الأخبار

قادة نظام البشير وسر التحول من المؤتمر الوطني إلى مساندة الدعم السريع

بدوافع وأسباب مختلفة، اختار عدد من قادة نظام الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، مساندة قوات الدعم السريع، خلال الحرب الحالية، في حين أعلن المؤتمر الوطني، حزب النظام السابق، مساندة الجيش، مما أوجد تساؤلات عن تباين المواقف وتأثيرها على الصراع الحالي.

وحتى الأسابيع الماضية، أعلن عدد من منسوبي الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، الانضمام إلى قوات الدعم السريع، في حين أعلن ضابط برتبة العميد يدعى عمر حمدان، الاثنين، الانسلاخ من الجيش والانضمام إلى القوة التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”.

وفي أبريل الماضي، أعلنت الحركة الإسلامية، المرجعية الدينية لنظام البشير، في بيان، فصل نائب أمينها العام، حسبو محمد عبد الرحمن، “بعد أن ثبت انحرافه عن مبادئ وأهداف الحركة، وانضمامه لميليشيا الدعم السريع المتمردة”.

وتولى عبد الرحمن مناصب عليا في عهد النظام السابق، إذ كان نائبا لرئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول، ونائبا لرئيس الجمهورية السابق، عمر البشير.

وعقب سقوط النظام في 2019، جرى اعتقال عبد الرحمن، مع البشير وعدد من رموز نظامه، ومكث في السجن أكثر من عام، قبل أن يتم إطلاق سراحه، دونا عن المعتقلين معه.

وقبل يومين، تداول ناشطون على نطاق واسع، معلومات عن تعيين عبد الرحمن مستشارا لقائد قوات الدعم السريع، لكن الناطق باسمها نفى صحة تلك المعلومات.

وتشير تقارير بصحف سودانية محلية، إلى أن الناطق باسم قوات الدعم السريع، الفاتح قرشي، كان أحد أبرز قادة قطاع الشباب والطلاب في حزب المؤتمر الوطني.

في حين ضمّ المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، الذي جرى تأسيسه بعد اندلاع الحرب، عددا من قادة وأعضاء الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، أبرزهم المستشار الباشا طبيق.

كما أعلن عدد من العناصر الشبابية والطلابية في الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، مواقف مساندة لقوات الدعم السريع، بينما انضم آخرون إليها فعليا، مثل الصحفي إبراهيم بقال سراج، والناشط عبد المنعم الربيع.

مع اندلاع صراع مدمر في السودان العام الماضي، سعى الخصمان المتحاربان في البلاد للحصول على الدعم من الخارج في محاولة من كل طرف لحسم الصراع لصالحه.
ويرى المحلل السياسي، محمد حامد جمعة، أن بعض الذين اختاروا مساندة أو الانضمام إلى قوات الدعم السريع، خلال الحرب الحالية، رأوا أن المشروع الذي تطرحه قوات الدعم السريع يتوافق مع رؤيتهم.

وقال جمعة لموقع الحرة، إن “بعض القادة وعددا من العناصر غادروا الحركة الإسلامية، وانضموا لقوات الدعم السريع، بدوافع قبلية ومناطقية وجهوية”، إذ ينتمي كثيرون منهم إلى دارفور.

وينتمى معظم مسلحي قوات الدعم السريع إلى القبائل العربية التي تسكن دارفور، بما في ذلك “حميدتي”، الذي ينحدر من قبيلة الرزيقات، التي ينتمي إليها حسبو عبد الرحمن.

وأشار المحلل السياسي إلى أن بعض المجموعات التي تركت الحركة الإسلامية وساندت قوات الدعم السريع، ترى أنها تعرضت للإقصاء وحُرمت من شغل مناصب قيادية داخل الحركة أو في حكومة النظام السابق، ولذلك رأت أن مشروع الدعم السريع ربما يحقق لها بعض أهدافها”.

وتأسست قوات الدعم السريع في العام 2013، بعد انبثاقها عن ميليشيا الجنجويد المتهمة بارتكاب جرائم وانتهاكات في دارفور، تسببت في صدور مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية ضد البشير وعدد من رموز نظامه، وفق رويترز.

في المقابل، يشير الباحث في الشأن السوداني، عمار صديق إسماعيل، إلى أن المجموعات التي انضمت إلى قوات الدعم السريع، من الحركة الإسلامية، آمنت بعدالة قضية الدعم السريع، وبالرؤية التي تطرحها.

وقال إسماعيل لموقع الحرة، إن “الحديث عن دوافع قبلية أو جهورية أو مناطقية دفعت تلك المجموعات إلى قوات الدعم السريع، لا يبدو منطقيا، أو معقولا، بدليل أن منسوبين لمعظم الأطياف السياسية والفكرية بالسودان انضموا للدعم السريع”.

وأشار الباحث في الشأن السوداني، إلى أن قوات الدعم السريع تتبنى قضية العدالة الاجتماعية ورفع الظلم عن الأقاليم المهمشة والمظلومة، وتنادي بإنصاف كل السودانيين، وعدم حصر الامتيازات على جهات أو مكونات بيعنها، مما أغرى كثيرين لمساندتها”.

ولفت إلى أن بعض المناصرين لقوات الدعم السريع اختاروا مساندة الجيش، بما في ذلك بعض الذين ينتمون جغرافيا وقبليا إلى دارفور.

وأضاف: “من ينظر إلى كابينة القيادة الميدانية لقوات الدعم سيجد أنها تضم العمدة أبو شوتال وهو من أقليم النيل الأزرق بجنوب شرق السودان، وسيجد أبو عاقلة كيكل وهو من سهل البطانة في وسط السودان، وكذلك سيجد عبد الرحمن البيشي، وهو من وسط السودان، مما ينفي صفة المناطقية والقبلية عن قوات الدعم السريع”.

وعندما اندلعت الاحتجاجات في ديسمبر 2018 للمطالبة بسقوط نظام البشير، اختار قائد قوات الدعم السريع، الانضمام إلى قرار الجيش، إذ تلا وزير الدفاع وقتها، عوض ابن عوف، بيانا أطاح نظام البشير.

في محاولة جديدة لإنهاء حرب السودان، أعلن الاتحاد الأفريقي عن حوار بين عدد من المكونات السياسية السودانية، بغية التوصل إلى مسار يؤسس لوقف القتال وإطلاق عملية سياسية تعيد البلاد إلى مسار الاستقرار.
وبدوره، يرى المحلل السياسي، الجميل الفاضل، أن انسلاخ بعض القادة من الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، وانضمامهم للدعم السريع، يحاكي ما حدث داخل الحركة في سنوات سابقة، لافتا إلى أن “خلافات الحركة دائما ما تتحول إلى صراع دموي”.

وقال الفاضل لموقع الحرة، إن “انشقاق نائب الأمين العام للحركة الإسلامية، حسبو محمد عبد الرحمن، وانضمامه لقوات الدعم السريع، وفق ما ذكره بيان رسمي للحركة الإسلامية نفسها، يدلل على وجود صراع بينه والأمين العام للحركة، على كرتي”.

وتتهم أحزاب سودانية كرتي بالضلوع في إشعال الحرب، وتقول إنه المشرف على ضباط الحركة الإسلامية داخل الجيش، بينما فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه “لدوره في تقويض السلام والأمن والاستقرار في السودان”.

ولفت المحلل السياسي، إلى أن “الصراع الحالي بين حسبو وكرتي يشابه الصراع الذي حدث بين الرئيس السابق عمر البشير، والأمين العام للحركة الإسلامية الأسبق، الراحل حسن الترابي، في 1999”.

وأضاف أن “الصراع بين الترابي والبشير قاد لاصطفاف جهوي وقبلي داخل الحركة الإسلامية، وتحوّل إلى حرب طاحنة في دارفور، عام 2003، أدت لمقتل أكثر من 350 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة”.

وأردف قائلا “بمثلما تحوّل خلاف البشير والترابي إلى حرب طاحنة، تسبب خلاف كرتي وحسبو في الحرب التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023. وفي كلا الحالتين دفع الشعب السوداني الثمن باهظا”.

ومضى قائلا: “التجربة تتكرر بتماثل شديد بين الحالتين، إذ دائما ما تتخذ صراعات الحركة الإسلامية طابعا جهويا ودمويا عنيفا”.

ويعود جمعة مشيرا إلى أن “المرارات الشخصية لدى بعض الذين غادروا الحركة الإسلامية إلى قوات الدعم السريع، ربما تحول دون تحقيق السلام، إذ يتبنى بعض هؤلاء مواقف متشددة بشأن التفاوض”.

وأضاف “أتوقع أن يصر هؤلاء على المواجهة والاستمرار في الحرب حتى النهاية، لضمان تأسيس رؤيتهم الجديدة، التي تتوافق مع أطروحة الدعم السريع”.

ويتفق الفاضل مع جمعة في هذا الجانب، منوها إلى أن “الحرب يمكن أن تتوقف إذا حدث تقارب وتوافق بين قادة الحركة الإسلامية، الذين حولوا صراعاتهم داخل التنظيم، وصراعهم مع الدعم السريع إلى حرب مدمرة تأذى منها ملايين السودانيين”.

وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخص وإصابة آلاف آخرين، بينما تقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نحو نصف سكان السودان، بحاجة إلى مساعدات، وإن المجاعة تلوح في الأفق.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، في يونيو الماضي، إن عدد النازحين داخليا في السودان وصل إلى أكثر من 10 ملايين شخص.

وأوضحت المنظمة أن العدد يشمل 2.83 مليون شخص نزحوا من منازلهم قبل بدء الحرب الحالية، بسبب الصراعات المحلية المتعددة التي حدثت في السنوات الأخيرة.

وأشارت المنظمة الأممية إلى أن أكثر من مليوني شخص آخرين لجأوا إلى الخارج، معظمهم إلى تشاد وجنوب السودان ومصر.

ويعني عدد اللاجئين خارجيا، والنازحين داخليا، أن أكثر من ربع سكان السودان، البالغ عددهم 47 مليون نسمة، نزحوا من ديارهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى