د. عبدالعظيم أكول يرثي الفنان الراحل حمد البابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
ياالله..ياالله..ياالله
حمد البابلي في الخالدين
بقلم د.عبد العظيم اكول
نعي الناعي الينا خبر رحيل المطرب المبدع الخلوق الانسان الذي ينبض قلبه بالحب لكل الناس من كل فج عميق..لذلك كنت اداعبه دائما وهو صاحب حضور اسر في سائر المجتمع الفني والاجتماعي داخل وخارج السودان..اذ كنت اناديه دوما ..ياحبيب الناس..اليوم اكتب والدمع يتقطر والقلب ينفطر وينبض بالحزن ويكاد يقفز من بين الضلوع لوعة واسي..ولكنا لانقول الامايرضي الله تعالي..ولكل اجل كتاب..
حمد البابلي اصلا من ابناء ولاية النيل الابيض وهو الخيط الذي جمعني به في العام ١٩٨٢م بالاذاعة السودانية ومركز شباب ام درمان..بعد ان اجاز صوته رسميا من قبل لجنة الالحان بالاذاعة والتلفزيون تلك اللجنة الباهرة والتي كانت تضم في عضويتها الراحلين برعي محمد دفع الله والعاقب محمد حسن وعلي مكي واحمد زاهر واخرين..ولحلاوة وطلاوة صوته فقد تبناه الموسيقار الدكتور عبد الماجد خليفة وصار كانه ابنه وكذلك الشاعر الاذاعي ذو النون بشري الذي منحه نص حبيبتي ياامي وكذلك الشاعر الراحل محمد علي ابوقطاطي الذي منحه عدد من القصائد البديعة منها ..سمحة ست الذوق ورزينة..ثم اطلق عليه د.عبد الماجد خليفة لقب البابلي لجمال وحسن صوته الذي اشاد به الراحل العاقب محمد حسن..وهنا تشكلت شخصيته الفنية برغم انه ولج الساحة الفنية وسط عمالقة لايشق لهم غبار وحظي بالحان الراحلين احمد زاهر ..ملك الالحان الذهبية والراحل علاء الدين حمزة الذي تزوج الراحل المقيم من كريمته وصار احد افراد اسرته..اذكر ان اول عمل فني جمعني به تمثل ذلك عبر قصيدتي ..فاتن..والتي اجازتها لجنة النصوص الشعرية وتحدث عنها الراحل الدكتور الاذاعي والاديب الاريب عبد المطلب الفحل وكذلك الشاعر الكبير شاعر الحقيبة الراحل محمد بشير عتيق والشاعر الراحل ابونا سيف الدين الدسوقي..وتقول بعض ابيات القصيدة التي لحنها وتغني بها الراحل البابلي وسجلها رسميا للاذاعة..
اه لو عشتو لحظات
عرفتو في الدنيا في ذاتن
جمالن للعيون فاتن
وما احلاك يافاتن
حقيقة نتهوه في نظراتن
ورقة صوت في نبراتن
مناي الفرحة لو جاتن
يقضن فيها ساعاتن
تهود بي مسافاتن
واحلق في سماواتن
بعاين طرفك الفاتن
وما احلاك يافاتن
ثم انتقل للعمل في المملكة العربية السعودية واستقر به المقام في مدينة جدة..وواصل العطاء الفني اذ التقي بنخبة من الشعراء المتميزين هناك وارتقي بالحانه واغنياته..والتقيت به مع زوجتي في جدة بمحل عمله في سوق الخيمة عام ١٩٩٦م حينما ذهبنا لاداء العمرة واكرمنا غاية الاكرام..اذ استاذن لمشوار قريب ..فاذا به ياتي بعد برهة وهو محمل بالهدايا الفاخرة لي وللمدام وكان سعيدا غاية السعادة يطفر البشر بين جوانحه وهو يصر علينا ان نكون ضيوفا عنده كل ايام العمرة لولا اننا اعتذرنا بسبب الارتباط بوكالة السفر التي جئنا عبرها لاداء العمرة..
ثم جاء الي ام درمان وكان قد اشتري قطعة ارض بواسطة نسيبه الراحل علاء الدين حمزة..في الواحة ام درمان..بشارع الابراج واكمل تاسيسها من عمله في السعودية..وطلب مني ان اردت السكن في جزء من منزله بلا مقابل مادي لانه اخي الذي لم تلده امي لولا اعتذاري له بشدة..
وذكر لي انه منذ نعومة اظافره يمتلك حسا تجاريا لذلك اسس لمعرض راقي للاثاث المنزلي بالواحة شرق..لعدة سنوات واذدهر معرضه وانشا له فروعا بالولايات في كوستي وربك والابيض..
ظل مشاركا في كل مناسباتنا والاعراس وكان اخرها العام الماضي حينما غني في زواج ابنتي مروة ..ثم اخبرني ان صاحب الارض التي يقيم عليها معرضه قد قرر ان يخليها لانه يريد زواح ابنه
فانتقل الي شارع الابراج واقام معرضه قبل كوبري خور شمبات..وكان المعرض منتدي ادبي وثقافي جامع لكل الوان الطيف من الادباء..تجد فيه الشعراء مختار دفع الله وتجاني حاج موسي واسحق الحلنقي وتاج السر عباس وغيرهم ورفاق دربه من المطربين عثمان الاطرش ومحمود تاور ومجذوب اونسة وغيرهم..
قبل عام ذهب الي القاهرة وكنت ايصا هناك بغرض العلاج وكان يسكن بقربنا في عابدين مع اسرته الكريمة ويعمل علي علاج قريب له اصيب اصابات بالغة في السلسلة الفقرية وقال لي انه يريد الاستقرار بمصر
ثم عاد الي السودان لتصفية اعماله..فاندلعت الحرب وسافر مع اسرته للقاهرة في مايو من العام الماضي لان ابنه الاصغر يدرس بكلية الطب بجامعة الاقصر وذهب معه وقال لي انه وفر شقة لابنه وزميل لابنه في نفس الكلية بالاقصر
ثم التقيت به في اغسطس الماضي في حي عابدين مع المطرب الكبير محمود علي الحاج وقال لي انه بصدد فتح محل تجاري بسوق الاثنين بعابدين..فضحك محمود علي الحاج وقال لي. صاحبك حمد (مابخلي التجارة).
ثم عرفته برحل الاعمال الاديب والشاعر المرهف دكتور احمد سليمان الجموعي رئيس مجلس ادارة ومؤسس شركة اتلانتك للمياه بالقاهرة وكان نتاج ذلك ان تغني بكلماتي في حق د.احمد وهي اغنية (الجموعي الاصم) ثم تغني لي باخر اغنية في حياته وهي اغنية ( عاصم عمر). ثم افترقنا..وارسل لي قبل شهر ان اخاطب الصديق وتوام الروح الشاعر الفذ مختار دفع الله المتواجد في ام درمان حينها ان يذهب لتفقد منزل الاسرة منزل الراحل علاء الدين حمزة بمدينة النيل بام درمان بعد ان تم تدمير المنزل بدانة احدثت فيه وعاثت خرابا لايصدق..
ويبدو انه لم يحتمل الانتظار فعاد قبل شهر لام درمان وتفقد المنزل بعد ان ترك زوجته وابنه في سكنه بالقاهرة حي عابدين وسجل مقطع فيديو داخل مول بالواحة شرق يمتلكه صديق له..ومن ثم قرر العودة لمصر..قبل اربعة ايام عن طريق البر حتي وصل الي ابوحمد..وتحرك منها..الي ان قدر الله تعالي ان يفارق هذه الدنيا الفانية راضيا مرضيا..في حادث حركة مؤلم..تلك ارادة الله تعالي..ان يغادر هذه الفانية في ريعان شبابه..نسال المولي عز وجل ان يرحمه رحمة واسعة..وان يتولاه برحمته ..وان يغفر له ماتقدم وماتاخر من ذنبه..ربنا انه عبدك الفقير اليك حمد الانسان البشوش الانسان الذي لايحمل في قلبه النقي الطيب الا حب الخير للناس ..ارحمه واجعله اللهم من اصحاب اليمين..وثبته عند السؤال واجعله في عليين..ياارحم الراحمين..
انا لله وانا اليه راجعون