الأعمدة

مع افورقي وجها لوجه!

في العام 1991 وقواتنا المسلحة تقود ثوار جبهة تحرير اثيوبيا وارتريا وتتوغل بهم داخل الأراضي الاثيوبية تجاه العاصمة اديس ابابا لتغيير نظام الشيوعي منقستو هايلي مريام .. خرجت تظاهرات عفوية من الجالية الاثيوبية والارترية واقتحمت مبنى السفارة الاثيوبية في الخرطوم واستولت على كل محتوياتها بما فيها الارشيف .. لحظتها تدخلت قوات الأمن السودانية واقتلعت منهم الارشيف وحرزته ونقلته الى رئاسة جهاز الأمن السوداني .. الذي كان تحت رئاسة العقيد بكري حسن صالح وادارة د. نافع على نافع .. ذلك الأرشيف حوى ملفات إدارية ومالية وسياسية وامنية .. تم الاتصال بقادة جبهة التحرير لحضور عملية الفرز وتسلم كل جهة مايليها من مستندات ووثائق .. صدرت لي تعليمات من رئاسة الجهاز بترؤس الجانب السوداني لينما مثل اثيوبيا ملس زناوي الذي اصبح رئيسا للوزراء وسفها مسؤولا رفيعا في الخارجية .. بينما مثل الجانب الاثيولي اسياس افورقي الذي صار رئيسا لارتريا منذ سنة 1993 الى يوم الناس هذا .. جلست والى يميني ويساري ضابطين وقبالتي ملس والى يمينه سفها وفي يساره اسياس .. كان ملس بشوشا ولطيفا وكذلك سفها الذي دنا مي قئلا بالعربية : عايزين سحائر وجيبنا مافيه تعريفة .. اعطيت احد العساكر بعض النقود لشراء سجائر للسادة الضيوف وربما تكون هي المرة الاولى والاخيرة التي اشتري فيها سجائر .. واذكر انها كانت ماركة برنجي .. كانت كومة الوثائق كبيرة الا ان سرعة وحصافة المترجمين ساعدت على انجاز المهمة في اقل من 4 ساعات .. بحكم دراستي لعلم النفس ضمن منهج القانون في الجامعة وتتلمذي على يد بروف حسبو سليمان عالم النفس الشهير عند مدخل خدمتي .. اهتممت بشخصية اسباس افورقي في الظاهر ومحاولة قراءة مابداخلها .. كان اسياس يرتدي تي شيرت ابيض وبنطال جينز ازرق وحذاء ايطالي بني .. وفي عنقه سلسلة ذهبية يتدلى منها الصليب .. كان في ال 45 من عمره وفي غاية الوسامة .. قلما يتحدث ويهمس همسا .. حذر للغاية ( حكى الرئيس السابق البشير أن اسياس يربط مفتاح مكتبه على سلسلة حول عنقه ) .. في دواخله حزن عميق .. عليه كان تحليلي لشخصيته انه معتد بنفسه ودينه ومدرب على اعمال الاستخبارات العسكرية والمدنية .. وانه صلب في مواقفه يفتقر للمرونة .. وانه دقيق جدا في اقواله وافعاله .. وله اهدافا عامة مصمم على انفاذها .
عليه لابد من استصحاب كل ذلك عند التفاوض مع الرئبس الارتري اسياس افورقي .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى