الأعمدة

ثرثرة حول ظلال الراحلين علي المك وابو داؤد

الجزء الثاني

اواصل معكم ما انقطع من حديث لسيرة عطرة ابطالها حضور وهم غياب .. غياب وهم حضور معنا
نعم والله حضور بقوة انشاد ابو داؤد وروعة قصة المك القصيرة الممتعة المشبعة وتطريب ابو داؤد والكبريتة وعرس الحقيبة وجمال المك في الالقاء والخطابة ودرر الكتابة والتمكن اللغوي وثرثرة وحديث في حبهم
( ان لم نقله أوشك الصمت حولنا ان يقوله)
حديث وثرثرة في المدنية وهي من تراب وكلنا يوم اليك يا تراب حضور
أطال الله في اعماركم
رحلوا عنا وسكنوا الدواخل وها انا وصحبتكم الكريمة نتنفس شئ من عبق ذاك الابداع في موسيقي سامية الإيقاع واي إيقاع هو ? !
موسيقي الكلمة والقصة السحاب .. والأدب والقصيدة وفخامة الالقاء وجمال المفردة وعزوبة اللحن
ويتردد النسيم عامل استمحان
المك وابو داؤد طيب الله ثراهم وجمعنا بهم جميعا في علا الجنان آمين يا الله يا الله.
وهنا يحضر المك بقوة شجن الكلمة ويكتب في رائعته حمي الدريس :
ونقراء
يتحدثون عن المصادفة كما اعتاد الشعراء نبش العصافير في قبورها كل عصفور.. وسقط عصفور ميت ..
هل رأيت الاحمرار في عينها !!
اذاك شئ جميل !!
وينتبه ابو داؤد لمفردة “الاحمرار في عينها” ويرحل الي ديار الخليل ويترنم:
صبغ الخدين حمرة
بعد ساعة تشوف صفرة
الاصفرار دا كتير
اخجلوك يا امير
( آخ _ جلوك يا امير)
ولا نمت نهار !!
فلق الصباح .. اهو نورك لاح.
في اقونته الامدرمانية مدينة من تراب يكتب بروفسر علي المك ونقراء:
الجنة التي انشدها هي تلك الجنة التي انبتت مدينة من تراب
ويهمس ابو داؤد في أذن المك بصوت شجئ
نادوا لينا البنا
يبني لينا الجنة
يبني طوبة حب
ويرمي مونة محنة .
قيثارة برعي وصياغة عبد المنعم عبد الحي لهم جميعا حسن الثواب آمين يا الله
يقول بروفسر المك :
اعشق الحقيبة كعشقي لامدرمان واعشق المريخ كعشقي لكرومة
ابو داؤد وبالفعل كأن رفيق دربه ابو داؤد لا يطيب له يوم دون التحدث لعلي المك والتفاكر في جديد الأعمال وصياغة أعمال الحقيبة القديمة وكيفية إخراجها بالموسيقي بعباءة أبو داؤد وكان علي المك هو مايسترو تلك الورش والبروفات إضافة لذلك كان هو من ينتقي اي من الأعمال تكون الفرح القادم لشعب الخليل كانت للبروفسر لمسة في معظم الأعمال التي رأت النور آنذاك ومازالت ساطعة الي يومنا هذا ..
اذكره وانا في الثانوية العامة ياتي من جامعة الخرطوم لمنزلنا المتواضع ببحري حي الدناقلة شمال هو البيت الذي بناه ابو داؤد ومازلنا قاطنيه حتي كتابة هذه السطور .. اعرف قدوم البروفسور من صوت ماكينة سيارته المتميز تلك العربة الفولفو السماوية اللون الفاخرة .. واسمع طرقا علي الباب تصحبه دندنة اعرفها جيدا ..دندنة لم تغب ابدا عن مسامعي الي الان نعم والله ..
كان بروفسر المك يعشق هذه الكلمات
خمرة هواك يامي
صافية وجلية
هي اللاعبة بالالباب
ما البابلية ?
رائعة الحاضر الغائب العمرابي .. وكان يدندن أيضا بدرة ود البنا والحان الكروان كرومة
نسايم الليل
نسايم الليل زيديني
بالشذى والطيب عوديني
زاد الشوق
لى يهون امتي وصاله.
ورحلوا جميعا وهم حضور
نعم احبتي حضور بقوة الكلمة وصدق التعبير وشجئ اللحن وجمال الاندياح المباح بعيدا عن ..
( رصصني بي مسدسك والكونكا ) وتسقط مدينة كييف الأوكرانية
كما سقطت المفردة السودانية
وضاع اللحن واصبنا في مقتل الادب واي مقتل هو !!
وتتواصل الثرثرة حول ظلال هؤلاء القمم الشوامخ القابعين في اعماق أعماقنا ما حيينا وبقينا علي ظهر هذه الفانية.
ترجم لنا بروفسر علي المك بعض من حياة الشعوب وحضاراتهم فنها وادبها بأسلوب رفيع سلس بسيط..
حدثنا عن جمال الفنون وروعة الأدب الغربي من شكسبير الي هاملت مرورا بأغاني الزنوج والأمريكان نقروز وهات يا زمن يرحل المك ويندثر أدب النقروز ويتحول الوطن الآمن والأدب والقصيد الي عصابات نقروز وتسعة طويلة .. وجيب كل احزانك تعال جيب المحن
كتب بروفسر المك عن الموسيقي الكلاسيكية التي كان يعشقها كل العشق.. من موسيقى يوهانس برامس الي سيمفونيات موزارت وبتهوفن
كنت لا أعي كثيرا في ذاك الزمان كل ما اقرأه للبروفسر لكنني كنت أقرأه علي اية حال كان بي شغف لكل إصدار له.
الهمني هذا الملك الملائكي الحب للغة الانجليزية وللادب الإنجليزي في عمر مبكر ومازال كنت أستمتع بالقليل الذي يجود به فهمي اضافة الي حبي الفائق وصفه لهذا المك المتفرد وبالفعل تبلور عشقي للمغفور له في تحديد مساري الأكاديمي بدراسة الإعلام والتخصص في ادب وتراث وفلكلور وموسيقى الرجل الأسود ولم لا !! وانا ابن السواد الأعظم كما كان يحلو للبروفسر ان يسمي رفيق دربه ابو داؤد .
ويرحل بنا الغائب الحاضر علي المك
من الكلاسيكية الي إيقاعات الفالس والمامبو والمارش مرورا بالرومبا والسامبا ..وكتب وحدث وقرانا وسمعنا وعشقنا .. وما أجمل ما قرأنا وما ابلغ ما سمعنا وما اروع من عشقنا .. من روعة الأدب الغربي الي جمال الحقيبة العجيبة ويحدثنا المك عن الخليل لشعب الخليل واي جمال حديث هو !
ويلتقي مع ابو داؤد في رائعة الخليل
جسمي المنحول
براه جفاك .. (براهو جفاك )
(اراهو جفاك)
يامليح الزي
كيف ليك وصول
يالسكونك فوق لسهيل وثري
يترنم ابو داؤد وتصيبنا حمي الطرب
واقف هنا والقاكم اذا في العمر بقية في الجزء الثالث والأخير
إحترامي والتجلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى