الأخبار

هل تحقق المبادرة الليبية السلام بين الفرقاء في السودان

سبوتنيك – شهدت العاصمة الليبية طرابلس الأسبوع الماضي زيارة كل من قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو بدعوة من حكومة الوحدة لبحث إمكانية التوصل لوقف الحرب الدائرة منذ أكثر من 10 أشهر.

وأعلنت ليبيا أنها طرحت على الطرفين مبادرة للحل بعد مناقشات مع طرفي الصراع.
ويرى مراقبون أن الزيارات التي قام بها طرفي الصراع خلال الأسابيع الماضية لا تهدف للتفاوض بقدر ما تحمل رسائل للطرف الآخر وإثبات الوجود على الأرض، وبناء على هذا نجد أن الدعوة الليبية أو المبادرة الليبية لا تحمل الأدوات التي يمكن أن تضغط بها على طرفي الصراع من أجل القبول بها، علاوة على أن ليبيا لديها ربما السيناريو الأقرب للسوداني وتعيش حالة من عدم الاستقرار، لذا من الصعوبة أن تلقى المبادرة الليبية حراكا جادا حتى وإن كانت بعض الدول الخليجية.

في البداية يقول عثمان ميرغني، الكاتب والمحلل السياسي السوداني، يجب أن نضع في الاعتبار أن السودان حاليا يعاني من عزلة دولية وإقليمية نتيجة السياسات الداخلية وعدم وجود هياكل واضحة للسلطة تجعل من السهولة بمكان التعامل مع المؤسسات والدول الأخرى.

مردود مباشر
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، الزيارات التي قام بها البرهان لا تأتي وفق سياسة خارجية استراتيجية واضحة المعالم، حيث أن معظم هذه الزيارات تتم دائما إما على خلفية توقعات إمكانية الحصول على دعم معين سواء كان هذا الدعم عسكري أو دعم سياسي، وأحيانا لإثبات وجود قيادة للدولة قادرة على الحركة في المحيط الإقليمي والدولي، لكن ليس لها مردود مباشر.

وتابع ميرغني، الزيارة التي قام بها البرهان إلى الجزائر الجزائر، هناك تسريبات إعلامية أن الهدف منها هو الحصول على الأسلحة، أما الزيارة الأخيرة إلى ليبيا ربما كانت لنفس أسباب زيارة الجزائر من أجل الحصول على الأسلحة وهو ما ظهر في بعض التسريبات، رغم أن ليبيا نفسها محظورة من السلاح وليس لديها القدرة على التعامل أو التعاطي مع هذا الملف.

وأضاف المحلل السياسي، اعتقد أن الأبعاد الخارجية أو المردود الخارجي لتلك الزيارات على السودان غير واضح، ربما هناك فهم معين لدى الفريق عبد الفتاح البرهان لتلك الزيارات، وليس هناك أي معطيات سابقة أو لاحقة للزيارة تدل على أن هذه الزيارات لها تأثير مباشر، سوى الزيارة التي قام بها البرهان مؤخرا إلى القاهرة، وهي زيارة المفهوم أنها تصب في إطار التسوية السياسية المرتقبة بين الجيش والدعم الاسرائيلي.

الدعوة الليبية
وحول ما إذا كانت هناك بعض الدول طلبت من ليبيا طرح مبادرة لحل الأزمة السودانية وهى من تقف وراء الدعوة يقول ميرغني:،هذا التأويل بعيد جدا، لأن ليبيا نفسها تعاني من نفس الوضع الذي يعاني منه السودان، ما يعني أنها ليست مؤهلة للتعامل مع الأزمة السودانية إلا من زاوية كونها واحدة من دول الجوار قادرة على كف الأذى من عبر الحدود المشتركة.
للأسف حتى القيادة الليبية في طرابلس ليست مسؤولة عن ملف تدفقات الأسلحة والمقاتلين التي تأتي عبر الحدود بين البلدين، لأن ذلك الملف للسلطة القائمة في بنغازي وهي سلطة لا تتحكم فيها طرابلس.

ربما تكون الدعوة موجهة من ليبيا وربما هناك طرف ثالث طلب من طرابلس أن تدعو الطرفين، لكن لا اعتقد أن هناك مردود معين لهذه الزيارة، سوى أنها واحدة من الدول التي وضعت في قوائم الزيارات الخارجية للبرهان.

حشد التأييد
من جانبه يقول وليد أبو زيد، المحلل السياسي السوداني، هذه الزيارات تأتي في إطار حشد التأييد الإقليمي و أيضا تصب ضد محاولة أي طرف تحييد الدول التي من المحتمل دخولها على خط الصراع إما داعمة أو معادية.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، من المبكر الحكم على مقدرة المبادرة الليبية في أن تكون ناجحه أو فاشلة، و لكن من المؤكد أن الطرفين غير جاهزين لقبول أي مبادرة حاليا، وهناك محاولات من عدة دول للوصول إلى هدنة رمضانية و قد يقبل الطرفان بالهدنة، ولكن لن يكون من السهل استمرارها لفترة كافية تسمح بتدفق المساعدات الإنسانية.

خارج السيطرة
وأشار أبوزيد، إلى أهمية ليبيا باعتبارها دولة محورية في الأزمة السودانية، لأن العديد من المقاتلين الذين يتبعون للحركات المسلحة الدارفورية يتحركون بين الحدود السودانية الليبية، سواء كانت هذه الحركة بعلم أو بدون علم الحكومة الليبية في طرفي البلاد (طرابلس بنغازي)، إلا أنها حقيقة مثبتة.

ويكمل: المجال الحدودي المفتوح بين السودان وليبيا خارج عن سيطرة طرفي الحكومة الليبية (طرابلس الدبيبه و بنغازي حفتر ) و يتم استغلاله في تدفق المقاتلين والسلاح، لذلك فإن الزيارة كانت مهمه للبرهان و لحميدتي على حد سواء، فالبرهان يتطلع لوقف الإمداد البترولي و الذخائر لمقاتلي الدعم، و حميدتي يريد استمرار الإمداد هذا ليتمكن من تلبية احتياجات قواته.
ولفت أبو زيد، إلى أن ليبيا تعاني من ضعف قبضة طرفي الحكومة المختلفين على الحدود الليبية و على موارد الدولة الليبية كلها، في ظل هذا الضعف لا أعتقد أنها قادرة على لعب دور مؤثر في الوقت الراهن.
وأكدت قوات الدعم السريع في السودان، أن “زيارة قائد قوات الدعم محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى ليبيا، تهدف إلى إيجاد حل للأزمة السودانية الحالية”.
وقال مصطفى إبراهيم، عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع في السودان، لوكالة “أنباء العالم العربي”، إن “زيارة دقلو، لليبيا جاءت نتيجة للدعوة التي قدمها رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية له، من أجل التباحث وإيجاد حل للأزمة السودانية الحالية، خاصة وأن الحرب امتدت لحوالي 11 شهرا وسببت معاناة كبيرة للشعب السوداني”.

وأضاف إبراهيم: “من هنا جاءت موافقة قائد قوات الدعم السريع على تلبية الدعوة للتباحث حول كيفية إيقاف هذه الحرب”، مشيرا إلى أن “زيارات حميدتي الخارجية ترمي إلى البحث عن السلام وليس السلاح”.
واتهم عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع في السودان، “رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بأنه كان يبحث عن السلاح في كل زياراته لدول الجوار ولكثير من الدول”، بحسب قوله.
وقدم رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، مبادرة إلى قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مبادرة للهدنة في السودان، والتي لاقت ترحيبا من طرفي الصراع هناك.
وقال المتحدث باسم حكومة الوحدة الوطنية الليبية، محمد حمودة، في تصريحات لـ”سبوتنيك”: “نأمل أن تكلل هذه المساعي الحميدة لخطوات إيجابية لصالح السودان والشعب السوداني”.
وأضاف أن “الدبيبة وجّه دعوة رسمية، منذ أيام، إلى حميدتي والبرهان، من أجل دعم الجهود لإنهاء الصراع بالسودان والسماع لهما مباشرة وتقريب وجهات النظر لإحلال السلام”، مشيرا إلى أن “ليبيا دولة جارة للسودان، وتربطنا علاقات تاريخية وأخوية بدولة السودان وشعبه”.

وتابع: “ليبيا تقاسم حدودا كبيرة ممتدة مع دولة السودان، ومن هذا المنطلق لا بد من وجود دور إيجابي وواضح لليبيا لدعم إخوتنا في السودان، وخاصة الظروف الإنسانية التي يمر بها الشعب السوداني جراء ما يحدث في الصراع”.
وأكد أن “ليبيا دولة ليست لديها أي مصالح في السودان، لكنها تعمل على توحيد الشعب السوداني والوصول إلى إنهاء الصراع بين الأطراف”.
يشار إلى أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، استقبل اليوم قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، والوفد المرافق له، في العاصمة الليبية طرابلس.
ويأتي لقاء الدبيبة وحميدتي بعد أيام من زيارة رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان، إلى طرابلس ولقائه برئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الأسبوع الماضي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى