وفيات وشح الغذاء والدواء في معسكرات اللاجئين السودانيين بإثيوبيا
رفض اللاجئون السودانيون في غابات “أولالا” غرب إثيوبيا، مقترحًا من الحكومة الإثيوبية ومنظمة دولية بنقلهم إلى منطقة جديدة في إقليم أمهرة، فيما تزايدت ارقام الوفيات وسط اللاجئين بشكل لافت في أعقاب تردي الوضع الإنساني حيث يقيمون باحدى الغابات.
ويواجه أكثر من 6 آلاف لاجئ سوداني، بينهم نحو 2300 امرأة وطفل، أوضاعًا قاسية داخل غابات “أولالا” في إقليم أمهرة غربي إثيوبيا.
وتحيط باللاجئين السودانيين مخاطر جمة، بما في ذلك هجمات عصابات “الشفتة” الإثيوبية، ودخول فصل الخريف وهطول الأمطار داخل الغابة التي يفتقرون فيها إلى مقومات الحماية، مما أدى إلى ارتفاع في الوفيات، وفقًا لتأكيدات لاجئين بالغابة.
وطالب عدد من اللاجئين الذين تحدثوا لسودان تربيون، الجهات المعنية بنقلهم إلى دولة ثالثة أو إعادتهم إلى السودان، مؤكدين أن كافة الأطراف لم تفِ بوعودها وتتنصل من دعمها.
وكشفت مصادر مطلعة على أزمة اللاجئين لـ “سودان تربيون” عن تقديم السلطات الإثيوبية مقترحًا لنقلهم إلى منطقة داخل إقليم أمهرة وتأمينها لهم، لكن اللاجئين رفضوا.
ويتزايد الاستياء والسخط إزاء تقاعس السفارة السودانية في أديس أبابا عن متابعة أزمة اللاجئين وتقديم المساعدة لهم.
وقال أحد اللاجئين، مفضلا عدم ذكر اسمه لأسباب تتعلق بسلامته، إن السفارة لم تكلف نفسها عناء إرسال أي شخص للقاء اللاجئين والاطلاع على أوضاعهم المأساوية. وأضاف: “لا أمل فيمن شردنا وقتلنا”.
من جانبه، قال عبد العزيز أحمد، أحد ممثلي اللاجئين، لسودان تربيون، إن هناك حالات تحتاج إلى علاج طارئ ولم يتم الحصول على إذن من السلطات لنقلهم إلى أقرب مستشفى.
وأكد أن السلطات منعت الزيارات، منوهًا إلى مبادرات السكان الإثيوبيين المقيمين في القرى القريبة من الغابة بتوفير الغذاء والدواء لهم بعد أن اشترطت السلطات عودتهم إلى المخيم للحصول على الطعام.
ووصف الوضع بالسيء وسط غياب كامل للمنظمات، وهطول أمطار غزيرة، وتكاثر البعوض والذباب، مما جعل الوضع الصحي كارثيًا، محذرًا من تصاعد الإصابات بالأمراض خلال الأيام الأخيرة.
وأفاد أن الحالة النفسية لعدد كبير من اللاجئين تدهورت نتيجة الوضع البائس والمروع الذي يعيشونه، مؤكدًا أن الوضع أصبح حرجًا، مناشدًا المنظمات الدولية بالتدخل السريع.
الموت والإجهاض
وكشف تقرير للجنة تنسيق اللاجئين السودانيين في إقليم أمهرة، تلقته (سودان تربيون)، أن أكثر من 2000 طفل تتراوح أعمارهم بين 3 أشهر و17 سنة يعانون من سوء التغذية والإسهال ونزلات البرد بسبب اعتمادهم على نوع واحد من الغذاء.
وتوفي 45 طفلًا خلال الأشهر الماضية نتيجة سوء التغذية في نقطة استقبال اللاجئين في “ترانزيت- المتمة”. كما أكد التقرير أن أكثر من 6080 لاجئًا عالقين في غابة “أولالا” يعانون من أوضاع مأساوية فيما تقف المنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع الدولي والدول التابعة للأمم المتحدة ووكالاتها متفرجة.
وحذر التقرير من تزايد المعاناة بسبب عدم قدرة اللاجئين على مواجهة الظروف الطبيعية والعيش بين الأشجار والحشرات السامة والحيوانات المفترسة.
وكشف التقرير عن إصابة 1000 لاجئ، بينهم أطفال ومسنون، بعدة أمراض مختلفة خلال الخمسين يومًا الماضية، بالإضافة إلى 2135 بحاجة إلى رعاية طبية طارئة، وأكثر من 30 شخصًا يعانون من أمراض مزمنة، بما في ذلك السرطان وضغط الدم وأمراض القلب، ويحتاجون إلى الدواء والفحص الطبي المستمر.
أشار التقرير إلى أن 10 أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، من بين 76 آخرين، بحاجة ماسة للعلاج والرعاية الصحية، خاصة بعد توقفهم عن الحركة كالمعتاد قبل موسم الأمطار، مما فاقم أزمتهم وجعل نقلهم إلى مكان آخر صعبًا في ظل الظروف الحالية.
وكشف عن إجهاض 20 امرأة بسبب تردي الأوضاع الطبية والطبيعية في المخيم، وافتقاره لأبسط مقومات الحياة، وتوفر المساعدات، وسوء الأوضاع الأمنية.
ووفقًا للتقرير، يصاب 50 شخصًا بالملاريا كل أسبوع، في حين يصاب نحو 800 شخص بنزلات البرد، ويصاب 100 طفل بالإسهال بسبب تناول الأغذية والمياه الملوثة.
وتم نقل أكثر من 15 حالة خطيرة إلى مستشفى “كومر” بالقرب من منطقة “أولالا”، إلا أن 4 إصابات بنزيف حاد فقط تمكنت من تلقي العلاج نتيجة تعرضها للضرب بأداة حادة خلال الهجمات على اللاجئين من الجماعات المسلحة في محيط الغابة أثناء جلب الماء للشرب.
ويطالب اللاجئون بنقلهم إلى بلد ثالث حتى يتمكنوا من العيش في مخيم تتوفر فيه الحماية والخدمات. اتهموا المجتمع الدولي والإقليمي بإهمالهم وتجاهل قضيتهم. قالوا إنهم يصرون على نقلهم إلى دولة ثالثة بعد فشل الجهات المعنية في الوفاء بتعهداتها السابقة، مضيفين أن المفوضية السامية لم تلتزم بشيء أو تتعاطف معهم.
وكشف أحد ممثلي اللاجئين السودانيين، محمد حامد، لـ “سودان تربيون”، نهاية مايو المنصرم، عن وقوع 1700 حادثة على اللاجئين من المليشيات الإثيوبية بين قتل ونهب وسرقة واختطاف وتعدي.
وقتلت امرأة سودانية، وهي أم لطفلين، برصاص مليشيا “الشفتة” الإثيوبية في المعسكر وأصيب ثمانية آخرين ونهبت هواتفهم في هجوم شنته المليشيا الإثيوبية التي تنشط على الحدود بين السودان وإثيوبيا.