الأخبار

اللاجئون السودانيون في إثيوبيا .. موت ونهب وسلب وجوع

بقلم : محمود أبوبكر صحافي متخصص في شؤون القرن الأفريقي

أفادت وسائل إعلام إثيوبية وسودانية بأن اللاجئين السودانيين يعيشون ظروفاً اقتصادية وأمنية في غاية الدقة، بخاصة في إقليم أمهرا حيث تتعرض مخيماتهم لغارات من مجموعات مسلحة تنشط في المنطقة، مما أدى إلى نهب ما تبقى من ممتلكاتهم، فضلاً عن تعرض بعض اللاجئات للاغتصاب على يد المسلحين، مما أجبر نحو 1000 لاجئ على الفرار خارج المخيمات المخصصة لهم.

في فصل جديد من معاناة المتضررين من الحرب السودانية يواجه أكثر من 7 آلاف لاجئ سوداني، بينهم أكثر من 1000 طفل و1000 امرأة، مآسي جديدة في الجارة الشرقية للسودان إثيوبيا. فبعد أن فروا من أهوال الحرب التي تدور في بلادهم، وقعوا في معاناة جديدة في إثيوبيا نتيجة تعرض مخيماتهم لهجمات متكررة من قبل مسلحين، بخاصة في إقليمي أمهرا وبني شنقول المحاذيين للحدود السودانية.

وتعرض في الأقل مخيمان من المخيمات الخاصة باللاجئين السودانيين لعمليات سلب ونهب مما أدى إلى مقتل اثنين من اللاجئين وإصابة خمسة آخرين، كما تعرض ما لا يقل عن 35 شخصاً للسلب والنهب والتهديد، فضلاً عن تعرض 16 آخرين لاعتداءات وتعذيب جسدي أثناء محاولتهم جلب الحطب لاستخدامه في الطبخ.

معاناة

وأفادت وسائل إعلام إثيوبية وسودانية بأن اللاجئين السودانيين يعيشون ظروفاً اقتصادية وأمنية في غاية الدقة، بخاصة في إقليم أمهرا حيث تتعرض مخيماتهم لغارات من مجموعات مسلحة تنشط في المنطقة، مما أدى إلى نهب ما تبقى من ممتلكاتهم، فضلاً عن تعرض بعض اللاجئات للاغتصاب على يد المسلحين، مما أجبر نحو 1000 لاجئ على الفرار خارج المخيمات المخصصة لهم.
تحدثت إذاعة محلية في إقليم أمهرا عن أن اللاجئين السودانيين الذين فروا من المخيمات تم توقيفهم من قبل الأجهزة الأمنية الإثيوبية (مواقع التواصل الاجتماعي)

وأعلنت دائرة اللاجئين والعائدين الإثيوبية عن جهود لنقل اللاجئين السودانيين الذين فروا من ملاجئهم في منطقة أمهرا، وقال تاميرات ديميسي منسق أحد مراكز اللاجئين إن عملية نقل اللاجئين السودانيين إلى موقع جديد يسمى “أفتت” في منطقة غرب جوندار (شمال غربي إثيوبيا) قد بدأت، مؤكداً أن “تجهيزات الموقع الجديد قد اكتملت بالفعل”.

بدورها، أصدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بياناً يفيد بأن ما يقارب 1000 لاجئ سوداني غادروا موقعين للاجئين الواقعين في منطقة أمهرا بسبب المخاوف الأمنية وعدم كفاية الخدمات. وأفاد بيان المفوضية أيضاً بأن اللاجئين بدأوا أخيراً إضراباً عن الطعام مما أدى إلى تفاقم الوضع الأمني المتوتر بالفعل في المنطقة، كما حذرت المفوضية الأممية من أن الاحتجاجات التي قادها اللاجئون السودانيون قد تشكل أخطاراً كبيرة على حياتهم، مشيرة إلى أن العدد الكلي للاجئين الذين فروا من المخيمات يبلغ نحو 1000 نازح وليس 8 آلاف كما ذكر بعض المصادر، مؤكدة أنهم تعرضوا لهجمات متكررة من جماعات مسلحة.

هجمات وسرقات

من جهة أخرى، تحدثت إذاعة محلية في إقليم أمهرا عن أن اللاجئين السودانيين الذين فروا من المخيمات نتيجة تعرضهم لهجمات وسرقات الجماعات الخارجة عن القانون، تم توقيفهم من قبل الأجهزة الأمنية الإثيوبية، بعد فترة وجيزة من مغادرتهم المخيمات، في غابة تبعد 70 كيلومتراً عن الحدود السودانية داخل منطقة أمهرا الإثيوبية.

وبحسب التقارير ذاتها فإن المجموعة تضم 2133 طفلاً و1017 امرأة، وجميعهم محرومون حالياً من أي صورة من صور المساعدة.

وفي حين أشار مسؤول دائرة اللاجئين إلى أن أديس أبابا تعمل على معالجة القضايا الأمنية في المنطقة، أعرب ممثلو اللاجئين عن مخاوفهم المستمرة في شأن سلامتهم ونقص الخدمات، وأشاروا إلى أن مطالبهم من المفوضية السامية للاجئين تتمثل في الانتقال إلى بلد ثالث.

وفي تعليق جديد للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على أوضاع اللاجئين السودانيين، قالت إنه “يواجهون تحديات خطرة بما في ذلك عدم كفاية الأمن ونقص كبير في الغذاء وعدم كفاية الرعاية الطبية”.

الاستجارة من الرمضاء بالنار

من جهته، قال الناشط الاجتماعي السوداني عماد سر الختم بأن اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب في بلادهم، تركوا في منطقة غير آمنة، مضيفاً “عندما حاولوا الهرب من عمليات النهب والسلب التي تعرضت لها معسكراتهم، في محاولة للجوء إلى مناطق أكثر أمناً، منعتهم القوات الأمنية من مغادرة المنطقة، بذريعة أن أعدادهم كبيرة”، وتابع “لا نعرف لماذا تصر السلطات الإثيوبية على بقاء هؤلاء اللاجئين في مناطق غير آمنة، فلا هي قادرة على سد هجمات المسلحين عنهم، ولا تسمح لهم بالانتقال إلى المدن والقرى المجاورة”، وسأل سر الختم “هل ترك نحو 7 آلاف لاجئ في غابات كثيفة ينشط فيها مسلحون خارجون عن القانون يحقق أهدافاً أمنية لإثيوبيا؟”.

واسترجع الناشط السوداني تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين بالقول “على رغم الأوضاع الأمنية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها السودان، خلال الأعوام الخمسة الماضية، فإنه استقبل ما لا يقل عن نصف مليون لاجئ إثيوبي، خلال اندلاع حرب تيغراي الأخيرة، ووفر لهم مخيمات آمنة إلى جانب توفر الخدمات كافة”.

وطالب الحكومة الإثيوبية والمفوضية السامية للاجئين بإيجاد حلول عاجلة لمعاناة اللاجئين السودانيين سواء عبر توفير مخيمات آمنة أو توفير الأمن داخل المخيمات القائمة، “أما الخيار الثالث فهو نقلهم إلى بلد ثالث”، ووصف سر الختم حال هؤلاء اللاجئين بأنه أشبه ما يكون بالمثل القائل “كالمستجير من الرمضاء بالنار”، إذ إنهم فروا من أهوال الحرب إلى نار السلب والنهب.

فاتورة الخلافات الداخلية

بدوره، قال المتخصص في الشأن الإثيوبي محاري سلمون إن اللاجئين السودانيين في إقليمي أمهرا وبني شنقول يدفعون ضريبة الخلافات السياسية الإثيوبية، إذ إنهم لجأوا إلى منطقة تشهد صراعات مسلحة بين الجيش النظامي وميليشيات مسلحة، وأضاف أن المواطنين الإثيوبيين أنفسهم في هذه المناطق يدفعون أثماناً باهظة نتيجة الحرب المشتعلة منذ أكثر من عام، فضلاً عن الانفلات الأمني، إذ لا تسيطر القوات الأمنية والعسكرية بصورة كافية على هذه المناطق النائية.

ونوه سلمون إلى أن الهجمات التي تعرضت لها مخيمات اللاجئين من قبل بعض الجماعات المسلحة تؤكد أن الدولة الإثيوبية لا تبسط سيطرتها على معظم الغابات في إقليم أمهرا، كما تكشف عن أن اللاجئين كانوا فريسة عدد من الجماعات والعصابات المسلحة. وتابع “بخصوص ميليشيات فانو فإن لديها أجندة سياسية واضحة تتعلق بإحراج إدارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أمام الرأي العام الإثيوبي والعالمي، بخاصة بعد إعلان مسؤولي وزارة الدفاع الوطن بأن حملتهم لإنفاذ القانون تحقق أهدافها، لذا فإن هذه الهجمات المنظمة من قبل هذه الميليشيات القومية ضد اللاجئين تكشف عن عدم صحة ما يعلنه سواء من قبل الحكومة المركزية أو وزارة دفاعها، أما العصابات الأخرى فأهدافها لا تتجاوز السلب والنهب والاغتصاب”.

أضاف سلمون “من المؤسف أن نرى اللاجئين يسددون كلف الأزمة الداخلية الإثيوبية، فهم يدفعون ثمن لجوئهم لدولة لا تنجح في حماية مواطنيها”، وبرر المحلل الإثيوبي إصرار أديس أبابا على عدم انتقال اللاجئين السودانيين إلى مناطق آمنة في المدن، بأن الأمر يتطلب تنسيقاً أمنياً عالياً حتى لا يتسرب بينهم عناصر من ميليشيات “فانو”، فضلاً عن أن السلطات الأمنية تسعى إلى تنسيق الانتقال مع المفوضية السامية للاجئين، وتجهيز مخيمات أخرى توفر الخدمات الاجتماعية والغذائية والصحية، كما أن انتقال آلاف الناس من مكان إلى آخر في مناطق مشتعلة بالصراعات قد يعرض حياتهم لأخطار أخرى.

وتوجه سلمون باللوم لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين متهماً إياها بأنها “تتعامل بازدواجية تجاه اللاجئين الأفارقة”، مشيراً إلى ما تم تقديمه من خدمات وتخصيص موازنات طائلة للاجئين الأوكرانيين عند بدء الحرب الروسية – الأوكرانية، “فيما لا تحرك ساكناً تجاه السودانيين على رغم مرور أكثر من شهر على تفاقم أوضاعهم في الغابات”.

المصدر : اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى