توقيع معاهدة ليوبليانا-لاهاي إضافة مطلوبة لتحقيق العدالة
اعتبر الدكتور العبيد أحمد العبيد، الخبير الدولي في مجال حقوق الإنسان والمدير العام السابق لمركز الأمم المتحدة للتدريب على حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، أن التوقيع في هولندا اليوم 15 فبراير 2024 على اتفاقية ليوبليانا-لاهاي بشأن التعاون الدولي في مجال التحقيق ومقاضاة جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والجرائم الدولية الأخرى -اعتبرها- إضافة مطلوبة بإلحاح. وقال دكتور العبيد أحمد العبيد في حديث لراديو دبنقا أنه قبل توقيع المعاهدة جديدة كان التعاون الدولي يتطلب اللجوء لعمليات قانونية معقدة، سواء أن كان تبادل مجرمين أو أية اجراءات من هذا القبيل. لكن هذه المعاهدة تتيح فرصة لكثير من الدول التي تشكل في الغالب ملجأ لمجرمي الحرب وتضيف عليها واجب أن تقوم على الأقل بإجراءات ضد هؤلاء مما يحول دون الهروب من العدالة الإفلات من العقاب والإمعان في مزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان.
يجب النظر للنصف المليء من الكوب
وعن كثرة المعاهدات الدولية في هذا الشأن وضعف المردود في جانب تحقيق العدالة، نوه الدكتور العبيد أحمد العبيد إلى أن هذا الأمر صحيح، ولكنه يعتمد على نظرتنا للكوب، هل نصفه فارغ أو نصفه مليء. قد تكون إجراءات العدالة بطيئة، ولكن هناك كثير من الإنجازات في هذا الجانب تشير إلى أنه في حال توفر الإرادة وتضافرت الجهود أو اتخذت خطوات مثل توقيع المعاهدة الجديدة فإن ذلك سيقود إلى تحقيق نتائج إيجابية. صحيح أن النتيجة قد لا تكون سريعة أو مثالية، لكنها ستمثل إضافة مهما وأفضل من عدمها.
لا استحالة في تحقيق العدالة
وأشار الدكتور العبيد أحمد العبيد أنه من المهم ألا ننقل للمستمع أن فكرة أن تحقيق العدالة مستحيل، فالعدالة قد تأخذ وقتها، ولكنها في النهاية تتحقق. ويجب ألا ننسى أننا في القارة الأفريقية لدينا نموذج محاكمة الرئيس التشادي الأسبق، حسين هبري. لم يكن أحد يتصور أن حسين هبري سيقدم للمحاكمة ويسجن وعبر محاكمة على المستوى القطري وليست محاكمة دولية وتمت المحاكمة بنجاح في السنغال. إن تحقيق العدالة عبر الهيئات الدولية بالنسبة للسودانيين المطلوبين استغرق حتى الآن عشرين عاما، أستطيع أن أوكد لك أن حياة هؤلاء المطلوبين لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لم تعد سهلة وأن الكثير من الصعوبات الإضافية تواجههم منذ إدراجهم في قائمة المطلوبين من المحكمة الدولية وقدمت تهم ضدهم.
وشدد الخبير في مجال حقوق الإنسان أن فائدة اتفاقية المساعدة القانونية المشتركة الموقعة في هولندا اليوم بالنسبة لنا في السودان ترتبط بأننا أكملنا دورة كاملة والآن ترتكب نفس الفظائع، بل أسوأ. للأسف تتكرر أحداث 2006 و 2007 في دارفور ويتم ارتكاب نفس الجرائم بواسطة نفس العناصر التي مارستها في السابق هذا غير الجرائم التي ترتكب في بقية أنحاء السودان.
لذلك فإن المعاهدة الجديدة تمثل إضافة لمسيرة العدالة والسؤال الكبير ضرورة ملاحقة هؤلاء المجرمين الذين يعيش معظمهم في داخل السودان وبعضهم هرب لخارج السودان. وكان من المؤمل أن تقوم دول الجوار السوداني أو دول اللجوء بالتوقيع على هذه المعاهدة حتى تساهم في ملاحقتهم.
لكني على ثقة بأن بعضهم سيصل إلى دول أوربية موقعة على المعاهدة الجديدة وستتم ملاحقتهم.
قضية العدالة هنا قضية تراكمية وعلى الناس ألا يتوقعوا أن تكتمل العدالة في ظرف يومين، أو ثلاثة، أو شهر أو شهرين، فإجراءات العدالة الدولية تتسم بالبطء ولها منظور مختلف وهي لا تمتلك جهاز شرطة مثل أجهزة العدالة المحلية قادرة على القبض على المتهمين وتقديمهم للمحاكمة.