المنوعات

نجيب التركي الروائي والقاص والناقد نجيب التركي يكتب عن ” رواية ” خيط كرم الحرير “

الملف الفني والثقافي ( أشراف بكري المغيره )

التفاف خيط الأمل على ألم الكاتب في رواية(خيط كرة الحرير) لـ “منير طلال”
كتب: نجيب التركي

من محاسن الصدف أن يتم تسليمي رواية (خيط كرة الحرير) الصادرة عن دار عناوين Books، للروائي اليمني “منير طلال” بطبعتها الأولى 2024م، وإنَّني إذ بدأت قراءة السطور الأولى منها، فإذا بي أرحل بعيدًا عن واقعي، متنقّلًا بكامل حريتي من أحضان (الأميرة الهاربة) إلى (كنز السلطان) ثم في بغتة صرت أحد أبطال (بلاد النينجا) غير المرئيين والخارقين، عابرًا (جزر الملوك) لأجد نفسي فجأة في (معبد القراصنة) حيث إنَّني ما زلت منبهرًا بكميّة ما لقيت من الدهشة في سرد الأحداث بهذه السلالة وهذا العُلو من الرفعة في الطرح، حينها وقعت على رأسي عظمة سمكة كبيرة ألقاها عليّ أحد خدم (المعبد) قبل تحريره من قِبل “تشانغ خه” بعد ذلك كله يصل بي المطاف لأن أستقر مؤقتا في (بلاد الشعوب الحرة) ريثما أجمع أنفاسي جراء السباق الزمني الذي وضعني فيه الكاتب وهو واضع ساقه اليُمنى على اليسرى غير آبه بسلبه لحريتي في المضي قدمًا لإكمال الرحلة دون توقف يذكر.

العتبات:
بداية بالعنوان المكوّن من ثلاث كلمات، كلّ كلمة فيه مرتبطة بالأخرى ولا يمكن لأيّ متفلسف أن يفصل بينهما محاولًا فرض وجهة نظره على الكاتب بقوله: “ماذا لو؟” تحت العنوان مباشرة كتابة باللغة الصينيّة؛ للدلالة على أنَّ الأحداث الدائرة إنَّما هي في الصين ووسط بحرها، أسفل الغلاف رجل صينيّ معتز بزيه التقليديّ الذي توارثه عن الأجداد رافضًا خلعه رغم كلّ المغريات، كما أن البيئة الظاهرة أعلى وخلف العنوان والكتاب توحي بأن ذلك البلد ساحر بكلّ ما فيه من مبانٍ ومدنٍ وبحار وجبال وأناس ومعابد، ودور وأساطير قد لا نستطيع رؤيتها بعين الحقيقة إلَّا إذا قرأنا تقاسيم هذه الرواية.

الإهداء:
لم يعد الإهداء محصورًا على شخص بعينه، أو لفئة دون أخرى، وهنا “منير” أهدى روايته إلى كلّ شعوب العالم (المتطلعة للحرية) بمعنى أن هناك أناسًا رغم رؤيتهم للنور إلَّا أنهم يفضلون الظلام عليه، عاكفون في عبوديتهم وذلّهم، ذاكرًا ومذكّرًا لهم أن خيط كرة الحرير هو من سيحررنا من التعبية؛ لِنُصبح أحرارًا، وهذا ما أتفق عليه ومعه، مُقسمًا بروح الأجداد بأن ألتزم بما اتفقنا عليه!

اللغة:
في هذه الرواية لم تكن اللغة مقعرة أو خشبية، بل على العكس من ذلك تمامًا، كانت لغة سهلة خالية من التكلف اللغوي والانحناءات المركبة التي تلوي عنق اللغة وتجعل من القارئ باحثًا عن معنى لتلك الكلمة أو تلك الجملة التي لايستسيغها، وتثير فيه الفضول لفتح معاجم وقواميس اللغة، وهذا بالطبع يحتاج إلى الوقت والجهد معًا، لا غبار على لغة الرواية القريبة من شغاف القلب على الرغم من أنها سارت في مساق واحد.

مشكلة
في بعض مفاصل الرواية كان هناك ما يشبه التقرير وهذا شيء مزعج بالنسبة للقارئ، كما أن هناك بعض العرض للمعلومات التاريخية عن بعض الأماكن والأشياء، كما أن تقسيم الرواية إلى أكثر من خمسين قسم مرهق، وأنا هنا لا أنكر أنه عمل جبّار من قِبل الروائي غير أن سلاسة الوصف وضيق الوقت بالنسبة لي لا يتفقان.

محاولة
من خلال قراءتي لهذه الرواية حاولت أن أشير بالقلم الرصاص على جملة ملفتة، كلمة لم أقرأها من قبل، ما وجدت شيئًا من ذلك، ربما تكمن المشكلة في ملاحقتي لكلّ ما له علاقة بالجديد وغير المطروق.

قول يحتمل التعديل
الرواية أشبه ما تكون بالسيرية لإنسان يروي مغامراته عبر البحر فوق أسطول يمخر عباب الماء باحثًا عن الأمل والسعادة، والسلام والحرية، وكم راودتني فكرة أن كتابة هذه الرواية أتت على ما يبدو من النهج ذاتها التي تكتب به قصص الأطفال، وما ينفي قولي أنها كتبت بقلمٍ عارف ومستبطن.
السؤال المُلحّ: ما الحاجة التي استدعت منه أن يكتبها بهذه الطريقة؟

الشيء الأساسي
من بداية الرواية كان الحديث عن البحّار المسافر عبر الأسطول، من ثم تم التطرق إلى اسم ورد ذكره في الرواية كثيرًا (تشانغ خه) وصار محورها والعلم الذي يهتدى به، وكان الحامي والمدافع والمتسامح والراغب أشدّ الرغبة في التسامح واحترام الآخر (التعايش) وما كان بناؤه لمعابد البوذيين في أكثر من دولة، ولمساجد للمسلمين إلّا دليلًا كافيًا على أن الرواية صبت جلّ اهتمامها لإنجازات هذا القائد وتنقّلاته، وكقارئ أرغب في قراءة المختلف، ولا أنسى خلال قراءتي البحث عن الدهشة، عن الجديد فيما يخص عالم الرواية اللامتناهي

افادنا بذالك الاستاذ الكاتب والاعلامي إمجد فايد العبسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى