الأخبار

العرب : حركة الحلو تستفيد من الأوضاع لتوسيع نفوذها في كردفان

الخرطوم – تستفيد الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبدالعزيز الحلو من تعقيدات الحرب بين الجيش والدعم السريع، لتحقيق مكاسب تدعم تمددها في ولاية جنوب كردفان بعد أن سيطرت قواتها على مدينة الدلنج، وهي ثاني أكبر مدن الولاية. وعمدت قوات الجيش الشعبي لإعادة انتشار قواتها في المواقع الشرقية والشمالية والجنوبية من مدينة الدلنج، بعد أن عززت حضورها وسط تجاهل قوات الجيش المتواجدة في حاميات صغيرة بها.

وتعمل قوات الحلو من وقت لآخر على مهاجمة مناطق واقعة تحت سيطرة الجيش، وهاجمت قواعد في كل من الدلنج وكادقلي بجنوب كردفان والكرمك بإقليم النيل الأزرق، وبسطت سيطرتها على عدة مواقع عسكرية. ويشير موقفها الحالي إلى براغماتية كبيرة تهدف منها إلى توسيع نفوذها المناطقي، تمهيداً لمطالب خاصة بالحكم الذاتي في إقليم كردفان، ويضم شمال وجنوب وغرب كردفان.

ويقوم النهج السياسي لقائد الحركة عبدالعزيز الحلو، والذي رفض التوقيع على اتفاق جوبا للسلام، على اختيار مسار سياسي مختلف عن كثير من القوى المدنية والحركات المسلحة، ما ينعكس على سير التوجهات العسكرية الآن، وأن الجيش الشعبي يحاول تحقيق انتصارات تدعم تحقيق طموحاته، حال وقّع اتفاقا مع الجيش أو الدعم السريع.

ويجد الجيش السوداني، الذي يعاني خسائر كبيرة حاليا، في قوات الحلو حبل إنقاذ له في جنوب كردفان مع عدم القدرة على الصمود على جبهات مختلفة، ويؤمن بعض قياداته أن الحلو يمكن التنسيق معه وتحقيق عوامل انتشار سريعة، عكس الدعم السريع التي تمددت في ولايات عدة وليس من السهل تسليم المناطق التي سيطرت عليها. وأشار مصدر مقرب من الجيش السوداني، تحدث مع “العرب” شريطة عدم ذكر اسمه، أن أسلوب قوات الحلو يقوم منذ بدء الحرب على استغلال الفرص التي تتاح لأجل التقدم لمواقع جديدة، وهو ما حدث في محلية الكرمك جنوب النيل الأزرق مع تفكيك حاميات الجيش هناك ثم كادقلي وأخيراً الدلنج.

 

نورالين صلاح الدين: الواقع يشير إلى تمدد قوات الحلو لدعم الجيش هذه المرة
نورالين صلاح الدين: الواقع يشير إلى تمدد قوات الحلو لدعم الجيش هذه المرة

 

ولن يمانع الجيش من وجود قوات الحلو فيها، ويعد ذلك أفضل حالاً من سيطرة الدعم السريع عليها. وأضاف المصدر لـ”العرب” أن سيناريو تسليم المدن والحاميات الذي تكرر في ولايات عديدة وآخرها مدينة ود مدني في ولاية الجزيرة، تكرر في مدينة الدلنج من جانب الجيش الذي تعاني قواته من عدم القدرة على القتال ونقص الأسلحة، وأن الجيش يحمل المسؤولية لقادة الحاميات وتوجيه اتهامات الخيانة لتبرير خسائره.

ولم يستبعد المصدر ذاته وجود تفاهمات بين قوات الدعم السريع والحركة الشعبية مستقبلا مع توقعات تشير إلى أن الطرفين سيظلان الأقوى في المعادلة العسكرية على الأرض في ولاية كردفان، ما يرجح إمكانية تشكيل تحالف لم تظهر ملامحه بعد مع توافق الطرفين على إبعاد الحركة الإسلامية عن السلطة تماما.

ويؤكد متابعون أن الحركات المسلحة من الصعب قراءة أهدافها بصورة واضحة أثناء تحركاتها العسكرية، وتتضح خططها حينما تجلس على طاولة التفاوض حيث تطرح من خلالها شروطها، وإذا كان هدف قوات الحلو السيطرة على جنوب كردفان بالكامل فذلك سوف يترتب عليه الدخول في صراع مع قوات الدعم السريع على الأرجح.

ووصفت عضو الفريق الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع فاطمة لقاوة في تصريحات صحفية ما جرى في الدلنج بأنه “إبادة جماعية لقبيلة الحوازمة” وهي إحدى القبائل العربية التي لديها جذور تابعة لقبيلة الزريقات، وأنه عقب دخول قوات الدعم السريع لمنطقة “هبيلا” مارست استخبارات الجيش العنف تجاه الإثنيات العربية المقيمة في الدلنج.

وتداول ناشطون مقاطع فيديو لأعداد كبيرة من جنود الجيش الشعبي برفقتهم أفراد من القوات المسلحة وهم يحتفون مع مواطني الدلنج، في ظل اتهامات من قبل الاستخبارات العسكرية بالتخطيط لإشعال حرب عرقية في ولاية جنوب كردفان بسبب وقوع اغتيالات طالت عددا من عناصر القبائل العربية. وأكد القيادي بالتيار الوطني السوداني نورالدين صلاح الدين أنه لا يمكن إثبات حصول تنسيق بين الجيش والحركة الشعبية للسيطرة على الدلنج، لكن الواقع يشير لتمدد قوات الحلو لدعم الجيش هذه المرة وسط مساع من جانب قياداته لوقف تقدم قوات الدعم السريع بأي طريقة.

وأوضح صلاح الدين في تصريح لـ”العرب” أنه ليس من مصلحة الحركة الشعبية الإقدام على فعل عسكري يسهم في إضعاف الجيش على نحو كبير، على الرغم من مواقفها السابقة ضده، لكن لديها خلافات عميقة مع قوات الدعم السريع، والجانب القبلي والإثني يأخذ بالظهور مع تحولات تشهدها الحرب تذهب للانتقال من نزاع عسكري لصراع قبلي. وتأسس الجيش الشعبي لتحرير السودان من شخصيات داعمة للحركة الشعبية لتحرير السودان الأمّ بقيادة الراحل جون قرنق في الحرب بين الخرطوم والقوات الجنوبية.

وبعد انفصال جنوب السودان بقيت الفرقتان التاسعة والعاشرة في السودان، ودخلتا في حرب مع الجيش السوداني في عام 2011، وسيطرتا على منطقة كاودا الجبلية الحصينة وشكلتا حكومة انفصالية وأطلقتا على محيط نفوذهما “المنطقة المحررة”. واستمرت الحرب بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش حتى سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، لكن عبدالعزيزالحلو لم يوقع اتفاق السلام مع الحكومة أسوة بمجموعة انشقت عن الحركة بقيادة مالك عقار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى