العرب اللندنية : هزيمة جديدة: الجيش السوداني يخسر ولاية سنار
تمكنت قوات الدعم السريع من الاستيلاء على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار، والسيطرة على المواقع الرئيسية بما فيها الفرقة 17 مشاة وتم نشر مقاطع فيديو لها، وأخرى لقائد قطاع سنار المقدم عبدالرحمن البيشي برفقة قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبوعاقلة كيكل داخل مكتب والي سنار.
ووضعت الدعم السريع يدها على مخزون وافر من العتاد، في خطوة مهمة سيكون لها ما بعدها على شرق السودان، لأهمية موقع سنار والفرقة العسكرية السودانية.
وفي تصريح مقتضب، الأحد، زعم المتحدث باسم الجيش العميد نبيل عبدالله، أن قوات الجيش في سنجة “صامدة ومتماسكة بمواقعها وتقاتل العدو بثبات ومعنويات عالية ومنتصرين بإذن الله تعالى”.
ويقول مراقبون إن الهزيمة الجديدة التي مني بها الجيش في ولاية سنار تأتي في إطار سلسلة من الهزائم التي كبدته خسائر فادحة، ويمكن أن تفقده ما تبقى له من عناصر تقاتل معه، وكشفت المعركة عن ضعف في البنية الهيكلية للجيش والتناغم بينها، وتفسخ ما يسمى بالمستنفرين والميليشيات الشعبية التي ذاع صيتها مؤخرا.
ويضيف هؤلاء المراقبون أن الطريق إلى شرق السودان بات مفتوحا، خاصة في ظل ما ظهر من ترهل في قوات الجيش وفقدان بعضها الرغبة في القتال، وتؤكد ظاهرة استسلام أو سقوط وحدات وفرق عسكرية بسهولة لقوات الدعم السريع أن الأخيرة تكسب أرضا كل يوم، ما يجعل المعارك القادمة أقل صعوبة.
وذكر موقع “سودان تربيون” الإخباري، الأحد، أن قوات الدعم السريع التي هاجمت سنجة من مواقع تمركزها في جبل موية، وهو موقع إستراتيجي يربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض، مرت عبر عدة قرى قبل الاشتباك مع دفاعات الجيش في حي القلعة بسنجة لتتمكن من التوغل إلى عمق المدينة والوصول إلى مقر الفرقة.
وأشارت في تصريح لـ”العرب” إلى أنه حال استطاعت الدعم السريع التواجد بثقلها في منطقة جبل موية ومدينة سنجة، فلا فائدة من وجود الجيش في مدن منعزلة بوسط السودان، وستصبح قواته في حالة شلل تام، ويمكن أن تتجه قوات الدعم السريع في تلك الحالة إلى جنوب شرق إلى مدينة الدمازين، وهذه مناطق تتواجد فيها قبائل تابعة للدعم السريع، وستكون الحاضنة الاجتماعية التي تمكنها من السيطرة.
وذكرت أن التجربة أثبتت بعد مرور أكثر من عام على الحرب أنه ليس من السهولة أن يستعيد الجيش مناطق خسرها في ولايات عدة، باستثناء منطقة الإذاعة في أم درمان التي احتاج للإعداد لها نحو ثمانية أشهر، ولم يحقق نتائج عسكرية إيجابية في مناطق أخرى، وليس أمامه سوى الحل السياسي الذي كان بإمكانه الذهاب إليه وهو في وضعية سياسية أفضل قبل أن تسقط نيالا والجزيرة وسنجة وغيرها من المناطق، ومازال قادراً على الذهاب إلى المفاوضات قبل فقدان المزيد من الولايات والمدن التي يسيطر عليها.
وجاء الهجوم على سنجة بعد أيام قليلة من استيلاء الدعم السريع على بلدة جبل موية التي تبعد حوالي 24 كيلومتراً غرب مدينة سنار، وعقب زيارة قام بها قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان إلى مدينة سنار التي تبعد 70 كيلومترا عن سنجة عاصمة الولاية، وتلقيه تقريراً مفصلاً حول الموقف العملياتي بالقطاع.
ولفت المحلل السياسي السوداني الشفيع أديب إلى أن التفاوض هو السبيل الوحيد وأن سيطرة الدعم السريع على ولاية ومنطقة بعد أخرى أمر طبيعي، لأنه جرى تكوينها لإجادة التعامل مع الميليشيات والجماعات والحركات المسلحة وتحقيق انتصارات على المتمردين، وفي الواقع لا يوجد جيش بالمعنى الحقيقي، كما قادة السودان منذ أكثر من ثلاثة عقود لم يكن هدفها تحديث الجيش.
وشدد في تصريح لـ”العرب” على أن المستنفرين الذين استعان بهم الجيش ليس لديهم التدريب الكافي ولا يملكون قدرة على استخدام الأسلحة البدائية في ظل تطور الأسلحة التي تمتلكها الدعم السريع، مستبعدا تمكن الجيش من تصويب أوضاعه، وحال كانت هناك رغبة لوجود سودان موحد وقوي في المستقبل فالاتجاه يجب أن يكون نحو تأسيس مؤسسة عسكرية وطنية للتعامل مع حالة التشظي التي يعانيها الجيش.
نشرت الصفحة الرسمية لمجلس السيادة السوداني على فيسبوك صوراً للبرهان في سنار متحدثا إلى كبار القادة والضباط، وأخرى وهو يتناول وجبة الإفطار مع الجنود.
وقالت إن البرهان استمع لتقرير مفصل حول الموقف العملياتي بالقطاع واستعدادات الجيش والأجهزة النظامية والمستنفرين من المقاومة الشعبية “لصد أيّ محاولات لزعزعة أمن واستقرار ولاية سنار”، وقيل إنه تفقد الخطوط الأمامية للدفاعات.
وأكد المحلل السياسي السوداني محمد حامد جمعة أن ما جرى في مدينة سنجة لا يمكن تبريره، لأنها منطقة تتواجد فيها قوة عسكرية كبيرة وتشهد عمليات حربية.
وأوضح في رسالة نشرها على فيسبوك أن القائد العام تناول الطعام والشراب مع الجنود داخل المنطقة وتلقى توضيحات للموقف، وما حدث بعد ذلك يؤكد أن القيادة بأكملها لا تعرف شيئاً، وأن الشارع أوعى وأجدر منهم.
ويؤدي الاختراق الجديد للدعم السريع إلى تشديد الخناق على شرق السودان المطلة على البحر الأحمر، ويتمركز فيها الجيش وأعضاء مجلس السيادة ومؤسسات حكومية. وتمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على معظم الخرطوم وأربع ولايات في إقليم دارفور، من أصل خمس، وولاية الجزيرة في وسط السودان وجزء من كردفان.