قرارات متبادلة بمنع مرورالقوافل التجارية بين دارفور والولايات الشمالية
تتزايد المخاوف في إقليم دارفور المضطرب غربي السودان من استخدام السلع والمواد الغذائية التجارية والمحاصيل الزراعية المهمة أداة جديدة من أدوات الحرب المحتدمة في السودان بين الجيش وقوات الدعم.
ويأتي تنامي هذه المخاوف بعد دخول قرارات قوات الدعم السريع بشأن منع نقل المحاصيل الزراعية والماشية من ولايات دارفور إلى الولايات الآمنة في شمال البلاد حيز التنفيذ، وتقييد حركة مئات الشاحنات المتجهة إلى منطقة “الدبة” بالولاية الشمالية.
وفي خطوة مماثلة حظرت الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش حركة الشحنات المحملة بالمواد الغذائية والبترولية القادمة من دولة ليبيا من الدخول إلى ولاية شمال دارفور في أعقاب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة “مليط” التي تعتبر معبراً رئيسياً لدخول السلع الضرورية إلى دارفور من الولاية الشمالية ودولة ليبيا، “الأسبوع الماضي وفقاً لـ “لجنة تجارة الحدود بولاية شمال دارفور”.
ويقول عضو اللجنة لـ(عاين): إن “أكثر من أسبوعين لم تصل الشاحنات القادمة من ليبيا إلى دارفور؛ بسبب منع قوة تتبع للحركات المسلحة بالتنسيق مع الجيش السوداني تحرك أي شاحنة قادمة من منطقة المثلث إلى دارفور دون تقديم أي مبررات واضحة. وأشار عضو اللجنة الذي اشترط حجب اسمه، إلى أن القوة المشتركة للحركات طلبت من (20) شاحنة قادمة إلى دارفور بالدخول للسودان بالولاية الشمالية عبر طريق (الخناق – دنقلا)، مطالباً طرفي الصراع بضرورة الابتعاد من استخدام المواد الغذائية أداة من أدوات الحرب.
تقييد مماثل
ومنذ اندلاع القتال في السودان تقوم القوة المشتركة للحركات المسلحة في دارفور بتأمين الحركة التجارية من منطقة المثلث الحدودي “السودان، ليبيا، مصر” إلى مدينة “مليط” وتقيم القوة المشتركة نحو (20) بوابة تأمين على الطريق الصحراوي الذي يبلغ طوله أكثر من (1800) كيلومتر.
عضو لجنة تجارة الحدود: السلطات الأمنية في مدينة (الدبة) قيدت تصاريح شحن البضائع إلى منطقة شمال دارفور، وعزت ذلك إلى تطورات الأوضاع الأمنية بالولاية.
ولفت عضو لجنة تجارة الحدود، إلى أنه وبالتوازي مع هذه الإجراءات الجديدة، قيدت السلطات الأمنية في مدينة (الدبة) تصاريح شحن البضائع إلى منطقة شمال دارفور، وعزت ذلك إلى تطورات الأوضاع الأمنية بالولاية.
وأدت التطورات العسكرية في شمال دارفور إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والبترولية خاصة في مدينة الفاشر عاصمة الولاية، وتضاعفت أسعار الجازولين والبنزين الأمر الذي تسبب في أزمة مياه حادة بمخيمات النازحين التي تعتمد محطاتها على العمل بالجازولين القادم من دولة ليبيا.
وفي مطلع أبريل الجاري هددت مجموعة من قوات الدعم السريع في مدينة “مليط” الممر التجاري والإنساني بولاية شمال دارفور بمنع تصدير المحاصيل الزراعية والماشية من دارفور إلى مدينة “الدبة” في الولاية الشمالية؛ وبالتالي تصديرها إلى خارج البلاد.
وتعتبر مدينة “مليط” (70) كيلومتراً شمال مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، نقطة تجارية مهمة لولايات دارفور الخميس، حيث تعتبر معبر لحركة التجارة من دولة ليبيا، بالإضافة إلى ذلك تمثل ممر تجاري رئيسي للتبادل السلعي بين مدن دارفور والولاية الشمالية
وتضاعفت أهمية المنطقة بعد أن توقف حركة النقل والمواصلات بين ولايات دارفور ومدن وسط البلاد عبر الطرق الرئيسية منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم في أبريل من العام الماضي، وسيطرت قوات الدعم السريع ومليشيات أهلية مسلحة على الطرق الرئيسية.
وبالتزامن مع التهديد بمنع نقل المحاصيل الزراعية والماشية كثفت قوات الدعم السريع تواجدها بالمنطقة، ونشرت قوات عسكرية كبيرة في المنطقة بقيادة “اللواء علي يعقوب” بالتوازي مع انسحاب القوات المشتركة للحركات المسلحة التي تقوم بدور حماية المدنيين وتأمين القوافل الإنسانية والتجارية بعد انهيار مؤسسات الدولة.
رغم أن الدعم السريع لم يعلن على نحو رسمي قرار تقييد نقل السلع من دارفور، إلا أن القرار أصبح واقعاً، خاصة في مناطق شمال دارفور، التي شهدت تكدس مئات الشاحنات بعد احتجزتها في مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع، ومناطق سيطرة المليشيات الأهلية المساندة لها- وفقاً للجنة تجار ولاية شمال دارفور.
وأشار تجار في مدينة الفاشر استطلعتهم (عاين) إلى أن قرار منع نقل البضائع من دارفور ستكون له عواقب وخيمة خاصة على المنتجين والمواطنين في دارفور بمنع قوات الدعم السريع الشاحنات التجارية العائدة إلى الولاية الشمالية من ترحيل الماشية والتبغ والزيت والفول السوداني، بجانب سلع أخرى مستوردة من غرب أفريقيا.
تاجر: الإجراءات سيكون لها تأثيراً كارثياً حال تعامل ولايات الشمال بالمثل، ومنعت إرسال المواد الغذائية إلى غرب البلاد التي تعتمد على المواد الغذائية القادمة عبر مدينة “الدبة” طوال فترة الحرب.
ويقول محمد شريف وهو أحد التجار في مدينة الفاشر في مقابلة مع (عاين): إن “قوات الدعم السريع أبلغت أصحاب الشاحنات شفهياً بقرار منع خروج أي منافع من دارفور للولايات الشمالية وخيرتهم بالذهاب بها إلى أسوق جنوب السودان أو دولة ليبيا أو بيعها في الأسواق المحلية في دارفور”.
تبرير الدعم السريع
وبالمقابل عزا مستشار قائد قوات الدعم السريع، مصطفى محمد، في تصريح لـ(عاين)، التحركات الجديدة للدعم السريع في شمال دارفور إلى “الترتيبات الميدانية للقوات بعد عزم بعض الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش إلى استخدام شاحنات الإغاثة والشاحنات المدنية لإيصال الإمداد العسكري للجيش المحاصر داخل مدينة الفاشر”- بحسب تعبيره”، علاوة على محاولات نقل أسلحة وذخائر لمد مجموعات قبلية لإشعال صراع عنف أهلي جديد في الإقليم.
وبالنسبة لممثل التجار، فإن الإجراءات سيكون لها تأثيراً كارثياً حال تعامل ولايات الشمالية بالمثل، ومنعت إرسال المواد الغذائية إلى غرب البلاد لجهة مدن دارفور تعتمد بصورة كبيرة على المواد الغذائية القادمة عبر مدينة “الدبة” طوال فترة الحرب.
ولفت شريف، إلى أن مئات التجار اضطروا إلى توجيه الشحنات إلى وجهات أخرى مثل ليبيا وجنوب السودان حسب الخيارات التي حددها لهم الدعم السريع لجهة أن أي عملية التخزين ستكون معرضة للنهب في ظل الأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد، إلى جانب عودة عشرات الشاحنات دون بضائع، وناشد أطراف الصراع بعدم التضييق على المواطنين في التجارة.
وتعمل معظم الشاحنات والجرارات التجارية في نقل الدقيق والسكر والعصائر والوقود والأواني المنزلية من مدينة “الدبة” إلى مدينة “مليط” وتعود في رحلة إياب من مدن دارفور وهي محملة بزيت الفول السوداني بجانب التبغ والفول السوداني المقشور والصمغ العربي والسمسم التي تدخل ضمن محاصيل الصادر إلى خارج السودان عبر ميناء بورتسودان وبعض دول الجوار.
من جانبها أشارت لجنة طوارئ مدينة “مليط” أنه وسعياً منها لتقليل تأثير التطورات على الوقع المأزوم بشمال دارفور بادرت إلى التواصل مع قيادة قوات الدعـم الـسريع بالمنطقة، وأوضحت اللجنة خطتها لتقليل تداعيات منع نقل المنتجات المحلية إلى شمال وشرق البلاد على حياة الناس في دارفور
وقال عضو لجنة طوارئ مليط الذي فضل عدم ذكر اسمه لـ(عاين)، إنهم توصلوا مع متحرك قوات الدعم السريع من خلال اجتماع الأسبوع الماضي على عمل مشترك مع جميع الأطراف في مليط للمساهمة في تيسير حركة القوافل التجارية القادمة من “الدبة” بالولاية الشمالية ودولة ليبيا، وطالب اللجنة قوات الدعم السريع بضرورة ضبط سلوك أفرادهم، حتى لا يؤدي ذلك إلى احتكاك مع المواطنين.