جوبا تسعي للوفاق بين تقدم وداعمي الجيش من أجل حل الأزمة السودانية
جوبا تقود مساعي للجمع بين تنسيقية تقدم والقوى الموالية للجيش في السودان
الخلاف على اليوم التالي لوقف الحرب يعيق تشكيل جبهة مدنية موسعة.
برزت تحركات لجوبا تستهدف جمع القوى السياسية والمدنية المختلفة في السودان بغية تشكيل جبهة قوية تضغط من أجل وقف الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، لكن متابعين يشككون في نجاح هذه الجهود بالنظر إلى حجم الخلافات بين القوى السودانية.
جوبا – تقود حكومة جنوب السودان هذه الأيام جهودا لجمع المكونات السياسية السودانية المختلفة، على أمل الاتفاق على مسار يقود إلى الضغط على طرفي الصراع المندلع منذ أبريل الماضي، بعد تراجع باقي مسارات التسوية (منبر جدة ومبادرة إيغاد).
وتستضيف جوبا منذ السبت اجتماعات لقيادات الكتلة الديمقراطية الموالية للجيش، وهي تجمع قوى تحرير السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان والمجلس الأعلى لنظارات البجا.
وجاءت اللقاءات في أعقاب احتضان جنوب السودان للقاءات مماثلة مع تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم”، وبعض الحركات المسلحة ومنها الحركة الشعبية قطاع الشمال برئاسة عبدالعزيز الحلو.
وقال رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي صديق أبوفواز إن زيارة وفد الكتلة الديمقراطية ترتبط بالوساطة التي تقودها جوبا بين القوى السياسية السودانية والرغبة في عقد لقاء مباشر بين تنسيقية “تقدم” والكتلة الديمقراطية.
صديق أبوفواز: الخلاف يكمن في كيفية إنهاء المعارك الدائرة
صديق أبوفواز: الخلاف يكمن في كيفية إنهاء المعارك الدائرة
ولفت أبوفواز في تصريح لـ“العرب” إلى أن غالبية الطبقة السياسية بينها توافق حول ضرورة إنهاء الحرب، لكن الخلاف يكمن في كيفية إنهاء المعارك الدائرة وما سيترتب على الوضع السياسي في البلاد مع بدء اليوم التالي لوقف الحرب.
وترفض القوى الممثلة داخل تنسيقية تقدم الاجتماع مع الكتلة الديمقراطية التي تضم مجموعة سبق وأن انشقت عن تحالف القوى الحرية والتغيير، ودعمت الكتلة الانقلاب العسكري على حكومة عبدالله حمدوك في العام 2022.
وتنظر مكونات تنسيقية تقدم إلى الكتلة الديمقراطية على أنها واجهة لفلول النظام السابق الذين تحملهم مسؤولية الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ الخامس عشر من أبريل الماضي.
ويرى متابعون وسياسيون سودانيون أن تنسيقية تقدم لن تقبل الانخراط مع الكتلة الديمقراطية ضمن جبهة مدنية موسعة، طالما أن الأخيرة تعمل على إعادة تدوير فلول نظام عمر البشير. وقال رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي إن الوصول إلى توافق بين التيارات المختلفة هدف صعب المنال، حيث إن الخلاف يبدو عميقا بين قوى عديدة.
وأشار أبوفواز في تصريحه لـ“العرب” إلى أن في السودان يوجد تياران رئيسيان، أحدهما يهدف إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ويقبل بوجود البرهان وحميدتي مرة أخرى على رأس السلطة واستعادة الشراكة مع المكون العسكري إلى حين إجراء الانتخابات، وهؤلاء يشككّون في نوايا تحالف قوى الحرية والتغيير بكل مكوناته، بما فيه الكتلة الديمقراطية.
وقال إن التيار الثاني، وهو يتشكل من قوى اليسار، يرفض إعادة تجربة المجرّب بعد أن أثبتت الشراكة فشلها وعدم قدرتها على استكمال الفترة الانتقالية، ولم يحدث التحول الديمقراطي المنشود، وبالتالي يرى هذا التيار أنه لا مجال للعودة إلى الوثيقة الدستورية التي جرى تمزيقها، وهو ما يخلق فجوة كبيرة بين القوى السياسية سوف يكون من الصعب حلها وإن انتهت الحرب سريعا، مع غياب الحلول الوسط.
وكان عضو في فريق وساطة جنوب السودان تحدث في وقت سابق عن ضرورة توحيد كل القوى السياسية السودانية خلف الدعوات المنادية بوقف الحرب. وقال الوزير ضيو مطوك إن الرئيس سلفا كير ميارديت وجه الدعوة للقوى السياسية السودانية من التيارات المختلفة وقد اجتمع بوفد تنسيقية “تقدم” برئاسة فضل الله برمة ناصر، ومن المنتظر أن يلتقي بوفد من الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية.
وشدد عضو وفد الوساطة على أن الرئيس سلفا كير يريد الحوار السوداني – السوداني، وقبل أن يتحدث مع العسكريين هو يرغب في رؤية الشارع السوداني موحدا ومتحدا خلف إيقاف الحرب.
غالبية الطبقة السياسية بينها توافق حول ضرورة إنهاء الحرب، لكن الخلاف يكمن في كيفية إنهاء المعارك الدائرة وما سيترتب على الوضع السياسي في البلاد مع بدء اليوم التالي لوقف الحرب
ولفت مطوك في تصريحات لراديو دبنقا السوداني إلى أن هناك تعثرا في المبادرات السلمية المطروحة في الساحة، حيث لم يتحرك منبر جدة بالرغم من أن له حظوظا كبيرة لإيقاف الحرب ولكن لأسباب كثيرة لم ينجح المنبر في الوصول إلى هدف إيقاف الحرب حتى الآن.
وقال إن مبادرة إيغاد كانت لها تداعياتها حيث جمدت الحكومة السودانية عضويتها في المنظمة ومن المعلوم أن أحد المبادئ الأساسية للوساطة هو أن تكون مقبولة من كل الأطراف، وأي تحفظ لأي طرف على الوسيط يجعل من المستحيل على الوساطة أن تقوم بدورها.
وأوضح أن جنوب السودان هو جزء من منظمة إيغاد والرئيس سلفا كير ينوب عن رئيس المنظمة ويتولى مسؤولية كبيرة في هذا الشأن، لكن جنوب السودان كدولة لها علاقات ومصالح متداخلة مع دول الإقليم ومع السودان على وجه الخصوص لا يمكن أن تنتظر إلى أن يستعر الحريق والذي ربما يطال لهيبه جنوب السودان وأن تتفرج في انتظار المبادرات التي لم تصل إلى مداها ولم تحقق هدف وقف الحرب. على هذا الأساس يتحرك سلفا كير في هذا الاتجاه وبالتنسيق مع زملائه في الإقليم.
وقال إن الانقسامات بين السودانيين وصلت حد رفض الجلوس مع بعضهم البعض. وقد أصبحوا يتفادون اللقاء مع بعضهم، وهذا لم يحدث حتى في حرب الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة جون قرنق. وأضاف “كانوا يتحاربون وعندما يلتقون يتحدثون، ما نراه الآن أن هناك رفضا للحديث مع الآخر. فإذا تحدثت مع شخص من طرف الجيش سيتم تخوينك من مناصري الدعم السريع وإذا تحدثت مع شخص من طرف الدعم السريع سيتم تخوينك من مناصري الجيش من الناحية الأخرى. لا بد من توقف هذا السلوك وأن يجلس الجميع ويتحاوروا من أجل إنقاذ السودان وهذه رسالتي لشعب السودان والسياسيين السودانيين”.