حميدتي هل يتجه لفصل دارفور وإعلان دولة جديدة
النور أحمد النور – الجزيرة
يخشى مراقبون من انزلاق إقليم دارفور في غرب السودان إلى فوضى وحرب أهلية إثر اتهام حاكم الإقليم ورئيس حركة تحرير السودان أركو مناوي، قوات الدعم السريع بالتخطيط لإنشاء دولة في المنطقة وفرض أمر واقع فيها، إثر إعلان قبيلة الزغاوة انحيازها للجيش لمقاتلة الدعم السريع.
واتهم مناوي الدعم السريع بالتخطيط لإنشاء دولة جديدة في غرب السودان تحظى بما سماه “الاعتراف الصامت”. وقال في تغريدة على منصة “إكس” -الأحد الماضي- إن تساهل القوات المشتركة لحركات دارفور مع القتال جاء رغبة في الحوار والتعايش السلمي في السودان عموما وإقليم دارفور خصوصا.
وبحسب حديث حسب الله للجزيرة نت، فإن قيادة الدعم السريع قررت السيطرة على الفاشر بدعم جهات إقليمية ودوائر في دول مجاورة للإقليم والاستعانة بمرتزقة، ومجموعات مسلحة في دارفور.
وباعتقاده، فإنه يصعب تنفيذ هذه الخطة بعد قرار الحركات المسلحة القتال إلى جانب الجيش بالإضافة إلى المقاومة الشعبية وإعلان زعيم قبيلة المحاميد العربية الشيخ موسى هلال مساندته القوات المسلحة.
وتوقع الباحث أن يؤدي موقف هلال إلى انشقاق مجموعات مؤثرة من الدعم السريع حيث إنه يتزعم تيارا فاعلا من قبيلة الزريقات التي ينتمي إليها قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” ويقف خلفه آلاف المقاتلين.
فزاعة
في الإطار ذاته، أعلن رئيس مجلس شورى قبيلة الزغاوة صالح عبد الله أحمد الحرب على الدعم السريع داعيا أبناء السودان -والزغاوة خاصة- إلى العمل “جنبا إلى جنب مع القوات المسلحة والمشتركة، لدحر مرتزقة عرب الشتات”، مستلهما من تاريخ القبيلة في الدفاع عن وحدة أهل السودان وتاريخهم البطولي في مناهضة الخونة والمحتلين.
وأمهل عبد الله أحمد أبناء الزغاوة -في تسجيل صوتي- ممن استقطبهم من سماهم بالجنجويد -في إشارة إلى الدعم السريع- العودة لديارهم معلنا العفو عنهم إذا تم ذلك خلال 10 أيام.
وتُعتبر الزغاوة من أبرز القبائل في دارفور، وينتمي إليها غالبية قيادات الحركات المسلحة منذ اندلاع الحرب في الإقليم عام 2013. ويتركز وجودها في منطقة أقصى شمال غرب دارفور وفي المناطق الشمالية الشرقية لدولة تشاد المجاورة.
وتعليقا على ذلك، يستبعد الباحث حسب الله أن يقود هذا القرار إلى صراع قبلي لأنه موجه إلى الدعم السريع وليس للقبائل العربية التي يمثل أبناؤها العمود الفقري لقوات “حميدتي”.
وعدّ الحديث عن احتمال اندلاع قتال بين القبائل أو وقوع حرب أهلية فزاعة يستخدمها أنصار”المليشيا” رغم أنهم كانوا وراء الجرائم التي ارتُكبت بحق قبيلة المساليت في ولاية غرب دارفور واغتيال حاكم الولاية خميس أبكر والتمثيل بجثمانه.
يُشار إلى أنه في يوليو/تموز الماضي، وقّع زعماء 7 قبائل غالبيتها عربية على بيان مشترك في مدينة نيالاعاصمة ولاية جنوب دارفور أعلنوا فيه مساندة الدعم السريع، وشملت هذه القبائل الرزيقات ونظار قبائل البني هلبة والترجم والهبانية والتعايشة والمسيرية والفلاتة.
ورقة مساومة
في المقابل، يرى المحلل السياسي أشرف علي أن قيادة الدعم السريع تريد السيطرة على كامل إقليم دارفور لاستخدامه ورقة مساومة في أي مفاوضات مع الجيش للعودة للسلطة في الخرطوم وضمان مستقبل سياسي وعسكري، وليس فصل الإقليم لإقامة دولة، لأن هذه القيادة تدرك أن تركيبة الإقليم الإثنية معقدة ولن تستطيع مجموعة قبلية أن تفرض أمرا واقعا على أكثر من 90 إثنية.
ويوضح للجزيرة نت أن ولاية شمال دارفور التي تسعى قوات الدعم للسيطرة على عاصمتها، تُعد معقلا لفصائل عسكرية وتحمل رمزية سياسية واجتماعية لها وستستميت -مع الجيش- في الدفاع عنها خصوصا أنها تمتلك مقاتلين لديهم قدرات قتالية وخبرات عسكرية اكتسبوها خلال فترة الحرب التي استمرت نحو 20 عاما.
ويستبعد المتحدث انحدار الإقليم في حرب أهلية لأنه لا يوجد طرف سيحقق مكاسب من ذلك، وتوقع خريطة جديدة للتحالفات في دارفور تفرزها التطورات العسكرية والسياسية، يمكن أن تفرض واقعا جديدا في الإقليم.
ويتألف إقليم دارفور الذي يساوي مساحة فرنسا، من 5 ولايات تمتد من الصحراء في الحدود مع ليبيا في الشمال حتى بحر الغزال في جنوب السودان وتمتد من إقليم كردفان في الشرق حتى تشاد غربا، وتعيش في دارفور 85 قبيلة عربية وأفريقية بجانب عشرات العرقيات.
وتوجد بين بعضها خلافات على الأرض “الحواكير” ومواجهات مسلحة راح ضحيتها آلاف المواطنين، وثارات قديمة تتجدد كلما ضعفت مؤسسات الدولة المركزية.
وهناك 13 قبيلة مشتركة بين السودان وتشاد، وينحدر الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي من قبيلة الزغاوة حيث حكم البلاد منذ عام 1991 حتى مقتله في أبريل/نيسان 2021، وخلفه نجله محمد إدريس ديبي.
المصدر : الجزيرة