الأخبار

دبلوماسي مصري سابق : تسليح المدنيين يشجع قوات حمدتي علي ارتكاب المزيد من الجرائم

دون أدنى شك أن حل الأزمة في السودان يحتاج إلى تكاتف جهود مخلصة أفريقية وإقليمية بعيداً عن التدخلات الدولية الغربية التي مازالت تحمل جينات المستعمر الذي لا يعنيه من التدخل سوى اغتنام الفرص والاستحواذ على المكتسبات، وغني عن التعريف أن دولة السودان الشقيق ثرية بالثروات الطبيعية النفيسة، والتجربة أثبتت عملياً بما لا يدع مجالا للشك أن أي تدخل غربي لا يسفر عنه سوي تعقيد الأزمة و إطالة عمرها، لذلك لابد من وجود حل بجهود أفريقية وإقليمية مخلصة.

أكد السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الإعلان عن تسليح المدنيين في السودان يعني أن الجيش أو القوات التابعة لعبد الفتاح البرهان لا تستطيع أن تسيطر على الوضع، وإنها بدأت تتراجع وهذا أمر في غاية الخطورة، فالموضوع أتقدم في سياق الدفاع عن النفس، ولكن المفروض أن الجيش هو فقط الذي يوفر الحماية للمدنيين.

الأمر الآخر نحن لا نعرف كيف سيستخدم المدنيون هذا السلاح، كما أن تسليح المدنيين سوف يشجع قوات الدعم السريع على ارتكاب المزيد من الفظائع والجرائم ضد المدنيين مثلما تفعل إسرائيل، حيث أصبح لديهم عذر أو مبرر لهذه الجرائم، بدعوي أن المدنيين سيهاجمونهم بما لديهم من سلاح، ولذلك بادروا بإطلاق النار عليهم.

صراع على السلطة

وأستطرد هريدي قائلاً: الوضع في السودان وضع صعب جداً فهناك تعنت من قبل كلا الطرفين فلا “حمدتي” يريد أن يتنازل وكذلك البرهان وبناء عليه اعتقد أن السودان والشعب السوداني هو من يدفع الثمن وهو ضحية صراع على السلطة لا أكثر ولا أقل وكل طرف من هذين الطرفين يعلم في قراره إن بقاءه على قيد الحياة مرهون بتصفية الآخر وهذه هي خطورة الموقف.

وحول الحل المناسب لهذه الأزمة أضاف هريدي قائلا: إن هناك محاولات من بعض القوي المدنية بقيادة الدكتور “إسماعيل الحبروك” في أديس أبابا نتج عنها إعلان يسمي أديس أبابا. وهناك كلام حول توسع هذا الائتلاف الشعبي وانضمام قوى أخرى إليه وأتمنى لهذا التحالف المدني التقدمي الديمقراطي أن يساهم في إيجاد حل سياسي وتحقيق انفراجه في الموقف، فالوضع في السودان ليس له حل عسكري فمنذ 15 ابريل اي تسعة أشهر ولم يستطع أي طرف حسم المعركة.

كابوس التقسيم

وأشار هريدي إلى وجود مخاوف كبيرة من تقسيم السودان جراء تسليح المدنيين مع هذا الجمود العسكري وعدم قدرة أي طرف علي حسم هذه المواجهة. فإذا كانت الدولة المركزية مازالت موجودة ستبدأ تتهاوي والوحدة الوطنية أو ما تسمي بالوحدة الترابية للسودان تتعرض للتهديد، وقد تعلن بعض المناطق استقلالها أو تعلن الحكم الذاتي فيها، وقد تعلن بعد المناطق ولاءها لقوات الدعم السريع مثلاً، فالوضع في السودان خطير جداً والكل يدفع الثمن.

وحول عمليات التهجير أضاف هريدي أنه مرحب بالسودانيين حيث إن العلاقة بيننا وبينهم علاقة تاريخية استراتيجية، كما إن المسألة إنسانية، ولكن لا اعلم على وجه الدقة واقع الحال على الحدود مع السودان، هل هناك تشدد في الانتقال أم

لا؟ ولقد نما إلى علمي إن هناك كثيرا من السودانيين عادوا إلى بلادهم لكن إذا اشتدت المعارك فسوف يضطروا إلى الهجرة مرة أخري.

وسائل الإعلام

وحول ما آلت إليه الأمور في السودان وتأزم الوضع قالت دكتورة هدي راغب، أستاذة الاقتصاد والعلوم السياسية، لقد أثر انشغال وسائل إعلام دول العالم كله بالحرب الطاحنة بين فلسطين وإسرائيل وتلاحق الأحداث فيها وبشاعتها، على متابعة مجريات الأمور في السودان وتطورها، حيث تعاملت معظم وسائل الإعلام مع معطيات ما يحدث في السودان على إنه في نطاق الشأن الداخلي، رغم خطورة ما يحدث في السودان على الدول المجاورة لها حدودياً وعلي رأس هذه الدول مصر.

واستطردت راغب قائلة: ما يحدث في السودان قد يؤدي إلى تعدد الميلشيات بها خاصة مع الإعلان عن تسليح المدنيين وهذا الأمر سوف يزيد الأمر تعقيدا وسوف يعرقل عمليات السلام أو الهدنة إن صح التعبير فلن تكون المفاوضات بين طرفين فقط بل ستصبح بين أطراف متعددة مما يصعب درأ شبح الحرب الأهلية.

ميلشيات متعددة

وفي نفس السياق أضافت دكتورة هبة البشبيشي، خبيرة الشئون الأفريقية، قائلة إن تسليح المدنيين سوف يترتب عليه حرب أهلية متعددة الأطراف سوف تخرج خارج حدود السودان ولن يستطيعوا السيطرة على السلاح الذي سوف يدخل إلى الأراضي السودانية، وفكرة عدم منع المدني من استخدام السلاح ستزيد الأمر سوءاً، ويصعب التكهن بمن يستطيع أن يحمل السلاح ويواجه به الآخر وسيصعب التعرف على من يتبع القوات النظامية الحكومية ومن يتبع الميليشيات، وسوف تظهر ميلشيات أخري ولن يقتصر الأمر على ميلشيات الدعم السريع فقط بل ستظهر ميلشيات من المدنيين مثل

داعش و حماس و حزب الله من تحت الأرض.

وأشارت البشبيشي إلى أهمية السودان حيث إنها تحتل المركز الثالث على مستوي العالم في إنتاج الذهب وهذا من ضمن أسرار النزاع والصراع في السودان ومع تسليح المدنيين سوف يشبه الوضع في السودان الوضع في لبنان أبان الحرب الأهلية ولكن بصورة أكثر شراسة وحيث إن التركيبة السكانية عبارة عن قبائل افريقية، لذلك لابد من تدخل المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي ولابد من تدخل قوات اليونيفيل الدولية “قوات فض النزاع” فالوضع في السودان بالفعل أصبح مأساويا.

جريدة الأهالي المصرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى