بعد أن تغذَّوا على أوراق ولحاء الأشجار،، تدشين مبادرة مطابخ النفير لإطعام الأطفال بكادقلي..
تغطية حاجة 1500 طفل للطعام في اليوم الأول بكادقلي..
تفاعل واحتفاء من المواطنين وسط دعوات بإيصال المساعدات..
رسالة للحكومة والحركة الشعبية برفع الحصار المضروب لأكثر من عام..
أردول: ندعو إلى فتح المسارات فوراً لإغاثة المواطنين المتضررين..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو.
انطلقت بمدينة كادقلي حاضرة ولاية جنوب كردفان، مبادرة مطابخ النفير ( إطعام ) لتخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين المحاصرين والعالقين في منطقة جبال النوبة، منذ شهر مايو من العام ٢٠٢٣م أي بعد شهر من اندلاع الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع المتمردة في العاصمة الخرطوم، وتستهدف مبادرة مطابخ النفير ( إطعام )، تقديم وجبة من الطعام لعدد ١٥٠٠ طفل بالقطاع الشمالي، إضافة إلى العجزة والمسنين بمدينة كادقلي التي تم تقسيمها إلى أربعة قطاعات لتسهيل عمل مطابخ الإطعام، وتوزيع المواد التموينية التي تشمل الاحتياجات الأساسية المتمثلة في ( السكر والدقيق والزيوت والأرز) لبعض الأسر من نازحي الداخل الذين تفيض بهم المدارس والدُور المختلفة.
حصار ومعاناة:
وتقاسي ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة لأكثر من عام من أوجاع ومرارة العُزلة القسرية المضروبة عليها، جراء قطع الطريق الرئيس كادقلي، الدلنج، الأبيض والذي يربط ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة ببقية بقاع السودان، حيث ظلت المنطقة منذ مايو من العام ٢٠٢٣م تتنفس تحت الماء، وتأكل مِن ما تبقى من سنامها، حتى أكلت كل السنام، وبدأت تقتات من ورق ولحاء الأشجار، في صورة تعكس مدى تردي أحوال المواطنين الذين اُنتهكت إنسانيتُهم، وهم يتحملون الكثير من الأذى والابتلاء في الأموال والأنفس والثمرات.
أسئلة حيرى:
ما الذي يجري في جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة؟ ومن يقف وراء هذه المعاناة؟ ومتى تنتهي؟ ولماذا يلوذ الجميع بالصمت؟ أسئلة كثيرة تصدع رأس المواطن الحائر، دون أن يتحصل على إجابة واحدة تشفي غليله، فيقع فريسة لسهام تحليلات وتكهنات وافتراضات لا تخلو من أجندة وغرض، ولا تزيد المواطن إلا وهناً على وهن، وسخطاً على سخط، فعلى من تقع مسؤولية هذا الحصار المفروض على إنسان المنطقة؟ الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، ترفض الاتهام الموجه إليها! والحكومة تصمت في وجه النقد المصوَّب إليها بضعف تعاطيها مع قضية العزلة المضروبة على ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة!
مسؤولية وانتماء:
وإزاء هذه المعاناة تحرك أبناء المنطقة بضمير المسؤولية وإحساس الانتماء بعد أن فقدوا الأمل في نُصرة الحكومة المركزية التي ما انفكت تغضُّ الطرف عن ما يقاسيه المواطنون المحاصرون، وتتلبَّثُ في سبات أهل الكهف، فكانت المبادرات المجتمعية الداعمة للمواطنين ومنها مبادرة مطابخ النفير ( إطعام ) لتخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين المحاصرين والعالقين في ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة، والتي انطلقت بمدينة كادقلي وسط احتفاء شعبي كبير بها لما تمثله من طوق نجاة للكثيرين بإمكانية قهر المستحيل وإيقاد شموع للأمل في وجه رياح الحصار والعُزلة القسرية على مواطنين أبرياء وعزل، زادهم الحصار معاناة على معاناة ظلوا يقاسونها منذ العام ١٩٨٣م عند اندلاع التمرد الذي ألقى بظلاله السلبية على حياة الناس بتداعياته الأمنية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية.
إسناد نخبوي:
ويؤكد وكيل أمير إمارة كادقلي دكتور فخر الدين أحمد شداد، رئيس فرعية مبادرة مطابخ النفير ( إطعام ) بمدينة كادقلي، أن المبادرة تأتي بغرض تخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين المحاصرين والعالقين في ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة، وقد بدأت بفكرة من مجموعة خيرة من أبناء المنطقة المهمومين بمعاناة أهلهم وذويهم جراء الحصار والعزلة القسرية، بقيادة الأخ مبارك أردول، حيث تحركوا عبر منصات التواصل الاجتماعي واستطاعوا أن يستنفروا أبناء المنطقة الذين تدافعوا خفافاً وثقالا وقدموا مساهمات مالية كانت بمثابة الزاد الحقيقي لانطلاقة المبادرة وتدشينها في مدينة كادقلي وستليها مدينة الدلنج، وثمن دكتور فخري الدين شداد في حديثه للكرامة مواقف أبناء المنطقة الذين ساندوا هذه المبادرة وساهموا في إنقاذ أهلهم وذويهم من الجوع والمسغبة بمحاولة إطعامهم بالخبز واللحم، بعد أن كان بعضهم يأكل لحاء الأشجار، حتى أصيبوا بسوء التغذية والأمراض المرتبطة بها والتي قال إنها بدأت تفتك بالناس جراء الحصار.
رسالة سياسية:
ويقول مقرر فرعية مبادرة مطابخ النفير ( إطعام ) بمدينة كادقلي الإعلامي الأستاذ قادم بُلُك نمر إن المبادرة تستهدف مناصرة المواطنين المحاصرين والعالقين في ولاية جنوب كردفان- إقليم جبال النوبة، ومحاولة إغاثتهم وإرسال رسالة إلى المعنيين بالأمر في الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بضرورة التحرك لكسر الحصار المفروض على المنطقة لأكثر من عام، ودعا قادم في حديثه للكرامة الخيريين من أبناء جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة بالداخل وبدول المهجر إلى دعم وإسناد المبادرة وتقديم ما يمكن تقديمه مبيناً ان الوضع على الأرض صعب جداً ويحتاج لتضافر الجميع، بما في ذلك رجال البر والإحسان والخيريين من أبناء السودان كافة.
حاجة ملحة للطعام:
وأعرب المواطن الشيخ عبدالله كافي من حي مُرْتَا شمال كادقلي عن شكره وتقديره للحملة والتي استطاعت أن توفر وجبة للأطفال في المنطقة، وقال في حديثه للكرامة ” كنا في أشد الحاجة لهذه الوجبة لأننا أكلنا صفق الاشجار والحشائش الخضراء المعروفة محلياً باسم ( خديجة كيري )، وذلك نتيجة الحصار المضروب على أهلنا”، وأكد الشيخ عبد الله أن الحصار على مدينة كادقلي لن يزيد أهلها إلا قوة وعزيمة وإصراراً على تخطي الصعاب.
استنكار الحصار:
واستنكر المواطن الأمين عمر من سكان مُرْتَا شمال كادقلي، الحصار على المدينة، وقال في حديثه للكرامة إن العزلة التي عاشتها كادقلي قد فاقمت من تردي أوضاع المواطنين بالمدينة خاصة الأطفال، ولفت الانتباه إلى الجوع الذي ضرب مدينة كادقلي التي قال إن الكثير من سكانها اعتمدوا علي غذائهم في صفق الأشجار والحشائش، مناشداً بفتح الطريق لوصول المساعدات الإنسانية لتخفيف المعاناة عن كاهل سكان المدينة.
أردول مغرداً:
واحتفى مبارك أردول بانطلاق مبادرة مطابخ النفير ( إطعام ) بمدينة كادقلي، وامتدح في تدوينة له على صفحته على منصة فسيبوك حماس شباب المبادرة في مدينة كادقلي بقيادة وكيل ناظر كادقلي دكتور فخر الدين أحمد شداد الذي ظل يوزع الوجبات بنفسه في مراكز الإطعام، وشدد أردول على ضرورة فتح المسارات وإيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري لإغاثة المواطنين المحاصرين في ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ هي صرخة إنسانية أطلقها المجتمع المحلي في ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة عسى ولعل أن تجد لها أذناً مصغية سواءً في الحكومة السودانية أو الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، لكسر العزلة وفك الحصار لتعود البسمة تعلو وجوه المواطنين، فيعودوا لممارسة حياتهم العادية في الزراعة والرعي والتجارة. ويستشعروا قيمتهم الإنسانية كمواطنين سودانيين لهم حق الحياة والعيش الكريم.