المنوعات

الخرطوم بحري قصة مدينة عمرها الانجليز ودمرها السودانيين الحلقة (4) المنطقة الصناعية الخرطوم بحري

بقلم: أمير شاهين
بوجود النقل النهري والميكانيكي والسكة حديد بالإضافة للمنطقة الصناعية الأكبر حجما ومساحة وانتاجا في السودان في مدينة بحري، استحقت المدينة لقب ” العاصمة الصناعية” عن جدارة! فاذا كانت الخرطوم هي العاصمة الإدارية وام درمان العاصمة الوطنية، فالخرطوم بحري هي العاصمة الصناعية ومفيش حد أحسن من حد!!
كانت المنطقة الصناعية فى بحرى هي الاكبر من حيث المساحة في السودان وكانت تعج بالنشاط و الحركة حيث ان هدير الماكينات و ضجيج الآلات لا يتوقف على مدار الساعة , حيث انتشرت فى ذلك الوقت مصانع الغزل و النسيج و الملابس الجاهزة و الاحذية الرجالية و النسائية حيث وكانت شركة باتا فى اوج تألفها وازدهارها وتبعتها بعد مدة شركة لا ركو والتي كانت مشهورة يتعيينها لمشاهير كرة القدم فى السودان عندما كانت لكرة القدم السودانية تحتل المراكز المتقدمة فى التصنيف الأفريقي والعربي قبل ان تتدهور و تصبح على ما فيه الان من حال يغنى عن السؤال ,مثلها مثل الكثير من الاشياء الجميلة التي كانت فى السودان قبل ان تلحق ” امات طه” اما الصناعات الغذائية فقد كانت متقدمة كثيرا علة صناعات دول المنطقة , اما صناعة الصابون بجميع انواعه فقد كانت ذات جودة عالية ونذكر صابون الحمام بوتيك وصابون الفنيك المطهر و القاتل للجراثيم وكان هو المفضل لدى العاملين فى الحقل الطبي وصابن الغسيل كان مشهورا جدا وقتها مثل صابون غسيل ابوفيل البرتقالي اللون اما صابون الغسيل البودرة فقد كانت تمتلئ به ارفف البقالات ونذكر صابون كلين الذى اشتهر بدعايته التى كانت مثار اعجاب الجميع وخصوصا عندما تضحك تلك السيدة السودانية وهى تقول ” هاهاه كلين” ولا اود الاسترسال فى جودة تلك المصنوعات السودانية كاملة الدسم فهذا حديث ذو شجون . ما كان يلفت نظري هو كمية الناس الذين يعملون فى تلك المصانع , فقد كان شارع منزلنا فى الختمية احد الشوارع القريبة و المؤدية الى المنطقة الصناعية ومنذ الصباح الباكر كنت اشهد زحف كميات كبيرة من البشر وهى فى طريقها الى اعمالها فى المنطقة الصناعية فترى الذين يسيرون بأقدامهم والبعض يمتطون الدراجات السوداء العتيقة من نوع الرالي المشهور بجودته و بعض العاملين الذين توفر لهم مصانعهم الترحيل بواسطة الحافلات و البصات والتي كان يعلو هديرها فيشق عنان السماء وهى مكتظة وتنوء بحملها من العاملين الموجودين بداخلها والذين كانوا يتبادلون الحديث و الضحكات و القفشات بصوت عال فى تلك الساعات المبكرة من اليوم , وكان صديقي لدى صديق خفيف الدم يقول انه يميز بص مصنع العطور من بين عشرات البصات بسبب الانبعاث القوى للروائح العطرية النفاذة من داخل البص ! , وكان هذا المشهد الذى لا يغيب عن بالى اراه كأجمل لوحة تعبر عن انصهار السودانيين من جميع مناطق السودان فى بوتقة واحدة يجمعهم الحب و الانسجام فى وطن واحد كان يسع جميع ابنائه بدون فرز و يوفر لهم العيش الكريم . وحتى فى المساء فقد كان سيل العابرين للشارع لا تنقطع من الذين يعملون فى المناوبات الليلية وان كانوا اقل عددا من الذين يعملون فى الفترة الصباحية ولك ان تتخيل كيف كانت هذه المصانع توفر فرص العمل لكل من يرغب وتكفل العيش الكريم لألاف السودانيين من مختلف ارجاء الوطن الذي كان يلقب ببلد المليون ميل مربع وتوفر لهم ولذويهم الرزق الحلال واالحياة الكريمة !
ونواصل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى