كمال عمر: طرفي الصراع في السودان يريدان السلطة ولا يرغبان في الحل السياسي
قال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، كمال عمر عبدالسلام بأن “هذه الحرب غير مسبوقة في تاريخ السودان، فالحروب في السابق كانت تحدث في مناطق الهامش في صورة حركات مسلحة مطلبية هدفها الأساس في الغالب هو السلطة، كما هي الحال بالنسبة إلى الانقلابات العسكرية، فقضية السلطة هي قضية محورية في كل الحروب، والسبب الأساس أننا كسودانيين لم نجب منذ الاستقلال عن السؤال المحوري وهو كيف يحكم السودان؟ وما المؤسسات المحايدة؟ وما الدستور الأنسب للبلاد؟ فأول مشكلة، وأول حرب، وأول عصيان مسلح على الدولة كان بسبب خيانة العهد الأول، حين وقع خلاف بين السياسيين الجنوبيين والشماليين، فساسة الشمال وعدوا الجنوبيين آنذاك بحصولهم على الحكم الفيدرالي مقابل تصويتهم لصالح الاستقلال، لكن لم يتم التزام هذا التعهد، وكانت أول خيانة للدولة السودانية تسببت في حرب الجنوب”.
وأضاف عبدالسلام “في تقديري أن المعالجات التي حدثت من أجل استقرار البلاد كانت وقتية ومخدرة لأن المشكلة لم تكن مشكلة الجنوب وحده، بل كانت مشكلة السودان كله منها الحكم الدستوري، فالانقلابات لم تأت بحلول دستورية ولا حلول سياسية لمعظم القضايا، لذلك استمرت حرب الجنوب لأكثر من نصف قرن وانتهت بانفصاله في 2011، كما لم يتم معالجة قضيتي دارفور وجنوب كردفان (جبال النوبة)، فاستمرت الحروب حتى أنشئت قوات الدعم السريع في 2013 بواسطة السلطة المركزية في عهد النظام السابق وذلك لسببين هما كبت وسحق التمرد في دارفور وجنوب كردفان، مما يعني قيام جيش مواز للجيش الأساس بالنظر إلى قوته الكبيرة، وهذا كان سبب تمرد الدعم السريع”.
مطامع الطرفين في السلطة
ورأى أنه “بعد سقوط نظام البشير وقيام العملية السياسية وما صاحبها من تدخل إقليمي ودولي في الشأن السوداني بات الدعم السريع يطالب بمطالب تفوق حجم مطالب قادة الجيش في الديمقراطية أياً كان صادقاً أم كاذباً، ثم اندلعت هذه الحرب الشعواء التي اقتلعت تروس الدولة السودانية الأساسية، لكن كيف نعالجها؟ ففي تقديري هناك أطماع أساسية في الحكم، إذ إن طرفي الصراع يريدان السلطة ولا يرغبان في الحل السياسي، فإذا أسفرت الضغوط عن وقف الحرب فلا بد من معالجة أسباب وقوع هذه الحرب وذلك من طريق سلطة مدنية تعتمد على الكفاءات بعيداً من أي تدخل من قبل العسكريين”.
السودان بين “منبر جدة” والمتغيرات
ولفت إلى أنه “لمعالجة قضية الحكم لا بد من إيجاد نظام فيدرالي واسع، وقسمة عادلة للسلطة والثروة، فضلاً عن نظام برلماني فيه إجماع من كل الأقاليم لمراقبة السلطة التنفيذية، فمجمل هذه الأسباب يعالجها نظام دستوري يناقش قضايا السودان الدستورية، لكن لا بد من حكومة كفاءات تعمل على إصلاح حال البلد اقتصادياً وإعادة بناء المؤسسات التي دمرت وتعويض الشعب الذي تعرض للنهب والسرقة، فهذه قضايا أساسية في حاجة إلى حل حقيقي”.
ونوه الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي بأن “استقرار البلاد وإطفاء نيران الحروب نهائياً يتطلب مصالحة تشمل كل أطياف المجتمع، لأن الحرب جاءت بأعراض عنصرية بغيضة وكراهية ونزاع عرقي واصطفاف أيديولوجي مما يستوجب عمل معالجات حقيقية لجميع هذه القضايا، على أن يتم من وحي المعالجات السياسية وضع دستور انتقالي ينفذ المطلوب في الإصلاحات”.