الدراميون السودانيون كيف يرون الحرب !

درج المسرحيون في السودان على الاحتفال باليوم العالمي للمسرح بإقامة فعاليات متنوعة وعروض مسرحية وندوات ثقافية ولكن هذا العام يمرون بظروف استثنائية، فرضتها عليهم ظروف الحرب القاسية، بالغياب القسري عن المسارح وإحياء الفعاليات سواء في المسرح القومي أومسرح البقعة أوبقية المسارح في الولايات.

ويصادف يوم السابع والعشرون من مارس من كل عام، اليوم العالمي للمسرح الذي حددته الهيئة الدولية للمسرح التي تتخذ من باريس مقرًا لها، وكان الاحتفال به لأول مرة في 27 مارس 1962، وهو تاريخ إطلاق موسم “مسرح الأمم” في باريس، منذ ذلك الحين وفي هذا التاريخ من كل عام، يتم الاحتفال باليوم العالمي للمسرح على نطاق عالمي.

رغم مصادرة السلطات الأمنية:

يقول نقيب الدراميين، الممثل والمخرج الرشيد أحمد عيسى في حديثه لـ”راديو دبنقا”: ” منذ اندلاع هذه الحرب عملنا على أن يكون لنا موقف واضح من هذه الحرب، لأنها قبح وضد الجمال ولأن الحرب ضد الإنسان، والحرب عدم وفناء، نعتقد أن هذه الحرب ضد كل قيم الفنان الجمالية.

يؤكد على أن المسرح السوداني ظل على الدوام يساهم في إيقاف هذه الحرب، خاصة وأنهم في كل المدن التي نزح إليها الفنانون من الخرطوم إلى مدني، كوستي، كسلا و بورتسودان، لم يتوقف فنان المسرح وظل يقدم مسرحًا مناوئًا للحرب.

ويرى نقيب الدراميين أن الفنان السوداني ظل يقدم مسرحًا يعمل على توعية الناس بضرورة إيقاف هذه الحرب، ورغم مصادرة الجهات الأمنية لحقوق الفنانيين في التعبير. إلا أن الفنانين السودانيين حتى هذه اللحظة يعملون في بورتسودان، كسلا وكوستي بكل ما أوتوا من قوة لتقديم مسرح مناهض لهذه الحرب. معتبرًا أن الفن والجمال مع السلام على الدوام وليس هنالك فنان يمتلك ذرة من الوعي يقف مع هذه الحرب ويقف مع قتل الإنسان واغتصاب النساء وانتهاك حقوق الإنسان.

ويقول الرشيد أحمد عيسى بالرغم كل الظروف المعقدة جدًا التي يعيشها الفنان في السودان لم يتوقف لحظة في أن يعيد الأمل للمواطن، وأن يعيد تأهيل المواطن نفسيًا وروحيًا وأن يعمل على إبقاء هذا المواطن على الدوام في حالة أمل مستمر وعبر عن اعتقاده بأن الأجمل لم يأت بعد، لكنه سيأتي وراهن بأن السودان رغم كل المرارات التي نعيشها سيكون جميلاً. مشيرًا إلى أن الفنان لم يتوقف وأن الأمل لم يتوقف، لكنه عبر عن أسفه الشديد بقوله أعتقد أنه حان الوقت للسياسي والعسكر في السودان أن يتنحوا للفنون وللثقافة لكي تقود هذا المجتمع.

الحرب ضد الجمال:

وفي محاولة منه للاحتفال بهذه المناسبة العظيمة خاطب الرشيد أحمد عيسى من على منصة إسفيرية، المسرحيين، منددًا بالحرب وتداعياتها التي انعكست سلبًا على حال المسرح والمسرحيين، الذين تشتتوا نازحين في دور الإيواء في ولايات السودان المختلفة، ولاجئين في دول المهجر.

ويردد الرشيد القول بأن الحرب ضد الجمال ضد البقاء..ضد الانسان..ضد الفنان، حامل اسئلة الوجود والهوية المهموم بتحقيق قيم الخير والحق والعدل..الفنان ضمير مجتمعه وقيمه واخلاقه..لذلك نحن ضد الحرب لأنها العدم لأنها الفناء لكل الجمال الذى ننشده..

ويقول يظل فنان الدراما فى وطننا ومنذ اكثر من مائة عام ونيف يعمل على تحقيق حلم انسان السودان فى بناء وطنه، يسترجع الرشيد ذكرى تأسيس المسرح ويذكر الرعيل الأول من المسرحيين ويقول: بدأ بمسرح تعليمى توعوي من لدن بابكر بدرى مرورًا بمامور القطينة مسرحية نكتوت..ثم مسرحًا مقاومًا للاستعمار عبيد عبدالنور ..صديق فريد..على عبداللطيف..
وعبر مراحل مختلفة من مسيرة المسرح يذكر الذين تعاقبوا على خشبة المسرح ما سماها بمرحلة البناء لنسيجنا الاجتماعى .. ويذكر منهم العبادى، المك نمر..والدعوة المبكرة للوحدة الوطنيه ومن ثم أبو المسرح السودانى خالد ابوالرؤوس..وجيل عظيم من الآباء ميسرة السراج..الفاضل سعيد احمد عثمان عيسى ..محمود سراج ابوقبورة واسماعيل خورشيد..
ثم تلى أولئك جيل خطاب حسن أحمد، عبدالعزيز العميرى، تحية زروق، الذين قال عنهم هؤلاء بعض من اهراماتنا التى كانت معالم لحضرة مسرحنا العظيم ومن هؤلاء خرجنا لنحمل معاول التغيير والبناء.

الدولة لم تكن على قدر الوفاء:

ويقول الممثل والمخرج المسرحي الرشيد أحمد عيسى كان لنا آباء عظماء قدموا تضحيات مستحقة لهذا الوطن، لم يكلوا لحظة عن عشقهم لمسرحهم الوطن لجمهورهم لشعبهم الذى احبهم واحبوه، ولم يتوقف عطاء فنان المسرحرغم ان الدولة لم تكن على قدر الوفاء.. ثم كان المعهد العالى للموسيقى والمسرح قلعة المعرفة التى حققت الاستمرار على الطريق المنشود لتقدم ارتالًا من المبدعين نشروا تلك الثقافة على امتداد المليون ميل..حملوا أشواق وتطلعات الوطن فى رؤاهم ومضوا بالحلم إلى أن وصلنا إلى ماوصلنا إليه من نهايات كان الفنان يراها يستشرفها ويحذر منها.

ويرى أن دورهم كمسرحيين هو الإشارة إلى مواطن الخلل والخطر أن ندرك الشر قبل وقوعه وان نجعل الجمال منهجنا للتغيير ويقول رغم الحرب والقتل والدمار، النزوح والتشرد، الاغتصاب والقهر، والمرض والجوع. كان فنان الدراما مع شعبه وأهله نازحًا، مقهورًا، جائعًا ومريضًا ومنهكًا، لكنه لم يتوقف عن لعب دوره. وكان المسرحيين فى كل مدن النزوح يقدمون مسرحًا يعالج قضايا الحرب وعملوا على إعادة تأهيل الناس فى مراكز الإيواء وقدموا مسرحًا هادفًا ومسرحًا للطفل، حكوا قصص الحرب فى الاغتصاب والقتل وكانوا مع الناس عبروا عن إحساسهم، كانوا صادقين مع شعبهم لم يهربوا تاركين أهلهم يعانوا من تلك الويلات.

نحن الدراميين:

ويواصل الرشيد أحمد عيسي نقيب الدراميين في كلمته وحديثه لـ”راديو دبنقا” ويقول إننا نعمل على إعادة تشكيل تجربة الإنسان السوداني، والعلاقة بينه وبين واقعه بتقديم وعي جديد لهذه العلاقة من خلال منجز جمالي يفسر هذه العلاقة، ويتمسك بقوله سيظل موقفنا من الحرب موقف وجودي، لأن الحرب هى العدم. ولان الحرب ضد السلام ولأن الفن هو السلام.

ويختتم الرشيد بقوله كما قال سيدنا خورشيد “كلما بفتح مسرح بفرح وكلما بفرح بفتح مسرح..