ولاية سنار.. نزوح عشرات الآلاف، و حالات وضوع واجهاض في الطريق
“ابنتي أنجبت مولودها على ظهر عربة لوري ونحن في الطريق من سنجه إلى القضارف” قالها أحد النازحين الفارين من سنجه إلى القضارف لراديو دبنقا بحسرة، وأضاف: ابنتي ومولودها الآن في المستشفى في حالة غير مستقرة”. ويقول نازح آخر “حدثت حالة اجهاض ونـ.زيف ليلاً في منطقة ابو رخم خلال فرار النازحين من ولاية سنار إلى القضارف مع عدم توفر أي عربات ولا مواصلات عامة”
ومنذ سيطرة قـ.وات الدعـ.م السـ.ريع على سنجه يوم السبت تدافع عشرات الآلاف من النازحين صوب القضارف وكسلا والنيل الأزرق في حالة وصفت بالمأساوية، حيث أضطر بعضهم للسير على الأقدام لساعات طويلة بسبب عدم توفر المركبات، وارتفاع تكاليف أجرتها.
وسيطرت قـ.وات الد.عم السـ.ريع على مدينة سنجة بصورة مفاجئة يوم السبت، وواصلت التوسع باتجاه الدندر والسوكي وكركوج والمزموم وكبري دوبا الذي يربط بين سنار والفاو وسط انباء عن استرداد الجيش منطقة الدندر وكبري دوبا أمس الأربعاء وانسحاب الدعم السريع من السوكي وكركوج.
نزوح عشرات الآلاف
وكشفت مصفوفة تتبع النزوح التابعة لمنظمة الهجرة الدولية، في تقرير لها أمس الثلاثاء أن 15,600 شخص نزحوا، يوم الثلاثاء، من سنجة وأبو حجار والسوكي والدندر جراء اتساع نطاق هجوم الدعـ.م السـ.ريع على عدد من مناطق ولاية سنار. وأوضحت إن النازحين اتجهوا نحو مواقع داخل محليتي الرهد ومدينة القضارف، وكذلك إلى كسلا والبحر الأحمر، وولاية نهر النيل. كما نزحت بعض الأسر من محلية سنجة وأبو حجار إلى مواقع داخل محلية الدمازين بالنيل الأزرق.
وقالت المصفوفة إن 136,130 فرداً نزحوا من سنار وذلك بعد تصاعد حدة المواجهات بين الجيش والد.عم السـ.ريع بالولاية وسيطرة الدعم السريع على منطقة جبل موية. وكانت محليات سنار وسنجة والدندر تستضيف ما يقرب من 285,926 نازحًا من الخرطوم والجزيرة وذلك قبل تصاعد المعـ.ارك مؤخراً، وإن العديد من الأفراد النازحين قد يعانون من النزوح للمرة الثانية أو الثالثة.
ولكن مفوضية العون الإنساني بالقضارف أعلنت عن وصول 168766 ألف نازح من سنار إلى الولاية .
وقالت المفوضية في تعميم صحفي ممهور بتوقيع المفوض عبد الكفيل العدناني اليوم ان الحصر للنازحين تم في عدد من محليات الولاية.
انتهـ.اكات واختفاء
وأعلن القيادي بقوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية مبارك أردول، في تغريدة على منصة إكس، تعرض شقيقته وأطفالها الـ 4 إلى الاعتداء بالضرب ونهب ممتلكاتها في منطقة الدندر من قبل الدعـ.م السـ.ريع.
ويقول نازح آخر ” أجبرونا على النزول من المركبات ونهبوا العربات والنقود واضطررنا للركوب في شاحنة والوصول إلى مدينة المفازة” ويتداول نازحون قصصاً متنوعة عن عمليات نهـ.ب واسعة للمركبات والممتلكات. ولكن المك عبيد ابوشوتال القيادي في الدعـ.م السـ.ريع نفى في مقابلة مع راديو دبنقا قيام قواتهم بأي عمليات نهـ.ب في سنجه موضحاً إن تحركات قواتهم تهدف للسيطرة على المدن.
كما تداولت عدد من الجهات الحقوقية قائمة بالمفقودين والمختفين الذين انقطعت سبل الاتصال بهم خلال رحلة النزوح، حيث تجاوز عدد المفقودين المائة شخص.
صورة قاتمة
ورسم نازحون من سنجة عبر كبري الدندر صورة قاتمة عن الأوضاع في الطريق وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو عن حركة النازحين من سنجة إلى القضارف، وتحقق راديو دبنقا من صحتها. وتروي تينا في صفحتها على فيسبوك: أمضينا 6 ساعات لعبور كبري الدندر الذي لا يتجاوز مسافته المتر الواحد وذلك بسبب تزاحم المركبات ” وأضافت الناس طالعين بعرباتهم زي يوم الحشر والعربات تتحرك بسرعة فائقة في طريق يخلو من الاسفلت أو الردمية الترابية وسحب الغبار تتصاعد” لا أحد يطيق أحد أو يرد على أحد ولو أبطأت سيارتك قليلاً فربما تتعرض للدهس من عربة أخرى مسرعة”.
وأضافت “العربات تقل المواطنين كالبهائم وعدد من النساء يمشين على أقدامهن وهن يحملن أمتعتهن مع تعالي بكاء وصراخ الأطفال مما يجعل الحياة بلا طعم أو معنى” وأشارت إلى مشهد لأحد الرجال وهم يحمل أبناءه في عربة توك توك وهو يصرخ بصوت وينوح بصوت عال ” انتحر انا ولا اعمل شنو ” وهرع بعض الرجال لتهدئته. وفتاة تقول لوالدتها انا جائعة ولكن والدتها ترد عليها قائلة ” ما عندي قروش الا ابوك يجي”، وأشارت إلى أن النازحين خرجوا من منازلهم بدون ماء ولا طعام مع انقطاع التيار الكهربائي في جميع مدن الولاية لليوم الرابع حيث اكتفى النازحون بتناول التمر وشرب الماء من النهر الجاري والترع.
وأشارت إلى وعورة الطريق الذي يربط بين الدندر والقضارف على الرغم من إعلانات الحكومة المتكررة بشأن عمليات تشييد الطريق. وقالت إنهم أمضوا أربع ساعات في الطريق
تحذ.يرات
وأشار ناشطون في العمل الطوعي إلى وجود عدد كبير من المواطنين على طريق الدندر ابورخم بعربات اللوري محذرين من وفاتهم بسبب الجوع والعطس بسبب وعورة الطريق وطوله. وناشدوا المواطنين بالتحرك بسرعة بسياراتهم إلى طريق الدندر أبو رخم وإلى منطقة المقرح وحمل الوجبات الغذائية والماء والتمر والأدوية خاصة الانسولين لإغاثة المواطنين الذين يواجهون عنتاً في الوصول إلى القرى والمدن. وأضافوا “النازحون الذين تحركوا من منطقة أبو رخم يعانون من الجوع والعطش مع عدم توفر المبالغ النقدية بسبب اغلاق هواتفهم النقالة لنفاد البطارية أو تعرض الهواتف النقالة للنهـ.ب”.
ولفتت إلى الحاجة الماسة للمشمعات حتى تقيهم من الأمطار التي تهطل بغزارة بين الفينة والأخرى. ولفتوا إلى تعالي صراخ الأطفال بسبب عدم توفر اللبن.
وقال نازح ” كانت بحوزتنا 31 بلحة اعطينا مرضى السكري 5 بلحات وباقي البلح وزعناه على الأطفال”
مبادرات وجهود
قال مفوض العون الإنساني بولاية كسلا إدريس علي في مقابلة مع راديو دبنقا، أمس الأربعاء، إن مدينة كسلا قيدت في سجلاتها 190 أسرة قادمة من سنجة ومناطق أخرى في ولاية سنار منذ يوم الثلاثاء. وأشار إلى تخصيص مدرسة كسلا الصناعية كمركز استقبال مؤقت لمدة 72 ساعة للنازحين قبل نقلهم إلى مركز الإيواء الدائم في مصنع البصل.
ونبه إلى وصول 80 أسرة إلى خشم القربة و100 أسرة إلى حلفا الجديدة بجانب أسر أخرى وصلت يوم الأربعاء وما زالت في إجراءات التسجيل، وقال إن الإيواء يتم بجهود حكومية وطوعية. ولفت إلى إنشاء مطبخ جماعي مركزي بجهود حكومية ومنظمات ومبادرات طوعية.
من جهتها قالت غرفة طوارئ شباب كسلا في صفحتها على فيسبوك إنها دشنت مطبخا مركزياً بالمدرسة الاهلية بكسلا، حيث قامت بتوزيع الوجبات للنازحين بالمدرسة الصناعية ومدرسة عمر الحاج موسي، كما أقامت عيادات طبية بمختلف التخصصات لعلاج النازحين الوافدين للمدينة من منطقتي سنجة وسنار المدينة، وتتوقع الغرفة وصول أعداد أخري من النازحين الفارين من معارك ولاية سنار.
وأضافت “لا تزال الاحتياجات لإغاثة الوافدين من مناطق النزاع في ازدياد مضطرد، وتهيب الغرفة بمجتمع كسلا الذي عرف عنه إغاثة الملهوف وتأمين الخائفين بدعم المطبخ كل حسب استطاعته حتى لا يتوقف المطبخ .
من جهتها واصلت غرفة طوارئ خشم القربة نشر أفرادها في كبري 6 بالطريق القومي لاستقبال النازحين القادمين من سنار وسنجه وتوفير مياه الشرب والعصائر والوجبات السريعة.
من جانبها أعلنت مبادرة القضارف للخلاص عن تسيير مطبخ أبو رخم المتحرك للنازحين على قارعة الطريق القادمين من ولاية سنار اليوم الخميس ويحوي المطبخ المتحرك وجبات اسعافية للنازحين.
من جهته قال بشير الصادق رئيس منظمة ليزنفو لراديو دبنقا أن النازحين من ولاية سنار إلى القضارف يعيشون أوضاع مأساوية لليوم الرابع.
وأوضح لراديو دبنقا إن بعض النازحين يعيشون في العراء، وبعضهم في المباني غير المكتملة مشيراً إلى استمرار تدفق النازحين حتى اليوم.
وأشار إلى أن النازحين يواجهون أوضاع مأساوية خلال رحلتهم مشيراً إلى حدوث حالات وضوع خلال رحلة النزوح. مبيناً إن بعض الأسر فقدت أطفالها خلال النزوح.
من جانبه قال مفوض العون الإنساني بولاية القضارف عبد الكفيل العدناني إن حكومة ولاية القضارف اختارت الميناء البرى كمركز استقبال للنازحين قبل ترحيلهم إلى مناطق أخرى.
نزوح مع قطع الاتصالات والانترنت بالدمازين
كشفت لجان مقاومة الدمازين عن استمرار تدفق النازحين من ولاية سنار إلى إقليم النيل الأزرق، وتكدس أغلب النازحين والنازحات في مدينتي الدمازين والروصيرص، واتجاه بعضهم إلى اثيوبيا وجنوب السودان. وأشارت في بيان إلى استمرار انقطاع الاتصالات والانترنت لليوم الرابع. بجانب ايقاف نقاط استخدام (استار لنك) ، من قبل الاستخبارات العسكرية بمدينة الدمازين.
وأكدت إن انقطاع خدمات الانترنت تسبب في أزمة بالتحويلات البنكية، مما يؤثر سلباً على تقديم المساعدات والخدمات الإعاشية للنازحين والمواطنين.
نوأشارت لجان المقاومة إلى الحاجة الماسة والضرورية للمشمعات والأغطية وأماكن تأوي من الأمطار وظروف الخريف السيئة.
وناشد بتقديم الدعم العيني من المواد الغذائية والتموينية لتجمعات المدارس والمطابخ الشعبية والأماكن المخصصة لإعاشة ضيوفنا الكرام. وأكدت الحاجة العاجلة لجميع أشكال التدخلات والعون الإنساني، لمساعدة النازحين والنازحات والمواطنين داخل إقليم النيل الأزرق في ازدياد.
ودعت حكومة إقليم النيل الأزرق المنظمات الى ضرورة الانتظام في برامج الدعم والإسناد للنازحين والمتأثرين بأحداث ولاية سنار المتواجدين بالإقليم.
قلق أممي وأمريكي
وكشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوشا) إن فريقهم موجود في القضارف، وإن النازحين ما زالوا يتوافدون بأعداد كبيرة. والأطفال وكبار السن من بين الذين يصلون في ظروف صعبة للغاية، حيث لم يتمكنوا من إحضار الكثير من الإمدادات معهم”.
وقالت في تصريحات صحفية إن المكتب يعمل مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى وشركائها لتقديم المساعدة الإنسانية الحيوية. حيث قام برنامج الأغذية العالمي بتخزين أكثر من 2200 طن متري من المواد الغذائية للاستجابة للأزمة المستمرة.
وأعرب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية عن قلقه العميق من أن يؤدي انتشار الصراع وتزايد انعدام الأمن إلى قطع طريق رئيسي لنقل المساعدات الإنسانية من بورتسودان في الشرق. وجدد تأكيده بأن المجاعة تلوح في الأفق، وأنه من الضروري مواصلة تقديم المساعدات المنقذة للحياة عبر خطوط الصراع وعبر الحدود. مبينة إن الوضع في أجزاء أخرى من البلاد. ليس أفضل منه في سنار.
من جهته قال المبعوث الأمريكي إلى السودان توم بيريلو في تغريدة على منصة إكس”أشعر بالقلق إزاء هجمات قوات الدعم السريع التي أدت إلى نزوح جماعي للمدنيين من سنجة بولاية سنار والمناطق المحيطة بها. وأضاف “على قـ.وات الدعـ.م السـ.ريع التزامات قانونية وأخلاقية فيما يتعلق بحماية المدنيين، وعليها ضمان حماية المدنيين الذين يلتمسون اللجوء من العـ.نف”.