الأخبار

هل تسعى مصر إلى إنشاء جبهة مدنية سودانية موازية لتنسيقية تقدم؟

بحسب مصدر تحدث لـ (التغيير) فإن نقطة الاتفاق بين مصر والإمارات والسعودية هي استبعاد الإسلاميين من المشهد الا ان مصر تريد دورا أكبر للجيش ونفوذا لشخصيات أمنية وعسكرية مرتبطة بها.

التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن

أكدت مصادر سياسية سودانية وجنوب سودانية ومصرية متطابقة لـ (التغيير) سعي القاهرة لتنظيم ورش عمل لعدد من المكونات السياسية والمدنية خلال الأسبوع المُقبل من فبراير الجاري، يشارك فيها مسؤولون من حكومة جنوب السودان.

وأكدت المصادر مشاركة الكتلة الديمقراطية إلى جانب عدد من أعضاء أحزاب منضوية تحت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) إلى جانب مشاركة ممثلين للمجتمع المدني.

مصادر جنوب سودانية: مشاركة وزراء جنوبيين في ورشة القاهرة

وأفاد مصدر مطلع لـ (التغيير) أن المخابرات المصرية بالتعاون مع مستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية توت قلواك ومدير جهاز المخابرات السوداني الأسبق المقيم بمصر صلاح قوش يعملون على تصنيع جسم مواز لتنسيقية (تقدم) لاستخدامه ككرت ضغط من قبل الحكومة المصرية لاشراكها في أي ترتيبات متعلقة بالسودان بعد الحرب.

وبحسب المصدر فإن نقطة الاتفاق بين مصر والإمارات والسعودية هي استبعاد الإسلاميين من المشهد الا ان مصر تريد دورا أكبر للجيش ونفوذا لشخصيات أمنية وعسكرية مرتبطة بها.

وكانت مصر صاحبة دور في تشكيل ما يسمى بـ “الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية” التي قوامها تنظيمات وشخصيات موالية لانقلاب 25 أكتوبر 2021 ومشاركة في اعتصام القصر الذي مهد للانقلاب.

فيما كشفت مصادر جنوب سودانية عن مشاركة المستشار الأمني لرئيس جنوب السودان توت قلواك إلى جانب الوزير ضيو مطوك في ورشة القاهرة.

نائبة رئيس حزب الأمة القومي مريم الصادق المهدي
نائبة رئيس حزب الأمة القومي: لا علم لي بمؤتمر القاهرة

وكانت تقارير صحفية أشارت إلى مشاركة نائبة رئيس حزب الأمة القومي مريم الصادق المهدي لكنها أكدت لـ (التغيير) عدم مشاركتها، وأبدت استغرابها من نشر صحف لخبر يتعلق بمشاركتها في مؤتمر لم تسمع بقيامه في الأساس.

وأضافت: “أنا مشغولة حاليا في التحضير لاجتماعات مؤسستي الرئاسة والتنسيق بحزب الأمة”.

من جهته نفى نائب رئيس حزب الأمة الفريق صديق اسماعيل مشاركته أيضا ردا على سؤال (التغيير)، إلا ان مصادر مطلعة أكدت لـ (التغيير) بأن الفريق صديق اسماعيل يقود تيارا داخل حزب الامة يطالب باشراك المؤتمر الوطني في أي ترتيبات لما بعد الحرب.

كما يطالب بدور أكبر لمصر وأن عددا من القيادات السياسية والمدنية البارزة المقيمة في مصر مشاركة في ترتيبات ورشة القاهرة المزمعة إلا أنها تحفظت على المشاركة العلنية تحسبا لاحتمالات فشل المخطط.

نائب رئيس حزب الأمة القومي ينفي مشاركته في مؤتمر القاهرة

اقصاء (تقدم)
أكد عدد من قيادات (تقدم) لـ (التغيير) عدم تلقيهم دعوة للمشاركة في المبادرة المصرية، فيما اعتبرتها بعض المكونات الحزبية اجتماعات خاصة بالكتلة الديمقراطية.

وقال القيادي بحزب التحالف الوطني السوداني ماهر أبو الجوخ إن الكتلة الديمقراطية لم توجه لهم دعوة لحضور اجتماعاتها نسبة لعدم وجود أي صلة رسمية تجمعهم معها منذ اختطافهم لمسمى (الحرية والتغيير) واستخدامه لاعداد مسرح انقلاب اكتوبر.

مشيرا إلى استمرارهم فيما وصفه بـ “اختطاف المسمى” والتزوير بإضافة أطراف لم تكن تاريخيا جزء من الحرية والتغيير.

وعلى الرغم من عدم دعوة القاهرة لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) إلا أن عددا من المصادر السياسية أكدت سماح الحكومة المصرية لعدد من قياداتها بدخول أراضيها.

القاهرة تمارس ضغوطا على القوى السياسية عبر حرمانها من تأشيرة دخول أراضيها

حرمان وضغوط
وكانت القاهرة تمارس ضغوطات على القوى السياسية بحرمانها من الحصول على التأشيرات لدخول أراضيها فيما يشبه التهديدات بإخطار بعض القيادات السياسية بأنهم غير مرحب بهم للعودة حال شاركوا في بعض الأنشطة السياسية التي لا تلقى ترحيب الجانب المصري.

من جهته استدرك الجوخ بأن هناك فرصة للالتقاء مع الكتلة الديمقراطية حال قررت الانخراط في جهود وقف الحرب والتوقف عن دعم استمرارها و”تسعيرها”.

ماهر أبو الجوخ
قيادي بحزب التحالف السوداني: الدور المصري لا يتجاوز منح التسهيلات لوصول المشاركين

وشكك القيادي بحزب التحالف الوطني السوداني في دعم مصر “الرسمية” للكتلة الديمقراطية متهما إياهم بإطلاق الدعايات لمنح انفسهم وزن إضافي حد تعبيره. وقال الجوخ لـ (التغيير) إن الدور المصري لا يتجاوز منح التسهيلات لوصول المشاركين في الاجتماع. مؤكدا أن الحرية والتغيير حصلت على ذات الامتياز أبان اجتماعاتها في يوليو ونوفمبر الماضيين.

وأعرب الجوخ عن استغرابه من تصريحات الكتلة الديمقراطية التي أعابت على الآخرين عقد اجتماعاتهم خارج السودان فيما قرروا دون سابق انذار الاقتداء بهم وكانوا يؤكدون بأنهم لن “يهربوا” ولن “يغادروا”. وأضاف: “هذا مؤشر لحدوث متغيرات داخلية ستكشف عنها مستقبل الأيام”.

ضبابية الرؤية المصرية
تأثر مصر بالحرب السودانية كبير جدا على عدد من المستويات الأمنية والاقتصادية وتدفق الفارين من الحرب إلى حدودها، إلا أن موقف القاهرة السياسي من حرب السودان يتسم بعدم الوضوح بحسب الخبير الاستراتيجي المختص في الأزمات، محمد إبراهيم كباشي.

والذي أكد أن موقف الحكومة المصرية متردد بين دعم الجيش والتخوف من عودة الإسلاميين المتشددين للمشهد السياسي. وأضاف: “هناك عدد من المتغيرات في البحر الأحمر وحرب غزة وعودة العلاقات السودانية الايرانية جميعها عوامل تربك الإدارة المصرية وتجعلها غير قادرة على تكوين تصور متكامل بعد الحرب”.

خبير استراتيجي: مصر متأرجحة بين دعم الجيش والخوف من عودة الإسلاميين الراديكاليين

وبحسب الخبير الاستراتيجي فإن التحكم والسيطرة ميدانيا ستقلق مصر حتى حال الاتفاق على وقف اطلاق نار مشيرا إلى تولد أنواع جديدة من العنف فيما يشبه النموذج الليبي محذرا من أن توفر هذه البيئة ملاذات آمنة للجماعات الداعشية. وأضاف: “دون شك هذه الظروف ستشكل تهديدا للأمن القومي المصري”.

وحول استضافة ورش عمل تشارك فيها الكتلة الديمقراطية قال كباشي إن مصر لها تجربة سابقة مع هذا المكون السياسي في محاولة لتشكيل حاضنة سياسية للانقلاب العسكري مشيرا إلى تغيرات وانقسامات هائلة حدثت داخلها.

وأشار كباشي إلى أن وجود مصر في محادثات المنامة يؤكد اهتمامها بأن تكون حاضرة في تحضير المشهد ما بعد الحرب. وقال لـ (التغيير) إن أحد احتمالات مخرجات المنامة اقتسام سلطة بين الجيش والدعم السريع.

وأضاف: “الكتلة الديمقراطية مثلت الحاضة السياسية لطرفي الصراع بعد الانقلاب العسكري لكنه شكك أن تتمكن من القيام بذات الدور بعد الحرب وسط وجود متشددين ضد الدعم السريع داخلها”.

واتفق كباشي مع رأي القيادي بحزب التحالف السوداني الوطني حول أن مصر فتحت أبوبها للمجلس المركزي ما يؤكد محاولتها لتقريب الشقة بين المدنيين. وقطع في ختام حديثه لـ (التغيير) بأن الجانب المصري لديه مخاوف من اندلاع خلافات داخل الجيش نفسه وسط تجاذب الإسلام الراديكالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى