طريقان لإطالة أمد الحرب والحكم بإعدام السودان.. قاعدة روسية في بورتسودان وحكومة النموذج الليبي في الفاشر
كتب : ياسر عرمان
كانت الصومال في الأصل واحدة شعباً وأرضاً، وشعبها العزيز تربطه صلات وثيقة بالسودانيين وهو يتحدث لغة واحدة ومعظمه يتبع نفس الديانة ومتجانس اثنياً، بالرغم من ذلك فعلت الحرب الأهلية الافاعيل بالصومال قسمت الشعب والأرض، فماذا ستفعل بالسودان الزاخر بالتنوع والوحدة والاختلافات!
تتجه أطراف الحرب في عجزها عن الحل العسكري والذي ان حدث لن يستديم السلام أو يوحد العباد والبلاد، تتجه إلى أخذ (شليه) من خراب بيت آبائها! الجيش الذي يعاني من نقص في المشاة لا يبحث عن الحلول بل يبحث عن السلاح الذي يسد رمق نقص المشاة متمثلاً في المسيرات والطيران الحديث والمدفعية المبرمجة ولا يمانع في تدمير الشعب والبنية التحتية وهو يريد الدعم السريع كشريك أصغر في نهاية المطاف. الفريق أول ياسر العطا قال انه على استعداد للتضحية بـ (٤٨) مليون مواطن، واذا ثبت ان سكان السودان (٤٥) مليون ففي هذه الحالة فانه لابد ان يستعير (٣) مليون ضحايا من دول الجوار!
قادة الجيش على دراية بالمتغيرات الجيوسياسية في البحر الأحمر والساحل والقرن الأفريقي والشرق الأوسط وهم يرغبون في دعم الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية كخيارهم الأول ان وجد، وان تعذر فإنهم سيمضون مع بلدان الساحل المتمردة على الغرب والصديقة لروسيا الاتحادية وكل البلدان الأخرى المعادية للغرب في ظل تطورات متسارعة يشهدها النظام العالمي وهم بذلك يدخلون السودان وهو في أضعف حالاته في الصراعات الاقليمية والدولية وهو مخطط قديم للبشير وزمرة المؤتمر الوطني وموضوع القاعدة ابتدره البشير وأوقفته ثورة ديسمبر.
معلوم ان روسيا بدأت مشوار الميل في سوريا بقاعدة بنياس، وهذه التحالفات المرتجاة ستغضب عدد من دول الجوار التي لا ترغب في قواعد على البحر الأحمر، وفي الانقسام الذي يشهده مجلس الأمن الدولي ستتخندق جماعة بورتسودان مع المتخندقين بغرض الحماية وهذا سيجلب للجيش أصدقاء وخصوم معاً وسينقل طرفي الحرب من البحث عن قسمة السلطة والموارد إلى طريق جديد نحو اقتسام السودان نفسه. وكتب الذين ذهبوا في طريق جهنم من قبل ان هذا الطريق مفروش بالورود والنيران المحرقة.
الدعم السريع في بحثه عن الشرعية أعطى إشارات بان الاستيلاء على الفاشر يعني تكوين حكومة مقابلة لبورتسودان مما يعني اقتسام جغرافيا السودان والسلطة والموارد ووضع اليد على حدود خمسة بلدان هي ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجزء من حدود مصر وجنوب السودان، والحدود مصدر للعلاقات والتجارة والسلاح.
الفاشر مثل ما تشهد معركتها انقسام قبلي ومجتمعي بين الجيش والدعم السريع فان حكومتها ستشهد نفس الانقسام السياسي والمجتمعي وستكون اقل شأناً من النموذج الليبي لتعقيدات تركيبة السودان وستعطي قليل من الشرعية ومزيد من الانقسامات والحروب الداخلية ومسؤولية اكبر تجاه المدنيين وستقود إلى تقسيم السودان ودارفور نفسها.
طرفا الحرب يتصارعان على الشرعية والسيادة التي شبعت تأكلاً وسقطت حينما تحولت عاصمة البلاد ورموز ومباني الدولة إلى بيوت أشباح وتم تشريد أكثر من ١١ مليون نازحين ولاجئين يمثلون الشعب وسيادته واحترام إرادته، السودانيون اليوم مشردون يتلقون الاهانات في المطارات والمنافذ والأنكى داخل بلادهم وحينما تنعدم قيمة الإنسان تنعدم السيادة والشرعية.
الشرعية المتآكلة من نصيب بورتسودان فهي شرعية لدولة وليس حكومة ونتجت من ان المجتمع الدولي يريد الحفاظ على الدولة السودانية ولكنه لا يقف مع الحكومة، واذا ما اعلن المجتمع الدولي بان السودان تنعدم فيه الدولة والسيادة فان ذلك سيخلق مشاكل بدأً من الأوراق الثبوتية والجنسية ويتطلب اجراءات ومسؤوليات لا يرغب المجتمع الدولي في تحملها والذي يتعامل مع بورتسودان كممثلة للدولة اما الحكومة فحتى الاتحاد الأفريقي الأقرب لنا قام بتجميدها وتبذل مجهودات كبيرة للعودة له، ونتجت الشريعة من الجيش ومجلس السيادة.
والشرعية والسيادة الحقيقية لن تتحقق برهن السودان للمصالح الاقليمية والدولية وانشاء قواعد اجنبية رفضتها الحركة الوطنية منذ نشأتها، والمحير ان بعضهم يدق جرس المزاد ويرحب بكل الدول الراغبة في انشاء القواعد على ساحل البحر أو النهر. في كلتا الحالتين فان القواعد مضرة مثل النموذج الليبي الذي يسعى الشعب الليبي العزيز للتخلص منهم وتوحيد الدولة الليبية وبناء جيش ليبي واحد، في الحالتين فإننا نتجه لاطالة أمد الحرب ومعاناة المدنيين والتضحية بمزيد من العسكريين من ابناء الوطن في الجانبين.
ما تحتاجه بلادنا ويحقق مصالح الجميع هو الربط بين المسار المدني- السياسي والمسار العسكري. ان دعوة الاتحاد الافريقي للمدنيين والدعوة التي وجهتها مصر للمدنيين ايضاً يستحقان الربط والتنسيق بينهما وكذلك بينهما وبين المسار العسكري في جدة للوصول لوقف اطلاق نار إنساني طويل الأمد برقابة اقليمية ودولية على الأرض مما يهيئ المناخ لعودة المدنيين إلى قراهم ومدنهم ويوفر الإغاثة ويفتح المسارات ويحمي المدنيين ومشاركتهم الفاعلة في الفضاء السياسي المفتوح ومخاطبة جذور الأزمة باعادة تأسيس الدولة وبناء الجيش المهني الواحد واستكمال الثورة في عملية واحدة ومترابطة تؤدي إلى حكم مدني ديمقراطي وللاستقرار والتنمية والمواطنة بلا تمييز، اما الذهاب في طريق القاعدة والنموذج الليبي فانه سيطيل أمد الحرب وهو حكم بإعدام السودان.
٦ يونيو ٢٠٢٤