الأعمدة

ويسألونك عن المقاومة الشعبية المسلحة .

كذكرنا في قراءات سابقة بأن اللغات واللسانيان على إطلاقها هي مواعين لنقل المعاني ، فبقدر الماعون يأتي المعنى ..وهنا تجدر الإشارة حينما وردت عبارة الحرب الوجودية ضد الدولة السودانية على لسان القائد العام رئيس مجلس السيادة .. جاء المعنى بقدر الماعون تماما فالحرب الوجودية تختلف من حيث المفهوم والمضمون عن كافة أشكال الحروب . حرب صفرية وقد تجلت صفريتها في أساليبها وممارساتها بالغة الخطورة مثل جلب المرتزقة بكم هائل ( أعمى شايل كسيح ) عن طريق سلسلة من صغار العملاء وكبار المتآمرين ، على صعيد جوار السوء ورداءة عناصر المستوى الإقليمي والدولي ، حقائق وأشكال وأرقام موثقة عبر وسائل الإعلام ووسائطه ، تم جلبهم من مكان قريب ومن كل فج عميق لطمس ماهي وهوية الدولة وتدمير بنيتها التحتية وكتلتها الحية والعمل على إفقارها بصورة ممنهجة والتشهير بها وإستهداف مواطنها ماديا ونفسيا ومعنويا بغرض تدجينه وتهجيره وتدميره بالكامل …
فعلا هي بالضبط سلوكيات وممارسات وأساليب الحرب الوجودية على إمتداد تاريخ الظاهرة الإستئصالية التي تعبر عن أسوأ صور عدوانية الإنسان وعن ظلمه لربه ولنفسه ولإخيه الإنسان ، فالناس في حقيقة أمرهم أهبطوا بعضهم لبعض عدو إلا في حالات إستثنائية مقيدة بكريم الأخلاق وعميق الإيمان بمعناه الشامل . وفي
وقت لاحق عندما أعلنت المقاومة الشعبية المسلحة كحق دستوري وواجب وطني أملته تداعيات الحرب الوجودية التي ضربت المواطن في مقتل … ظهرت أصوات هنا وهناك معارضة للفكرة بحجج واهية وأخرى موضوعية من باب الحيطة والحذر لمنع إستغلالها وإستغلال السلاح لا حقا لأغراض لا تمد لوطنية وقداسة المقاومة الشعبية المسلحة بصلة تستغلها في الممارسات الإجتماعية والفوضوية والسياسية وفي الجريمة المنظمة داخل الحدود وبلا حدود …
المقاومة الشعبية المسلحة في الفكر الرسالي حق وجودي إستخلافي شرعي ( فالناس هم المستخلفون في الأرض والمسئولون بالأساس أمام الحق وليست تشكيلاتهم ونظمهم اللاحقة كالأوطان والدول ونظمها وعلاقاتها الرأسية والأفقية ) .. وفي الفكر الإنساني الوضعي المقاومة الشعبية المسلحة من اساسيات واجبات المواطنة وإستجابات القدر ومبادئ الديمقراطية ( سلطة الشعب ) فضلا عن أنها أي المقامة الشعبية المسلحة تراث شعبي سوداني مقاوم عريق نموذجها الثورات الشعبية الوطنية التاريخية المسلحة ضد الحقب الإستعمارية البغيضة….واليوم المقاومة الشعبية المسلحة الحاشدة التي أنتظمت الولايات بقيادة السادة الولاة ولجانها العليا تقف سدا منيعا فى مواجهة العدو الغزو فصيلا متقدما في معركة الكرامة … ونخص بالذكر في هذه القراءة بعد تحية مقاومة الولايات .. دور المقاومة الشعبية المسلحة لولاية الخرطوم العاصمة القومية ولجنتها العليا بقيادة واليها المقدام واركان حربه وفصيل المنظومة العسكرية والأمنية المتقدم المنتصر والمنصور بكافة الجبهات بإذن الله وببركة الشهر الفضيل ..
