرة في الولايات والمدن الخارجة عن سيطرتها.

وتحاول تنسيقية تقدم التي تمثل المكون المدني في السودان، منح البرهان سلما للنزول من الشجرة التي صعدها، في ظل مخاوف كبيرة من تحول الصراع المندلع منذ أبريل الماضي إلى حرب “الكل ضد الكل”، وإمكانية دخول قوى إقليمية ودولية على خط الأزمة مع احتدام التوترات في البحر الأحمر.

وقال رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر إنهم مستعدون “للقاء البرهان حتى ولو في كرري.. وحتى لو مشيا على الأقدام إن هو قبل اللقاء”، مشيرا إلى أن التواصل مع الجيش أقل مما هو مطلوب في هذه المرحلة.

ولفت برمة ناصر في تصريحات صحفية إلى أن “هنالك جهة ثالثة عاملة (مسمار نص)، وتحول دون الوصول إلى حل وتعميق عملية التواصل مع الجيش”، مشددا على أن “المسؤولية الوطنية تحتم علينا أن نلتقي اليوم قبل الغد”. وقدم رئيس حزب الأمة شكره لقائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) على استجابته.. وما تم الاتفاق عليه مع تقدم، قائلا إن “الإعلان الذي جرى يتعلق بمصلحة الوطن وليس بمصلحة أفراد، طلبنا من حميدتي اتخاذ إجراءات عاجلة لعودة المياه إلى مجاريها، حميدتي أكد أنه على استعداد لإيقاف الحرب والانتقال إلى السلام”.

وأضاف “سنتحرك في كل الاتجاهات لضمان تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، لقد وجدنا من حميدتي إرادة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بالإعلان، وإذا لم نتجاوب مع متطلبات إيقاف الحرب، النتيجة ستكون التفكك”. وأثار خطاب ألقاه قائد الجيش السوداني الجمعة الماضية جزع السودانيين، حيث قطع فيه الطريق على كل الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لإنهاء الصراع، آذنا بمرحلة جديدة من الصراع، قد تكون هي الأحلك في تاريخ البلاد الحديث.

عمر الدقير: طلبنا مقابلة البرهان ومستعدون لمقابلته بأعجل ما يمكن
وقال البرهان في خطابه الذي لم يخلُ من تشنج إن الجيش سيقاتل قوات الدعم السريع “حتى تنتهي أو ننتهي”.

وأضاف البرهان أن “السياسيين الذين أبرموا اتفاقا مع الدعم السريع أخطؤوا بالحديث مع متمردين”، في إشارة إلى الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في أديس أبابا بين الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية “تقدم” وقائد قوات الدعم السريع لإنهاء الحرب.

وقال قائد الجيش إن “اتفاق السياسيين مع قوات الدعم السريع غير مقبول ولا قيمة له”.

وأعلن البرهان “تسليح المقاومة الشعبية بأي سلاح لدينا”، وقال “لن نمنع المقاومة السودانية من جلب أي سلاح”، مشيرا إلى أن “لا صلح ولا اتفاق مع الدعم السريع”.

وجاء خطاب البرهان ردا على الجولة الخارجية الناجحة لقائد قوات الدعم السريع التي شملت خمس دول أفريقية، وأيضا على اتفاق وقعه دقلو مع القوى المدنية والذي أكد خلاله على استعداده لوقف غير مشروط للحرب، مع أن قوات الدعم السريع حققت إنجازات عسكرية لافتة خلال الشهرين الماضيين.

ويقول مراقبون إن رد فعل البرهان يعود إلى نجاح دقلو في تقديم نفسه زعيما حريصا على السلام، وفي إقناع القوى المدنية بأنه يتشارك معها في نفس الأهداف القائمة على إنهاء الصراع وبناء دولة ديمقراطية تتسع للجميع باستثناء فلول النظام السابق الذين يتحملون مسؤولية تفجير الوضع في السودان في الخامس عشر من أبريل.

ويشير المراقبون إلى أن موقف البرهان يحمل بين طياته الخشية على طموحات شخصية في الحفاظ على تسيده للمشهد السوداني، وأيضا هو يعبّر عما تدفع باتجاهه فلول النظام السابق التي تعمل على إبقاء الحرب مستمرة لأنها بذلك تضمن استمراريتها، والتهرب من المساءلة.

ويقول المراقبون إن تصريحات البرهان تضع السودان أمام سيناريوهات قاتمة، وهو ما يفسر مسارعة القيادات المدنية للتحرك ومحاولة إقناع قيادة الجيش بأهمية إعلاء المصلحة العامة، حيث إن استمرار الحرب سيحرق الجميع، ويدخل البلاد في فوضى لن تستطيع تجاوزها، مثلما هو الحال في عدد من الدول. وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير إنهم يأملون في استجابة قيادة القوات المسلحة للجلوس معها والدفع باتجاه وقف إطلاق النار باعتباره المطلب الأكثر إلحاحا والذي لن يتحقق دون اتفاق الطرفين.

وجزم الدقير بأن إعلان أديس أبابا لا يمثل وثيقة وساطة أو اصطفافا ثنائيا، بل هو بداية تواصل مع أطراف أخرى للبحث عن مخرج لإيقاف نزيف الدم والتدمير في الوطن ومعالجة الكارثة الإنسانية التي تعصف بأهله، ولإبعاد البلاد عن منزلق الانهيار الكامل

ولفت في تصريحات لموقع “سودان تربيون” إلى أن الإعلان الذي وقعته تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية مع الدعم السريع الثلاثاء الماضي، جاء في أعقاب دعوة موحدة، شكلا ومضمونا، وجهتها “تقدم” لقيادة طرفي الحرب استجابت لها قيادة الدعم السريع.

وقال “لقد طلبنا مقابلة البرهان ومستعدون لمقابلته بأعجل ما يمكن، سعيا لتحقيق مصلحة الوطن التي تبدأ بوقف إطلاق النار وإنهاء معاناة التشريد وبشاعة الانتهاكات وكارثة التدمير، ومن ثم اعتماد الخيار السلمي لمخاطبة قضايا الأزمة الوطنية المتراكمة عبر عملية سياسية تطوي صفحة الحروب وتضع الوطن، بإرادة جماعية، على درب السلام والاستقرار والتحول الديمقراطي المستدام

وكشف عن مخاطبة “تقدم” السبت كلّا من الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال قيادة عبدالعزيز الحلو، وحركة تحرير السودان قيادة عبدالواحد محمد نور، والحزب الشيوعي السوداني وحزب البعث العربي الاشتراكي الأصل وستخاطب بقية القوى الوطنية الرافضة لاستمرار الحرب.

وأوضح رئيس حزب المؤتمر السوداني أن إعلان أديس أبابا ليس نصوصا مقدسة، وإنما هو جهد بشري يرحبون بالنظر فيه بعقول ناقدة حتى يتكامل مع رؤى الأطراف الوطنية الأخرى، الداعية إلى وقف الحرب، ليتم التوافق على رؤية مشتركة لعبور مستنقع الأزمة الراهنة. ولا يعرف بعد ما إذا كان البرهان سيتجاوب مع دعوات القيادات المدنية للقائه، خصوصا وأنه واقع تحت تأثير فلول النظام السابق، لكن مراقبين يرون أن امتناعه عن هذه الخطوة ليس في صالحه وأن الرهان على تسليح المدنيين والزج بهم في حرب على السلطة، لن يقود في النهاية سوى إلى تفكيك السودان، وهو ما تحاول أن تتفاداه القوى المناوئة للحرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى