هل تؤجج المنظمات الإغاثية الحرب الدائرة في السودان
يعاني السودان من وضع إنساني صعب مع قرب دخول الحرب بين الجيش الوطني السوداني من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى عامها الثاني، الأمر الذي ساهم في تدهور الظروف المعيشية لكثير من المواطنين.
وبينما فضل البعض الفرار إلى دول الجوار هربا من الحرب “تقدر تقارير أممية بفرار ما يزيد عن 10 ملايين إلى خارج البلاد”، قرر السواد الأعظم من السودانيين البقاء فى وطنه، معتبرا الموت خيارا مضمونا على مواجهة المجهول.
المنظمات الإغاثية في السودان
وبات السودان كغيره من الدول العربية التي سقطت في براثن الفوضى، “رغم تمكن نظام البشير من البقاء في وقت طوفان ثورات 2011″، ظلت البلاد على وعد مع دوامة عنف وفوضى تهدد مستقبلها وتشير إلى لحاقها ببلدان عربية أخرى سبقتها إلى ذات المصير.
وتعمل أطراف خارجية متعددة لا تريد الهدوء والاستقرار للبلدان العربية على تغذية الصراعات، ومن هذه الأطراف الدول الغربية التي تجيد تلك اللعبة عبر تأجيج الرأي العام ضد طرف سياسي أو آخر، كما حدث في السودان لسنوات ماضية، والدفع بأكبر عدد ممكن من السودانيين للانتفاضة بوجه الحكومة، الأمر الذي تسبب في نهاية المطاف باندلاع أعمال شغب واسعة وصولًا إلى بدء النزاع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وتستخدم الدول الغربية مجموعة من الوسائط لتحقيق أهدافها الخفية في تزيق الدول العربية ونشر الفوضى والعنف بداخلها وتأليب المواطنين ضد حكوماتهم ومنها المنظمات الإنسانية والإغاثية النشطة في كثير من هذه البلدان.
وفي ظل الأوضاع الهشة التي يعيشها السودان بعد الاطاحة بنظام عمر البشير في أبريل 2019، برزت أدوار مريبة وفق وصف وسائل إعلام سودانية، لما تقوم به المنظمات الإنسانية والإغاثية كفاعلين رئيسيين في مسرح الأحداث السياسية خلف ستار العمل الإنساني، وعلى رأس هذه المنظمات: مجلس اللاجئين النرويجي الناشط دوليا عبر تقديم الدعم للاجئين والنازحين وعدد من المراكز الفرنسية والأمريكية.
وبعد توقف دام عشر سنوات، عاد المجلس للعمل مجددًا في السودان منذ عام 2020، ولديه الآن حوالي 345 موظفا يعملون على تقديم مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: الأمن الغذائي، المأوى، التعليم، والدعوة من أجل الحقوق.
ويحصل المجلس على تمويله من عدة جهات، بما في ذلك حكومات غربية ومنظمات أمريكية، وتعتبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية واحدة من أهم الممولين للمجلس، فقد خصصت للمجلس أكثر من 3 ملايين دولار أمريكي وفق تقرير 2023 السنوي.
وبدأت الصحافة السودانية مؤخرا فى نقل ادعاءات بأن منسقي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وأجهزة غربية استغلوا موارد المجلس لأهداف خفية، مثل تمويل برامج تعليمية وقانونية تُستخدم لتدريب الأفراد على الاحتجاج والتحريض الإعلامي.
بينما يؤكد الموقع الرسمي لمجلس اللاجئين النرويجي تخصيص أكثر من 3 ملايين دولار سنويًا للبرامج التعليمية والاستشارات القانونية، فإن التقارير تشير إلى مشاركة الآلاف من السودانيين في هذه البرامج.
علاوة على ذلك، يلقى الضوء على مزاعم المراقبين بخصوص عدم حيادية المجلس في تقاريره عن الأزمة السودانية والعمل بانتقائية، ما يثير التساؤلات حول أجنداته الحقيقية، في ظل الإشارة الشديدة لمعاناة مناطق بعينها دون الأخرى، الإهمال المتعمد لأوضاع مناطق ومدن أخري تعانى من نفس السلبيات التى خلفها الصراع العسكري، بطريقة تثير الريبة حول نشاط مثل هذه المنظمات وتعيد إلى الأذهان جرائم بشعة ارتكبتها جمعيات ومنظمات مماثلة في حق سكان دول القارة السمراء، الأمر الذي يسترعي الانتياه لما يحاك ضد الشرق الأوسط.
كما يفتح الباب أمام النقاش الدائر حول تداخل المصالح الإنسانية مع السياسية وانعكاس ذلك على الاستقرار في مناطق توتر كالسودان وغيرها من الدول التى سقطت رهينة لمشاريع غربية تستخدم فيها كافة الأدوات بما فيه حاجة البشر ضحايا الصراعات لتحقيق الأهداف.
من جانبه أكد رئيس تحرير “الحاكم نيوز” السماني عوض الله، أن المنظمات الدولية ظلت تلعب أدوار غير حيادية طوال السنوات الماضية، تنوعت ما بين أعمال تجسس وتخابر وكتابة تقارير خاطئة بتوجيه من المانحين الذين يقومون بتمويل تلك المنظمات.
وأشار عوض الله – في تصريحات لـ”صدى البلد”، إلى قيام الحكومة السودانية في وقت سابق بطرد العديد من هذه الوكالات بعض ضبطها تلعب أدوار غير إنسانية تحت غطاء العمل الإنساني الأمر الذي جعل عدد من بعض المنظمات محل تشكيك.
وشدد: معلوم أن بعض المنظمات تقوم بخدمة أجندة بعض الجهات المانحة لضمان استمرار تمويلها، مختتما: تم ضبط إحدى المنظمات الفرنسية في وقت سابق وهي تقوم بتهريب أطفال عبر دولة تشاد إلى فرنسا.
من جهته استنكر الخبير في العمل الطوعي والإنساني الدكتور صديق حسن الممارسات الخاطئة التي تقوم بها المنظمات الأجنبية العاملة في السودان مؤكدا أنه “عمل إجرامي مشبوه وغير واضح ولا تمت للعمل الإنساني بصلة، معتبرا ذلك مخالفة صريحة للقانون الدولي”.
وأضاف حسن – خلال تصريحات صحفية: “للأسف المنظمات الأجنبية في الآونة الأخيرة تجاوزت أدوارها المنوطة بها وبدأت تتدخل بصورة واضحة وصريحة في شئون البلاد”.