نعم وبلا أدنى شك أن المقاومة الشعبية المسلحة لولاية الخرطوم تتجلى أهميتها في إستراتيجتها ومسئوليتها التاربخية والرمزية في قيادة الركب وفي تنظيم وإستقبال جحافل الزحف الشعبي للمقاومة الشعبية المسلحة بعموم السودان .. التي حددت خطاباتها العامة وبشكل قاطع بأن خط سيرها ومسيرتها سيكون عبر الخرطوم العاصمة القومية رمز الأمة وتاج كرامتها المرصع بشرف التاريخ الباذخ .. وكتابة فصل جديد من تاريخ البطولات القومية الوطنية . حيث عرف عن مجتمع الخرطوم بأنه عبر التجارب الوطنية والقومية له أدوار مشهودة جاءت على لسان شاعر السودان شاعر الجموعية رمز العجيجة رحمه الله رحمة واسعة .. عمنا محمد على أبوقطاطي ( الفينا مشهودة ) دوره في معادلات المقاومة الشعبية الوطنية المسلحة وفي الحساب الختامي كما حدث ذلك بالضبط في معركة تحرير الخرطوم من براثن التركية السابقة صبيحة ٢٦ يناير ١٨٨٥
والحديث عن تحرير الخرطوم في صبيحة اليوم التالي للمعركة .. هذا الحديث يتسق اليوم وحديث اللواء م الفارس الجنيد الأحمر إبن الخرطوم والسودان البار وهو يخاطب حشود مقاومة الخرطوم عبر الشاشة السودانية بقوله الدواس والملاقاة سماحتها ( الشم ضحى ) وفي التراث السوداني المقاوم يقولون ( من عصرن كبير صوت النحاس قحة ) حديث اللواء الجنيد الظريف في حضرة أجواء المقاومة الشعبية الخرطومية… ذكرنا بطرفة أبطال المقاومة الشعبية لأهلنا تلودي بجنوب كردفان جبال النوبة في رمضان من العام ١٩٨٥ عندما هجم عليهم تمرد الجنوب وقتها عن غفلة فقتل عددا من الرجال فاق عددهم المئتين وهم عزل خروجا من صلاة الصبح في مجزرة عرفت بمجزرة قردود تلودي التي وقف عليها رئيس وزراء الفترة الإنتقالية ١٩٨٥ — ١٩٨٦ دكتور الجزولي دفع الله أمد الله في أيامه وباركها….. بعد ايام قليلة من ذلك الهجوم الغادر قررت المقاومة الشعبية المسلحة بالمنطقة ( تسليح تقليدي وقليل من الحديث ) قرروا أخذ الثأر ورد الإعتبار …
فبينما هم في طريقهم لملاقاة العدو طلب أحد المقاتلين ( برفع فاتحة نصرة كاربة ) وحينما بلغ رافع الدعاء نقطة ( اللهم شتت شملهم ) إعترضت مجموعة بالقول ( هوي الفقير مشتت شملهم لشنو خلوهم نلقاهم تامييين ) ..إنت ما سمعت حكامة عموم تلودي وتلودي بالمناسبة أمة وليست قبيلة بالمفهوم النمطي حكامتهم ( نيلة بت حسن رفاي) قالت ( رجالي ( تروا ) بمعنى ازاحوا تروا البلاء بحرابهم مادايرين ليهم فقير ولا قبة فوقها زوارة ) الزوارة تراب الضريح فضج الحضور بالضحك في حضرة أجواء المعركة …
.وفيما يتعلق بالمعارضين للمقاومة الشعبية المسلحة معارضة من أجل المعارضة ومعارضة مسيسة وسياسية مؤدلجة ، فهولاء في حقيقة الأمر هم ثلاث فئات .. فئة سياسية أيدلوجية معروفة قد ظلت تصر وتتعمد الأصرار على تصفية حساباتها مع بما تطلق عليه مسمى الفلول والنظام السابق والكيزان وهى على ذلك التصرف والتطرف وفجور الخصومة السياسية بالأصالة وبالوكالة ولو جاء ذلك على حساب الوطن والمواطن والدولة .. مع العلم أن هذه المحطة والمصطلحات بسبب كثرة تكرارها وإستهلاكها سياسيا ولمدة طويلة وفي كل المناسبات وبلامناسبة قد تجاوزها الشعب السوداني تماما وبلا رجعة خاصة في ظل الحرب الوجودية التي حولتها إلى بضاعة كاسدة فاسدة ردت لسلسلة أصحابها بالمنشأة والجملة والقطاعي والتقسيط (وحيث التشاشة السياسية) …
الفئة الثانية هي فئة الكسابة الشفشافة التي أضحت تتعاطى مع المواطن وممتلكاته في ظل الحرب الدائرة وربما بعدها لحين تتعاطى معه تحت مفهوم الغنيمة والفصل الأول أجور ومرتبات …
الفئة الثالثة هي التي بلغت بها القناعات العسكرية القتالية الميدانية بأن المقاومة الشعبية المسلحة هي حصان رهان المعركة المساند للوطن والمواطن والدولة ومؤسساتها الرسمية الدستورية على رأسها المنظومة العسكرية والأمنية .
وعن المتخوفين من المقاومة الشعبية المسلحة من باب الحرص والحذر من خطر الإنحرافات والإنزلاقات وإخراجها بصورة شخصية وإجتماعية وسياسية لا حقا عن مسارها المرسوم وهو خط الدفاع عن النفس والمال والعرض والأعراض والوطن والدولة كقوة احتياط … تخوفهم صحيح مئة بالمائة وصحيح ( المعضية الدبيب بخاف من مجر الحبل ) ولكنه كموقف في النهاية لا يتعارض أبدا مع مبدأ مساندة المقاومة الشعبية المسلحة من حيث الفكرة والمفهوم والمضمون والواجب الصريح الذي أشرنا … وفي قراءة لاحقة بإذن الله سوف نتناول فلسفة تنظيم وإدارة وتقنين وضبط وربط وإستدامة دور ومسئولية ومهام المقاومة الشعبية المسلحة ، حتى تظل مقاومة قائمة مستدامة بإذن الله على خلفية هذه التجربة المريرة … ستظل باقية فاعلة صاحية إلى يوم ( النشور ) وذلك من منطلقين إثنين الأول الأمن بمفهومه الشامل مسئولية الجميع والثاني حتمية تطوير وتنظيم مفهوم منظومة الإحتياطيات الدفاعية … لمقابلة تحديات ومهددات التطور الملحوظ في حركة الأطماع والتآمر والارتزاق المحلي والإقليمي والدولي ومرتزقة بلاحدود التي تجاوزت كظاهرة بمخططاتها الخبيثة وأفعالها الخطيرة تجاوزت المفهوم والنظرة والآليات التقليدية النمطية لتأمين الدولة القطرية والشعوب ..
وأما فيما يتعلق بقرار مجلس الأمن الدولي بالرقم (٢٧٢٤ ) الذي قضى بوقف العدائيات وإطلاق النار في شهر رمضان المعظم والذي تقدمت بمشروعه بريطانيا نيابة عن منظومة دول الترويكا و بالمناسبة هي ذات المنظومة التي صنعت وتقف حتى اللحظة خلف تكتيكات وإستراتيجيات وخبث وخباثة الإتفاق الإطاري وإنصاره للأسف الشديد القرار اقل مايوصف به قرار ( ماسورة كبيرة ) وكلمة حق أريد بها باطل ، باطل إستغلال الهدن وعزومة مراكبية ( ساي ساكت) لا تنطلي على مجرب وعلى مؤمن ملدوغ من نفس الجحر مرتين .
كيف لا يوصف وينعت القرار بتلك النعوت وهو جاء خاليا عاريا تماما من أساسيات لا يغفلها بادئ علم الإدارة وفض النزاعات وحسم الصراعات في جودية أهلية وليس مجلس أمن دولي أين المقومات والحيثيات التراكمية لدعم القرار وفي حال وجودها فلماذا لم يظهر بيان أثرها في بنية ومحتوى عدالة وأخلاقيات القرار … أين مقومات وخارطة طريق إنفاذ القرار ..والذي تحول بشكله الذي صدر تحول بالسوداني إلى وضعية ( حبال بلا بقر …. وملاح تقلية مدنكلة في غياب الدقيق الطحين .. لماذا لم يصدر القرار ومقومات إنفاذه ولماذا لم يربط القرار بإتفاق جدة الذي جاء متفوقا في تدابيره وشفافيته وأخلاقياته ومحتواه على قرار مجلس الأمن الدولي أو ربطه بأي تفاهمات أخرى في السياق … السؤال من الذي ظل يعطل في الخفاء الجهود السلمية ومساعي السلام حول قضية الحرب في السودان بدءأ من ضعف الإرادة وإستصعافها للحيولة دون إنفاذ إتفاق جده … مرورا بإختطاف وتحنيط مبادرة دول الجوار بالقاهرة … تحنيطها في أول إجتماع تكتيكي لوزراء خارجية دول المجموعة تبنته الجارة تشاد التي سعت بشكل مريب على إستضافة أول إجتماع لإلية وزراء خارجية دول الجوار المنبثقة عن قمة القاهرة …ثم من الذي ظل يعمل في ظلمة الليل البهيم على إختطاف وتجيير جهود الإيقاد والإتحاد الأفريقي تجاه عدالة قضية الشعب السوداني ودولته … فلذلك قلنا ولم ولن نمل القول بأن أذا لم يتم تحرير القضية الوطنية وقضية الحرب في السودان من قبضة الأجندات الداخلية والأجنبية لن تفلح كافة جهود الحلول السلمية ولو صدرت من أعلى قمة أممية…
قراءة أخيرة :– أحر التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم وإنتصاراته العظيمة بتحرير العاصمة الوطنية ام درمان ومعالمها البارزة تحريرها من دنس التمرد ( بيت الزعيم الأزهري والهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون ) وستتوالى الإنتصارات الرمضانية بإذن الله
ولسع الكلام ما كمل …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى