الأخبار

سنجة المدينة الثامنة في قبضة الدعم السريع

على نحو مفاجئ، اقتحمت قوات الدعم السريع مدينة سنجة حاضرة ولاية سنار، يوم السبت، وسيطرت على مقر الفرقة 17 مشاه بالمدينة، وأعلنت سيطرتها الكاملة على المدينة والاستيلاء على عربات عسكرية ودبابات ودراجات بخارية. وتوعدت بالسيطرة على مواقع جديدة

 

وتعتبر سنجة ثامن عاصمة ولاية تسيطر عليها قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على أجزاء واسعة من الخرطوم ومدني عاصمة ولاية الجزيرة، والجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وزالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، ونيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، والضعين عاصمة ولاية شرق دارفور، والفولة عاصمة ولاية غرب كردفان، كما تحاصر الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور منذ ثلاثة أشهر وتواصل الهجوم عليها وسط انتقادات واسعة من المجتمع الدولي، كما حاصرت في وقت سابق مدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان.

في الأثناء كشف شهود عيان لراديو دبنقا عن استمرار سيطرة قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من مدينة سنجة، صباح الأحد، والانتشار الواسع لارتكازاتها في المدينة مع وجود الجيش في مقر اللواء67 في منطقة “حريري” الذي شنت عليه قوات الدعم السريع هجمات متكررة صباح اليوم ولكن أعلن الجيش التصدي لها والاستيلاء على مركبتين ونشر صوراً لقتلى خلال الهجوم.

وكشف شهود عيان من المدينة لراديو دبنقا إن الطيران الحربي التابع للجيش شنّ، صباح اليوم الأحد، قصفاً جوياً عنيفاً على تمركزات الدعم السريع في مدينة سنجة.

وأشار مواطنون من المدينة إلى سيطرة الجيش على الجسر الذي يربط المدينة إلى الاتجاه الشرقي خاصة مناطق الدندر وما جاورها.

وأكد فارون من المدينة إن قوات الدعم السريع نشرت ارتكازات عديدة على الطريق القومي وصولاً إلى “أبو حجار” في الاتجاه الجنوبي، وأيضاً على الطريق المؤدي إلى مدينة سنار في الاتجاه الشمالي. واتهم الفارون قوات الدعم السريع بارتكاب عن عمليات نهب واسعة للمركبات والمنازل والمحلات التجارية، ولم يتسن الاتصال بقادة الدعم السريع في سنجه للتعليق حول الأمر.

دلالات السيطرة على سنجة
ويقول المقدم م عمر أرباب لراديو دبنقا إن تكتيكات الدعم السريع خلال الحرب الحالية تقوم على عزل القوات ثم محاصرتها ثم الهجوم على شكل موجات وهو ما يحدث دائما، ويوضح قائلاً إن قوات الدعم السريع تسعى في كل عملياتها للسيطرة على المناطق الحاكمة التي تمكنها من السيطرة على عدد من المناطق، مشيراً إلى أن سيطرة الدعم السريع على جبل موية الاستراتيجي أتاحت له إمكانية الهجوم على سنجه وربك وسنار، وإن السيطرة على سنجة يتيح لقوات الدعم السريع إمكانية السيطرة على سنار والقضارف والدمازين وربك وكوستي .
وقال إن السيطرة على سنجه جعلت سنار تحت حصار مطبق من جميع الاتجاهات من سنجة، وجبل موية، وود الحداد والحاج عبد الله، وانتشار قوات كيكل في الاتجاه الشرقي.
وأوضح إن الجيش عاجز عن مقاومة الحصار إلا من خلال الضربات الجوية التي لا تحقق القدر الكافي من تحييد القوات أو القضاء عليها .
من جهته توقع خبير عسكري فضل حجب اسمه أن يتمسك الجيش بالنقاط التي يسيطر عليها داخل المدينة مما يعني استمرار المواجهات لفترة طويلة.
وبالمقابل قلّل محللون آخرون من أهمية الهجوم على سنجه واعتبروه فرقعة إعلامية مشيرين إلى خلو مقر الفرقة 17 مشاه من الجنود والآليات التي تحرك في وقت سابق إلى سنار لإسناد الجيش هناك بعد هجوم الدعم السريع على المدينة وسيطرته على منطقة جبل مويه الاستراتيجية.

تعليق الجيش
من جانبه قال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد نبيل عبدالله، في تصريح صحفي صباح اليوم الأحد، إن الجيش في سنجة صامد ومتماسك و متمسك بمواقعه ويقاتل بثبات ومعنويات عالية.
من جهتها نفت رئاسة هيئة الأركان إصدارها أي تعليق عن ما يجري في حدود مسئولية قيادة الفرقة السابعة عشر مشاة،
وكانت بعض المواقع قد نسبت تصريحات لرئيس الأركان بشأن تشكيل لجنة تحقيق حول انسحاب القوات من مقر الفرقة 17 مشاه في سنجة . أكدت رئاسة هيئة الأركان أن ما روجت له هذه المواقع عار عن الصحة تماماً.
وأشاد رئيس هيئة الأركان الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين رئيس هيئة الأركان قوات الفرقة السابعة عشر مشاة بسنجة قائدا وضباطا وصف وجنود على صمودهم أمام محاولات قوات الدعم السريع الاعتداء على مدينة سنجة الآمنة و استبسالهم في الدفاع عنها.

نزوح جماعي

وشهدت مدينة سنجة موجات نزوح واسعة إلى مدينة القضارف منذ مساء الأمس بعد سيطرة الدعم السريع على المدينة، وتدافعت آلاف المركبات إلى كبري الدندر مما أدى للبطء الشديد لحركة المرور، حيث يستغرق عبور كبري الدندر نحو ثلاث ساعات. فيما نشر ناشطون في مواقع التواصل صوراً لنازحين فروا من المدينة سيراً على الأقدام. كما نشر ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لنازحين يعبرون النهر إلى الصفة الشرقية وذلك اثناء اغلاق الجسر خلال الفترة الصباحية.

وكشف ناشطون في العمل الطوعي لراديو دبنقا عن وصول أعداد كبيرة من النازحين إلى القضارف وكسلا فيما شرعت حكومتا الولايتين في إفراغ المدارس من النازحين وتخصيص مناطق خارج عن مدينة القضارف، وبعيدة عن مركز مدينة كسلا لإيواء النازحين.
وكشف تجمع أبناء سنار تكدس السيارات في جميع الطرق المؤدية إلى كبري خزان سنار مع استمرار اغلاقه بواسطة الجيش. وأشار إلى عمليات نهب واسعه تطال منطقه الدالي القريبة من سنجة ونزوح جماعي من المنطقة، مع انعدام للأدوية والمرافق الصحية ووسائل النقل ووصف الوضع بالمأساوي .

ويبلغ العدد الكلي للنازحين من الخرطوم في ولاية سنار جراء الحرب نحو 64.500 الف اسرة نازحة من ولاية الخرطوم.

بداية الهجوم
وبدأ الهجوم على سنجة، ظهر السبت، وسط تضارب الأنباء حول حجم القوات والطريق الذي سلكته للوصول إلى سنجة من جبل مويه الذي سيطرت عليه الأسبوع الماضي.

وسيطرة قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي على منطقة جبل موية التي وصفها الخبير العسكري العميد م كمال إسماعيل في مقابلة مع راديو دبنقا بالمنطقة الاستراتيجية الحاكمة التي يسهل الدفاع عنها، واستخدامها لشن هجوم على مناطق أخرى، وصعوبة السيطرة عليها. مشيراً إلى أن السيطرة على جبل موية تتيح التحكم في الطرق المؤدية إلى عدة مناطق.
وهاجمت قوات الدعم السريع سنار عقب سيطرتها على جبل موية ولكنها لم تتمكن من السيطرة على المدينة.
وصباح الأمس، تداولت وسائل التواصل الاجتماعي شهادات متطابقة لمواطنين عن عبور قوة ضحمة من الدعم السريع من جبل موية إلى سنجة مروراً بمنطقة القويزات، وتبلغ المسافة بين جبل موية وسنجه نحو 50 كيلو متر.
ودخلت قوات الدعم السريع مدينة سنجه من الاتجاه الغربي، و حينها قللت مصادر موالية للجيش من حجم الهجوم على سنجه وقالت إن قوة قوامها سبع عربات تسللت إلى حي القلعة والأحياء المجاورة لها وتصدت لها قوات الجيش، وذلك قبل أن تبث قوات الدعم السريع، في وقت متأخر من عصر السبت، مقاطع فيديو لقواتها وقياداتها أمام مقر الفرقة 17 مشاه في سنجة ومن بينهم أبو عاقلة كيكل وعبد الرحمن البيشي وغيرهم، وتحقق راديو دبنقا من صحة المقطع، كما نشرت قوات الدعم السريع مقاطع فيديو لقياداتها داخل مكتب قائد الفرقة، لعربة القائد، ولمقر الشرطة بجانب انتشارها في الأحياء الشرقية.

احباط واسع
وفي الأثناء سادت حالة من الإحباط وسط قطاعات واسعة من مواطني المدينة والحسابات المؤيدة للجيش في وسائل التواصل الاجتماعي بسبب أداء الجيش في معركة سنجة، مشيرين إلى تخلي الجيش عن المدينة بدون أي مقاومة تذكر.
وتعتبر مدينة سنجة ملتقى طرق حيث يمر بها الطريق البري الذي يربط جنوب ولاية النيل الأزرق بما فيه من مناطق زراعية غنية بالعاصمة الخرطوم. كذلك يوجد طريق بري يصل إلى بورتسودان. وبها سكة حديدية تربطها باقي المناطق السودانية، وجسر مهم يربط بين بين ضفتي النيل الأزرق يمر عبره الكثير من الشاحنات القادمة من الولايات ومن دولة إثيوبيا المجاورة والمتجهة إلى ميناء السودان الرئيسي بورتسودان.
وتبلغ مساحة محلية سنجة 750 كيلو متر مربع. وتقع المدينة في الضفة الغربية لنهر النيل الأزرق وتبعد عن العاصمة الخرطوم بحوالي 360بالاتجاه الجنوب الشرقي، وعن مدينة سنار حوالي 60 كيلومتر، وتبعد عن مدينة سنار 60 كيلومتر، و من كوستي 139 كيلومتر، ومن الدمازين 160 كيلومترا و 188 كيلومترا من القضارف.
تحد سنجة من الناحية الجنوبية قرية أم بنين ومحلية أبو حجار الجديدة، ومن الناحية الشمالية محلية سنار ومن جهة الغرب محلية الدالي والمزموم، ومن الشرق مجرى النيل الأزرق.
وتتميز بتنوع بيئتها الطبيعية والسكانية وبثروتها الحيوانية ومواردها المائية، وبها محطة أبحاث بيطرية كبيرة وسوقاً كبيرة للمحاصيل أهمها محصول الصمغ العربي، وهي من المدن التاريخية وموطن أقدم كشف أثري أحفوري للإنسان في السودان.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى