معهد هولندي: السودان من الكارثة إلى المجاعة
حذر معهد كلينجدال الهولندي المرموق وهي مؤسسة فكرية وأكاديمية رائدة في الشؤون الدولية، حذر من أن السودان ينحدر الى الي هاوية سحيقة من الجوع وطالب المجتمع الدولي بالتحرك الفوري الان وقبل فوات لإنقاذ حياة مئات الالاف من السودانيين.
وقال المعهد في تقرير نشر هذا الأسبوع أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية في السودان حيث سيواجه سبعة ملايين شخص مستويات كارثية من الجوع بحلول يونيو القادم، مع احتمال حدوث مجاعة جماعية، لأن المساعدات المنقذة للحياة في مثل هذه الحالات تستغرق ستة اشهر للوصول إلى المحتاجين لها.
وأشار التقرير إلى أن الحرب التي تدور رحاها في البلاد منذ منتصف ابريل الماضي لها تأثير كبير على النظام الغذائي في البلاد وتعوق قدرة الناس على مواجهة نقص الغذاء ويسود البلاد أسوأ مستوى جوع تم تسجيله على الإطلاق خلال موسم الحصاد (من أكتوبر إلى فبراير) وهي عادة فترة يتوفر فيها الغذاء بشكل أكبر.
وجاء في التقرير أن أزمة الغذاء هذه، وليست بالضرورة نتيجة حتمية للحرب بل تسبب فيها التدمير المتعمد الذي قام به الجنرالات للنظام الغذائي في السودان وعرقلة آليات التكيف لدى الناس.
وتوقع التقرير انخفاض انتاج الحبوب خاصة الذرة الرفيعة والدخن في موسم 2023-2024 لأقل بكثير من المتوسط والمعتاد وقدرت منظمة الأغذية والزراعة أن يكون محصول الذرة الرفيعة والدخن أقل بنسبة 24% و50% عما كان عليه في عام 2022، على التوالي نتيجة للقتال وانعدام الأمن السائد، والافتقار لمدخلات الإنتاج، وتوقف النظام المصرفي عن تمويل الأنشطة الزراعية، وغياب العمالة الزراعية واضطراب الأسواق، طرق النقل غير الآمنة مع نقاط التفتيش التي أقامها طرفا الحرب والتي تعيق توزيع الغذاء، سواء كان منتجًا محليًا أو مستوردًا، اضافة لانخفاض الواردات الغذائية بنسب مهولة نظرا لاستمرار الصراع المسلح.
وجاء في التقرير “لقد أصبح الغذاء والجوع أسلحة في هذه الحرب بلا شك. من خلال تدمير ونهب البنية التحتية الغذائية ومنع الناس من الوصول إلى الغذاء، ترتكب القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع جرائم التجويع. والأمر الواضح هو أن كلا الجنرالين يظهران كل الإشارات على تكثيف الحرب مع التجاهل المتهور للعواقب الإنسانية.”
ثلاثة سيناريوهات للأمن الغذائي
وفقا للتقارير والإحصاءات المتاحة خلص التقرير إلى ان السودان يواجه ثلاثة سيناريوهات كارثية:
السيناريو الاول: جوع كارثي في مناطق محددة، من المهم التأكيد على أن هذا هو السيناريو الأكثر تفاؤلاً وهو يستند إلى تقديرات منظمة الأغذية والزراعة لمحصول الذرة الرفيعة والدخن المتوقع (أقل بنسبة 24% و50% على التوالي مقارنة بعام 2022) ويحتمل أن تتسبب في حدوث 200 ألف حالة وفاة زائدة، ونزوح 300 ألف شخص إضافي من السودان.
ويشير هذا السيناريو إلى وضع سيواجه فيه غالبية السكان الجوع الشديد بحلول شهر يوليو وأن حوالي 6% من السكان سيواجهون جوعاً كارثياً خاصة في الخرطوم ودارفور، حيث سيكون العجز الغذائي أكبر.
السيناريو الثاني: جوع كارثي (واحتمال المجاعة) في معظم أنحاء السودان باستثناء بعض مناطق الفائض. هذا السيناريو هو السيناريو الأكثر ترجيحاً. ويستخدم تقديراً أقل قليلاً لمخزونات القمح (لأن المخزونات تضررت أثناء القتال)، ويتوقع أن تتسبب في نصف مليون حالة وفاة زائدة وفرار نصف مليون شخص إضافي من السودان وانخفاض عدد الولادات بنسبة 15% عن المعدل الطبيعي.
السيناريو الثالث: مجاعة محتملة في جميع أنحاء البلاد، وهو أسوأ السيناريوهات وهو مسار غير مستبعد ويستخدم تقديرات أكثر تحفظا لإنتاج الذرة الرفيعة والدخن والقمح وواردات القمح، وعدم توفر مساعدات غذائية، ويفترض حدوث مليون حالة وفاة زائدة، وفرار مليون شخص إضافي من السودان، وانخفاض عدد الولادات بنسبة 20٪ عن المعتاد.
المساعدة الان وقبل فوات الاوان
لمواجهة هذه الكارثة يلح التقرير على المجتمع الدولي ممثلا في الأمم المتحدة والجهات المانحة الرئيسية لها، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وهولندا والمملكة المتحدة وألمانيا وغيرها، على اتخاذ إجراءات عاجلة تتمثل أولا في إعلان خطر المجاعة على السودان، ثانيا ضخ الأموال النقدية مباشرة إلى المنتجين والمستهلكين المحليين، وكذلك إلى مقدمي المساعدات المحليين (غرف الطوارئ)، ثالثا التوسيع الفوري للمساعدات الغذائية ودعم المياه والصرف الصحي والصحة العامة.
كما ان هنالك حاجة حسب التقرير حاجة إلى ممارسة مزيد من الضغط من جميع الشركاء الغربيين لوقف القتال والسماح بوصول المساعدات الإنسانية. ويجب التحقيق في الإجراءات المستمرة التي يتخذها الجنرالات لتعطيل إنتاج الغذاء وتوزيعه، ومنع الناس من الوصول إلى الغذاء، باعتبارها جرائم مجاعة محتملة.