الأعمدة

الدمج ليس (سلق بيض) يا سعادة القائد العام !

طالعت اليوم مقالا اتسم بالحكمة و الصراحة والحصافة للزميل الصحفي الرزين الاستاذ طاهر المعتصم ..ربما عبر فيه بأمانة وصدق عن كل مايجيش في دواخل أي صحفي غيور على أمن وسلامة هذا الوطن بل وما يعكس خوف اي مواطن على ظهر هذه البلاد المسالمة محذرا من شرور انفلات عقال السلاح الذي بات اصبع التهور فيه قريبا من زناد اللسان المشتعل في فضاءات هي ليست المكان الأمثل لطرح الأمور العسكرية الحساسة إلى درجة أن تجعل قائد الجيش شخصيا أو اي قيادي عسكري اخر في سدة السلطة ينفعل بالحديث خلال تلك المناسبات الاجتماعية او الملمات الجماهيرية في تناول مثل تلك الأمور ذات البعد الاستراتيجي البالغ الدقة بما يحتم أن يكون مكان مناقشتها داخل ثكنات القوات النظامية مثلما ذكر الزميل طاهر ونصح بأن يكون طرحها في أضيق نطاق لدراسة كيفية تطبيق و تنفيذ الاتفاقات المبرمة بين الأطراف المختلفة حولها حيث من المعلوم أن اتفاق جوبا قد نص على الدمج الكامل أو التسريح وفقا للتدقيق المطلوب لقوات الحركات المسلحة مثلما أمن الاتفاق الإطاري على إدماج قوات الدعم السريع في الجيش القومي وهو الأمر الذي وقع عليه قادة الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة كل في موضعه..
انتهى التلخيص غير الحرفي طبعا لمقال الاخ طاهر مشكورا .
و انا هنا اضيف أن الكل يعلم ما هي طبيعة المعوقات التي حالت دون اكمال عمليات الدمج بالصورة المثلى وان كانت قد بدأت جزئيا في النيل الازرق و بصورة أقل في دارفور و لعل معيقات ذلك الدمج تتلخص في عوامل تمويلية في أغلبها و كان من الممكن أن تكون قد انفتحت صنابيرها من الدول المانحة التي تعهدت بذلك الدعم لولا الأنقلاب الذي تورط فيه اولئك القادة العسكريون و المليشياويون دون استثناء ليجدوا أنفسهم عاجزين عن المضي فيه بالقدر الذي عطل دولاب الدولة واعاد البلاد إلى مرحلة العزلة التي لاح بريق انفراجها رغم ضعف حكومتي الفترة الانتقالية وكثرة العراقيل التي واجهتها من كل حدب وصوب !
فالدمج يا سيادة القائد العام المحترم وان توفرت له كل الإمكانات المادية عاجلا أو آجلا فهو ليس مجرد
(سلق بيض) يمكن إنجازه في شهور او حتى سنوات لتجعل منه أنت كعب أخيل أو قميص عثمان كشرط مقابل تنفيذ التزام القوات المسلحة للإتفاق الإطاري !
ولا يمكن أن يكون ذلك الطرح على الهواء مباشرة مقبولا في هذا الظرف الحرج الذي تبحث فيه البلاد عبر التهدئة وليس الإثارة عن مخرج عاجل يعيد هيبة الدولة وصلاحيات اجهزتها التنفيذية و يضمن للسلطة توازنها و يوسع من بوابات إطلالتها على الإقليم المحيط والعالم كله .. بدلا عن رمي صخور المزايدات التي تسد الطرق أمام الحلول التي تلوح في الأفق القريب.
وهو ما يخلق نوعا من التلكؤ دون شك سيخدم مصالح اعداء التغيير و المستهدفين إعاقة اكمال مسيرة واهداف ثورة الشعب التي ثمنها الدماء والدموع والتضحيات الأكبر من كل مصالح الأفراد و الأغلى عن كافة احلام التنظيمات صاحبة الغرض الضيق !
والله من وراء القصد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى