تسعى للعودة إلى الحكم عبر المنابر الإقليمية بأي ثمن،، تنسيقية «تقدم».. جعجعة بلا طحين..
مؤتمرات واجتماعات بلا نجاح، وتوصيات تذهب أدراج الرياح..
صافحت يد الميليشيا الملطخة بدماء الأبرياء، وتحفظت على إدانة جرائم الجنجويد..
علي منصور: تنسيقية «تقدم» لم تتعلم من ممارسة الأحزاب في إجهاض التجارب الديمقراطية التي عاشها السودان..
زكريا: تقدم فشلت في تحقيق مقاصد الثورة وانشغلت بخدمة أجندة ذاتية وخارجية..
تقرير: سماعيل جبريل تيسو
أعلنت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، مشاركتها في مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية الذي تستضيفه القاهرة اليوم وغداً، ورحبت «تقدم» في بيان لها بدعوة وزارة الخارجية المصرية لعقد هذا المؤتمر من أجل مناقشة موضوعات وقف الحرب ومعالجة الأزمة الإنسانية وسبل التهيئة للمسار السلمي لحل الأزمة، وأكدت تنسيقية «تقدم» أن ترحيبها بمؤتمر القاهرة يأتي في إطار سعيها الدؤوب للمساهمة في تعزيز مجهودات إحلال السلام في السودان، وقالت إنها سوف تلبي دعوة المشاركة في المؤتمر للمساهمة الجادة في بحث سبل إنهاء الصراع المسلح وإحلال السلام المستدام في البلاد، وسوف ستطرح رؤاها بشأن كيفية تسريع جهود الحل السلمي للنزاع في السودان.
إعلان أديس أبابا:
وفي يناير ٢٠٢٤م وقعت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» اتفاقاً مع ميليشيا الدعم السريع المتمردة في السودان تحت اسم إعلان «أديس أبابا» والذي اعتبرته «تقدم» أساساً جيداً لعملية سياسية تنهي الحرب في السودان، وقالت إنها ستطرح التفاهمات المتفق عليها مع قوات الدعم السريع على الجيش السوداني لتكون أساساً للوصول لحل سلمي ينهي الحرب واتفق الطرفان على تشكيل إدارات مدنية بتوافق أهالي المناطق المتأثرة بالحرب لإعادة الحياة لطبيعتها، وشدد إعلان أديس أبابا على القيادة المدنية للعملية السياسية مع الالتزام بمشاركة لا تستثني إلا (المؤتمر الوطني) و(الحركة الإسلامية).
رؤية القحاتة في القاهرة:
وكانت القاهرة قد شهدت في يوليو من العام ٢٠٢٣م لقاءً لقيادات المجلس المركزي لتحالف قوى الحرية والتغيير «قحت» قبل أن تتحول إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» حيث أجاز ذلك اللقاء عدة قرارات من بينها الرؤية السياسية لإنهاء الحروب وتأسيس الدولة السودانية الجديدة عبر مشروع نهضوي جديد يحقق السلام المستدام ويقيم نظاماً مدنياً ديمقراطياً يحترم التنوع السوداني ويحسن إدارته ويبني جيشاً مهنياً قومياً واحداً ينأى عن السياسة ويخضع للسلطة المدنية، مع ضرورة استصحاب كل الإيجابيات التي أفرزتها التجربة الوطنية والبناء عليها في إطار مشروع التأسيس والنهضة.
فاقد الشئ لا يعطيه:
و من القاهرة إلى أديس أبابا حيث عقدت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» ( المسمى الجديد لقحت) مؤتمرها التأسيسي في أواخر مايو الماضي والذي كان يستهدف إيجاد معالجة لإنهاء الحرب الدائرة في السودان، حيث استبقت المؤتمر حملات ترويج داعمه له من قبل عدة هيئات وأشخاص على أمل أنهاء الحرب في السودان ولكن ومع اليوم الأول من انطلاق فعاليات المؤتمر انكشف الوجه الحقيقي لتقدم من خلال الانتقادات التي وجهت لها، على خلفية مقاطعة بعض الحاضرين لممثل المزارعين إبراهيم دارفي عند إدانته لانتهاكات ميليشيا الدعم السريع في ولاية الجزيرة، ليكتب المؤتمر وبحسب مراقبين شهادة وفاته يوم ميلاده، وفاقد الشيء لا يعطيه.
حراك مكوكي:
وهكذا فمنذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل من العام ٢٠٢٣م، ظل القحاتة سواءً باسمهم القديم أو الجديد، منغمسين في دوامة من تحركات مكوكية في اجتماعات ومؤتمرات ولقاءات ما بين القاهرة وأديس أبابا وبالعكس، وقد هدفت هذه التحركات المكوكية إلى إنهاء الحرب واستعادة العملية السياسية، ولكن وبعد مرور أكثر من عام منذ بدء هذه التحركات تبدو المحصلة صفراً كبيراً، ( جعجعة بلا طحين) فلم تتوقف الحرب، وبالتالي لم تستأنف العملية السياسية، بل إن أصابع الاتهام أصبحت تشير بشكل واضح وعلني إلى «تقدم» بوصفها الظهير السياسي لميليشيا الدعم السريع، حيث أصبحت المنابر السياسية تسيل لعاب «تقدم» التي تطمح من خلالها إلى العودة لسدة الحكم والقفز فوق كل الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت خلال فترة الحرب.
لهث وراء السلطة:
ويؤكد الكاتب الصحفي والناشط السياسي الأستاذ علي منصور إن عقلية تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» لا تنفصل عن عقلية الأحزاب السودانية منذ الاستغلال والتي قال إنها تسعى وتلهث خلف السلطة دون تقديم رؤية واضحة تتضمن آليات تمكنها من خدمة المواطن السوداني، وأبان منصور في حديثه للكرامة أن الأحزاب السياسية السودانية وبما فيها تنسيقية «تقدم»، لم تتعلم من فشل التجارب الديمقراطية التي عاشها السودان، منهماً هذه الأحزاب بالوقوف وراء إجهاض التجارب الديمقراطية في السودان، لافتاً إلى أن الأحزاب السودانية تتحدث عن الحكم المدني الذي يعني الديمقراطية، ولكنها أي الأحزاب فاشلة في تطبيق الديمقراطية داخل دورها، وحتى الشعارات التي ترفعها ليست سوى شعارات كاذبة، تتخذها وسيلة لتصلها من خلالها إلى السلطة.
محاولة متكررة:
وفي ذات المنحى يقول الناشط السياسي إسماعيل زكريا إن مشاركة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» في مؤتمر القاهرة ليست سوى محاولة متكررة لاستعادة بريق السلطة الذي فقدته وتحاول استعادته عبر المشاركة في أي منبر، مبدياً دهشته إيزاء مشاركة «تقدم» في هذا المنبر رغم ضلوعها في هذه الحرب باعتبارها الجناح السياسي والقوى المساندة والداعمة لميليشيا آل دقلو المتمردة، وأكد زكريا في حديثه للكرامة أن هذه المحاولات لن تنطلي على فطنة الشعب السوداني الذي كشفت له هذه الحرب حقيقة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» التي كان يفترض أن تحقق أهداف ومقاصد ثورة ديسمبر ولكنها انشغلت بمصالح ذاتية وخدمة أجندات خارجية.
تظاهرة للعلاقات العامة:
وقلل الأستاذ علي منصور من مؤتمر القاهرة الذي وصفه بتظاهرة للعلاقات العامة وقد كتب نهايته قبل أن يبدأ من خلال الخلافات حول من يحضر ومن لا يحضر، وقطع منصور بفشل أي مؤتمر يُعقد خارج السودان، متسائلاً عن كيفية إيقاف الحرب في ظل وجود مرارات وأضرار لحقت بالشعب السوداني من قبل الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع ومن يساندها، مؤكداً أن أي مفاوضات لا تتطرق إلى جبر الضرر وإرجاع الحقوق ليست ذات جدوى.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ تبدو تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» غير آبهة بما لحق بالشعب السوداني من انتهاكات وجرائم ارتكبتها ومازالت ترتكبها ميليشيا الدعم السريع، فما يجري على الأرض لا يهم «تقدم» التي تتعاطى ببرود مدهش مع هذه الانتهاكات، وتسعى بكل ما تملك للعودة إلى الحكم محمولةً على أكتاف هذه المنابر الإقليمية، ولعل ما أعجب له أن «تقدم» تدرك في غرارة نفسها أن الشعب السوداني الغاضب لن يرضى حتى بأن تطأ أقدامها الأراضي السودانية، ناهيك من أن تحكمه، و«الموية تكضب الغطَّاس».