النيابة العامة بوادي حلفا تعلق أبوابها لعدم تعاون الشرطة معها لقبض متهمين
أغلقت النيابة العامة لمحلية وادي حلفا بالولاية الشمالية أبوابها وعلقت أعمالها وأنسحبت من اللجنة الأمنية للمحلية، وذلك في تصعيد غير مسبوق وخطير، اليوم الأربعاء، دون إعلان بتوضيح الأسباب، أو إخطار أو سابق إنذار لجمهور المتعاملين، وفوجئ الأهالي صباح اليوم عند مشاهدتهم أبواب النيابة العامة مغلقة والمكان خالي من الحركة دون أن يجدوا تفسيرًا لذلك.
وأبلغ شهود عيان تحدثوا لـ”راديو دبنقا” أنهم ذهبوا إلى مبنى النيابة لتخليص بعض المعاملات لكنهم فوجئوا بأبواب النيابة العامة مغلقة ودون وضع أي إعلان يوضح أسباب هذا الإغلاق والغياب، أو إنذار أو إخطار مسبق للمتعاملين.
واستهجن شهود العيان الخطوة التي عدوها غير مسبوقة، واعتبروها إضرابًا مفتوحًا وغير معلن عن العمل، ورأوا أن هنالك أسباب خفية وقوية غير معلومة لديهم، تقف وراء اتخاذ النيابة العامة لهذه الخطوة باعتبارها مؤسسة حكومية وفي مستوى النيابة التي تعد واحدة من الدوائر العدلية المكملة للشرطة والقضاء. مايعد حدثَا نادرًا لم يألفوه من قبل.
حادث سير:
وانخرط وكيل النيابة العامة بمحلية وادي حلفا صهيب عبداللطيف في اجتماعات مكثفة مع سلطات المحلية والمعتمد من جانب والمجلس الأعلى لمحلية وادي حلفا من جانب آخر، حتى وقت متأخر من الليل لإثنائه عن موقفه واستئناف العمل بالنيابة.
وأبلغ مواطن “راديو دبنقا” أن هنالك خلافات بين النيابة العامة وشرطة المحلية في أعقاب صدور أوامر قبض بحق متلاعبين في تأشيرات الدخول إلى مصر، وأكد على أن وكيل النيابة أغلق مكاتبه لأن الشرطة رفضت التعاون معه، بعدم تنفيذ أوامر القبض على المتهمين فى شأن ما وصفه بفضائح الناشيرات فى القنصلية المصرية، التي عمت كل أرجاء محلية وادي حلفا وأصبحت حديث الناس.
وأعلن النائب العام الفاتح طيفور عن نيته زيارة محلية وادي حلفا للوقوف بنفسه على سير إجراءات التحري والتحقيق، بعد تلقيه شكاوي عن وجود فساد ونافذين قاموا بالتدخل لإطلاق سراح متهمين بحراسة الشرطة التي تحت إشراف ومسؤولية النيابة ودون علم النائب العام صهيب عبداللطيف.
وأكد مصدر فضل حجب هويته، أن التحقيقات ستطال أحد ضباط الشرطة ومعه مجموعة من المتعاونين معه بعد أن رشحت معلومات، عن علاقته ببعض “سماسرة التأشيرات”، وبلغت قيمة التأشيرة ألفين دولار.
وتعرض النائب العام الفاتح طيفور، فجر الثالث والعشرين من مارس لحادث سير بالقرب من مدينة عطبرة بولاية نهر النيل إثر إنقلاب سيارته، في طريقه من مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر حيث تحرك منها ليلاً مع مدير مكتبه وسائقه وحرسه الشخصي.
وقال مصدر فضل حجب هويته لـ”راديو دبنقا” لم يتضح حتى الآن إن الحادث عرضيًا أم مدبرًا لكنه استدرك قائلًا هذا يمكن تحديده من خلال تفقد حالة العربة التي كانت تقله، وأشار إلى أن التحقيق مع الجانب المصرى يستوجب خطاب من النائب العام إلى وزارة الخارجية السودانية ثم وزارة الخارجية المصرية لرفع الحصانة عن المتورطين في قضية التأشيرات.
“مافيا التأشيرات”:
وفي ذات السياق أرجع الصحفي سمؤال عبدالجواد في مقابلة مع “راديو دبنقا” سبب إغلاق النيابة لأبوابها وتعليق العمل بأنه يتعلق بما سماه بفساد تأشيرات الدخول إلى جمهورية مصر العربية، وأكد أن هنالك من سماهم بـ” مافيا التأشيرات”، تقوم بتحصيل مبالغ طائلة كرسوم من طالبي التأشيرة، مشيرًا إلى أن التأشيرة أصلًا مجانية من القنصلية لكن التلاعب يتم من السماسرة ببيع التأشيرة.
وقال إنَّ فريقًا من المباحث تمكن من القبض على مجموعة صغيرة من هذه الشبكة الكبيرة، لكن شرطة المباحث والنيابة العامة الإثنين تتعرضان لمضايقات من حين لآخر من جهات لم يسمها، وقال أن كل جهة لديها مسوغات، فالشرطة تقول في سبيل تبرير إطلاق سراح المقبوضين أن البلاغ كيدي والنيابة تصر على موقفها بأنها تحصلت على اعترافات قضائية. وتؤكد أن هنالك من يحاول تعطيل هذه القضية التي قيد التحري لدى النيابة العامة.
وأصدر قاضي محكمة جنايات وادي حلفا العامة الإمام عباس الإمام، في الحادي والعشرين من مارس، حكمًا ببيع منقولات أحد المتورطين في قضية التأشيرات والذي ضبطت عنده قرابة الـ 30 جوازًا، ودعت المحكمة كل لديه شئ يخص المحكوم، الحضور إلى مقر المحكمة واستلام ما يخصه مع إرفاق أوراقه الثبوتية خلال مدة شهر من تاريخ الإعلان.
متهمين جدد
وذكر أن المستجدات في سير هذه القضية ومادفع النائب العام اليوم إلى تعليق العمل وإغلاق مكاتب النيابة العامة هو ظهور متهمين آخرين في القضية، وأمرت النيابة بالقبض عليهم إلا أنها واجهت عراقيل من قبل الشرطة، وكان الرد أن الفريق المكلف من المباحث بتنفيذ أمر القبض في إجازة مفتوحة ولاعلاقة لهم بهذه القضية وأن لايقوموا بتنفيذ ما يصدر من النيابة من أوامر.
وأوضح سمؤال بقوله كما أشرت أنها شبكة تضم موظفين داخل قنصلية جمهورية مصر العربية في وادي حلفا، وقال في هذا الصدد أن السلطات السودانية خطابت السلطات المصرية ممثلة في وزارة الخارجية، مشيرًا إلى الجانب المصري طلب دلائل ومستندات تثبت تورط موظفيها حتى يتم رفع الحصانة عنهم.
واعتبر أن المخاطبات بين الجانب السوداني والمصري تسبب في تعطيل سير إجراءات القضية، وقال في كل مرة تظهر شخصيات في هذه الشبكة التي تضم أفراد من عدة جهات متورطين في قضية التأشيرات التي عانى منها السودانيون الذين وفدوا إلى مدينة وادي حلفا بحثًا عن الأمن والعبورإلى جمهورية مصر العربية.